أمام المرآة...

د. سناء أبو شرار - الأردن العلاقات أيضاً دورة حياة، تُولد، وتكبر ثم تذبل وتموت وهذه هي العلاقات الطبيعية، ولكن هناك علاقات تدمر قبل أن تموت، وتقتل قبل أن ترحل، فأشد ما يجب الحذر منه هو ما يُسمى علاقات لأنها كالرمال المتحركة قبل أن تدرك إلى أين ستغرق بك يكون قد تأخر الوقت.  إن لم تتذوق عذوبة الوحدة سوف تحيا دائماً في مرارة الصحبة مع الآخرين. فالوحدة ليست فقط الرابط الوحيد بينك وبين نفسك الدفينة بل هي أيضاً المرشد الوحيد إلى طرق السعادة.  إن كنت تعتقد أن السعادة امرأة، أو إن كنت تعتقدين أن السعادة رجل، فهي سعادة مؤقتة ولا تلبث أن تبهت وربما تترك ندوب عميقة، السعادة الحقيقية هي معرفة أن كل ما بهذا الوجود إلى تغير وتبدل ثم إلى فناء وأن التعلق بالله تعالى هي ذروة السعادة دنيا وآخرة.  الغريب هو أننا لا نتعلق إلا بمن لا يتعلق بنا، ونحب أكثر من لا يركض ورائنا، ونشعر بقيمتنا مع من يتفلت من اهتمامنا، لذلك كان الحكماء هم أشد الناس ابتعادا عمن حولهم ليس استجلاباً لمحبتهم بل سعياً وراء حريتهم. هناك علوم لا يمكن الاستحصال عليها إلا في الصغر، وهي لا توجد في الكتب ولا تعلمها الكتب، ومنها علم الكرامة وعلم العزة وعلم الانتماء وأن الوطن أغلى من الروح، نعتقد أنها كلمات وصفات ولكنها علوم لا يمكن أن يدرسها إلا الأب والأم، والبيت الذي يفقدها سوف يتخرج منه فاقدي هذه القيم العليا وخائني أوطانهم ثم يتحولون إلى خنجر ينغرس في قلب مجتمعهم.  الحب الحقيقي هو ألا تبقى دائماً وألا تتحدث باستمرار وألا تتوقع الكثير مهما أعطيت فعكس ذلك سيتحول الحب إلى عبء يهرب منه كل من يصادفه. إلى أن تتحول الصخور إلى حفنة رمال ناعمة فلن يتم التوصل إلى فهم الحياة، فالحياة تضع الصخور في طريقك وإن فهمت حقاً سوف تحولها إلى حفنة رمال ناعمة كانت في وقتٍ ما صخرة منيعة فأصبحت شيئاً رقيقاً تحب ملمسه الدافئ وتتآلف معه كأنه جزء منك.  هناك من يختار الحب على الكرامة وهناك من يختار العكس، من اختار الحب على حساب كرامته سوف يفقد كليهما، ومن اختار كرامته على حساب الحب ربما يفقد الحب ولكن لن يفقد أبداً احترامه لنفسه. فالحب معدوم الكرامة يتحول لشيء مر ومُهين ثم لكره بلا حدود. في نهاية كل يوم وحين ننظر لأنفسنا في المرآة، لابد أن نرى شيئاً نحترمه، لابد أن ينعكس على المرآة الرضى لما قلنا وما فعلنا، فأصعب الأشياء ليس أن يقلل الآخرين من شأنك ولكن أن تعلم أنك أدني مما يعتقده الآخرين بك، فأهم العلاقات هي علاقتك مع ذاتك وليس مع الآخر.  أن يكون الإنسان رحيماً هي وسيلة للمحافظة على وجود الرحمة في الحياة، فحين نُصر على إيذاء الرحماء بيننا، سوف يبتعدون وسوف يخافون من رحمتهم التي قد تؤذيهم، فانسحابهم هو تقلص مساحة الرحمة في الوجود، فالرحمة ليست صفة ولكنها فعل وحين تصبح سلبية تتسع مساحة القسوة فانسحاب الرحماء هو سيادة القُساة.

