هل يكفي يوم واحد في السنة للكذب

قمر بن سالم - تونس للكذب وجوه عدة و مبررات شتى..و أقنعة مختلفة الألوان و الأشكال ..و الكذب أنواع و درجات و يحدث حسب حاجة الانسان..اذ أن الدافع القوي للكذب هو "الحاجة" حاجة الذات للحصول على شيء ما..أو لتبرير شيء ما..أو لجلب الانتباه لشيء ما..أو للهروب من واقع ما أم من حقيقة ما..أم من عقاب ما..أو للتفاخر بأمر ما..أو لتغطية سوء ما..أو لايهام الذات بتلبية رغبة متخفية في اللاوعي و ترنو الانعتاق..و الكذب متغلغل في الذات البشرية اذ يولد مع الانسان كما يولد الصدق.و كما يولد الحزن..و كما يولد الفرح..و كما يولد الخير والشر...اذ هو "حقيقة" في حد ذاته رغم أن وظيفته الأساسية هي اخفاء "الحقيقة"'..لكننا لا نستطيع اخفاء حقيقة وجود "الكذب"..  لكن "الكذب" يختلف من انسان الى اخر..فهو يتعاظم و يقل حسب نفسية الشخص و حسب شخصيته..فالانسان العادي و المقصود هنا هو ذلك الشخص الذي يحاول جاهدا أن يمثل صادقا أمام ذاته و أمام الاخرين..و هو ذلك الشخص الذي يقنع نفسه كل يوم بنطق الصدق و أن لا يحتاج الى التغلب عن "الهو" في باطنه لأنه يتمتع بشخصية متوازنة تمكنه من عدم الرضوخ اليها..و قد يبدو أحيانا "غير عادي" بالنسبة لنفسه و للاخرين خاصة في زمن أصبح الكذب فيه "استراتيجيا سوداء" للوصول الى المبتغى..و لكنه رغما عنه يقع في كذبات صغيرة هذه الكذبات التي اتخذ لها اسما لطيفا "الكذبة البيضاء"..بدعوى أنها لا تمس من قيمة الأفراد و لا من خصوصياتهم ولا من حياتهم و لا من مصالحهم و لكنه اتخذها فقط "ليمر بسلام"  و هناك من يكذب فقط ليهرب من أزماته المتكررة..و ليتمكن من تمرير غاياته بكل بساطة –في اعتقاده-و لكنه في عمق العمق يمررها بكل عقده و ضعفه..و يتباه بذاته بأنه المحترف و الذكي..و الذي لا يستسلم ..فتجده تمكن من الوصول الى غاياته كلها مرورا بمحطات متعددة من "الكذب" أولها الكذب عن نفسه..  أما الأكاذيب العظيمة فهي تلك "الأكاذيب القاتلة" و التي تدمر حياة انسان لانسان اخر..تدمرسلاما..تدمر عاطفة..تدمرقلوبا..تدمر عائلات..تدمرأفكارا و معتقدات..تدمر قناعات ..تدمر أخلاقا فقد يصل الانسان الى الشر من خلال "كذبة" كانت قد دمرته..من انسان أشد شرا منه فيصيبه بعدواه بكل وحشية فنرى الشخص المتضرر ضعيفا في الحال أنه منح أذناه و عقله لمن هو أضعف منه شخصية..فتبرز قوة الأول من مدى تأثيره على الثاني و لكنها في النهاية قوة "زائفة"..لأن مصدرها الأول و الوحيد هو "الزيف" أي "الكذب"...ثم ان الكذب من أكثر ما نهى عنه الله في اياته الكريمة و حرمه لأنه هدام مدمر حتى و ان كانت كذبة كنطفة صغيرة داخل يم كبيرفهي قد تدمر احترامك لذاتك رغم عدم علم الاخرين بها..و قد ذكر الله الكذب في اياته و نهى عن أي شكل من أشكاله "ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب"(سورة الغافر)و ذكر الله تعالى"قل للذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون"(سورة يونس)..فالكذب حرام بكل مقاييسه و هو ظلم للاخر في حد ذاته.. قال الله تعالى" و من أظلم ممن افترى على الله الكذب و هو يدعى للاسلام و الله لا يهدي القوم الظاملين" (سورة الصف).-صدق الله العظيم- و العديد من ايات الله الكريمة التي نهى فيها عن لزوم الكذب الذي لا يلزم و قد أكد عليه كثيرا و تتجلى فداحته بقوة اذ ذكره الله عز و جل3 مرات في سورة النحل ..  الا أن الانسان يكذب و أحيانا لا يدري لماذا يكذب و لكنه يكذب...و لكن ما لا يجب أن نتجاهله أو أن ننساه أن الانسان في حد ذاته"كذبة" في مسرح الدنيا..لأن الحقيقة الثابة و الوحيدة هي نهاية الجسد و تعفنه داخل التراب بعد أن عفن عقله و لسانه طيلة حياته بالأكاذيب الباطلة..  و رغم أن الكذب هو نكران حقائق ما أو سببا في شقاء العديد من الناس الا أنه قد يكون سببا في سعادة البعض الاخر و لسنا نقر هنا بأن الكذب صفة حسنة و لكن قد نضطر له رغما عنا رغبة في العيش و في النسيان و في الابتسام..كأن نقنع أجسادنا أننا نتمتع بصحة جيدة تحديا لمرض ما..أو كأن نقنع أطفالنا بقوة شخصيتهم لدحض ضعف كامن داخلهم..أو نكذب لننقذ أمرا ما قد يتسبب بكارثة لا نهاية لها ..فيكتسب الانسان من الضعف قوة تمكنه من الوقوف مجددا..و لكن لا يجب أن نستسلم للكذب فتضحى القوة لدى البعض-ان لم نقل الكثيرين- مصدر جنون الأبهة والعضمة..أو كأن يعتقد الانسان في ذاته أنه شديد الذكاء و يذكرها باستمرار..فهناك فرق بين الذكاء و المكر..فقد يكون الانسان ماكرا و يظن أنه ذكيا فيقع في هذا الكذب الذاتي الذي في حد ذاته ضعفا كبيرا..  و لأن الكذب يسيل سيلانه المتدفق في عروق الانسان و يعيشه كل يوم..لم تكتف شعوب العالم بأعيادها المختلفة نذكر منها "عيد الحب" كوجه مختلف شديد الاختلاف عن "عيد الكذب" فهو نقيضه تماما فمن عيد يعيشه الانسان للتقرب من الاخر و حب الاخر و عدم ايذاء الاخر و تذكر قيمة الاخر -و هو في حد ذاته كذبا لأنه حالما يمر يوم العيد يعود الشخص الى طبيعة طبيعته-..الى عيد يذكره بمدى اقتراف الذنب تجاه "الاخر"..يوم واحد في السنة " الواحد من شهر أفريل" تحتفل فيه شعوب العالم ب"الكذب" و كأنه صفة حسنة نعلمها لأطفالنا "أجيال المستقبل".. و الغريب في الأمر أننا لا نحتفل به لدحضه أو للتركيز على مدى فضاعة هذه المسألة بل بالعكس..يستيقظ البعض منا على فجيعة كبرى لموت قريب أو لحصول أمر غريب يؤلم القلوب و يعمم الفزع و في النهاية هي "كذبة"..و الكاذب في حد ذاته "ذاتا" تتمنى الحدث الصادق و تتوق الى السعادة الصادقة..  الشعوب تكذب كل يوم..و الحياة تشعرك بالأكاذيب كل يوم..فاليوم ليس مثل الغد..و الساعة ليست مثل بقية الساعات و المناخ متغير في كل لحظة..تيتسم لك الشمس..توهمك بيوم مشرق..تضحك كثيرا فتحتل مكانها الغيوم..