د. سناء أبو شرار - الأردن

العلاقات أيضاً دورة حياة، تُولد، وتكبر ثم تذبل وتموت وهذه هي العلاقات الطبيعية،

ولكن هناك علاقات تدمر قبل أن تموت، وتقتل قبل أن ترحل، فأشد ما يجب الحذر منه هو ما يُسمى علاقات لأنها كالرمال المتحركة قبل أن تدرك إلى أين ستغرق بك يكون قد تأخر الوقت.

إن لم تتذوق عذوبة الوحدة سوف تحيا دائماً في مرارة الصحبة مع الآخرين.

فالوحدة ليست فقط الرابط الوحيد بينك وبين نفسك الدفينة بل هي أيضاً المرشد الوحيد إلى طرق السعادة.

إن كنت تعتقد أن السعادة امرأة، أو إن كنت تعتقدين أن السعادة رجل، فهي سعادة مؤقتة ولا تلبث أن تبهت وربما تترك ندوب عميقة، السعادة الحقيقية هي معرفة أن كل ما بهذا الوجود إلى تغير وتبدل ثم إلى فناء وأن التعلق بالله تعالى هي ذروة السعادة دنيا وآخرة.

الغريب هو أننا لا نتعلق إلا بمن لا يتعلق بنا، ونحب أكثر من لا يركض ورائنا، ونشعر بقيمتنا مع من يتفلت من اهتمامنا، لذلك كان الحكماء هم أشد الناس ابتعادا عمن حولهم ليس استجلاباً لمحبتهم بل سعياً وراء حريتهم.

هناك علوم لا يمكن الاستحصال عليها إلا في الصغر، وهي لا توجد في الكتب ولا تعلمها الكتب، ومنها علم الكرامة وعلم العزة وعلم الانتماء وأن الوطن أغلى من الروح، نعتقد أنها كلمات وصفات ولكنها علوم لا يمكن أن يدرسها إلا الأب والأم، والبيت الذي يفقدها سوف يتخرج منه فاقدي هذه القيم العليا وخائني أوطانهم ثم يتحولون إلى خنجر ينغرس في قلب مجتمعهم.

الحب الحقيقي هو ألا تبقى دائماً وألا تتحدث باستمرار وألا تتوقع الكثير مهما أعطيت فعكس ذلك سيتحول الحب إلى عبء يهرب منه كل من يصادفه.

إلى أن تتحول الصخور إلى حفنة رمال ناعمة فلن يتم التوصل إلى فهم الحياة، فالحياة تضع الصخور في طريقك وإن فهمت حقاً سوف تحولها إلى حفنة رمال ناعمة كانت في وقتٍ ما صخرة منيعة فأصبحت شيئاً رقيقاً تحب ملمسه الدافئ وتتآلف معه كأنه جزء منك.

هناك من يختار الحب على الكرامة وهناك من يختار العكس، من اختار الحب على حساب كرامته سوف يفقد كليهما، ومن اختار كرامته على حساب الحب ربما يفقد الحب ولكن لن يفقد أبداً احترامه لنفسه. فالحب معدوم الكرامة يتحول لشيء مر ومُهين ثم لكره بلا حدود.

في نهاية كل يوم وحين ننظر لأنفسنا في المرآة، لابد أن نرى شيئاً نحترمه، لابد أن ينعكس على المرآة الرضى لما قلنا وما فعلنا، فأصعب الأشياء ليس أن يقلل الآخرين من شأنك ولكن أن تعلم أنك أدني مما يعتقده الآخرين بك، فأهم العلاقات هي علاقتك مع ذاتك وليس مع الآخر.

أن يكون الإنسان رحيماً هي وسيلة للمحافظة على وجود الرحمة في الحياة، فحين نُصر على إيذاء الرحماء بيننا، سوف يبتعدون وسوف يخافون من رحمتهم التي قد تؤذيهم، فانسحابهم هو تقلص مساحة الرحمة في الوجود، فالرحمة ليست صفة ولكنها فعل وحين تصبح سلبية تتسع مساحة القسوة فانسحاب الرحماء هو سيادة القُساة.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman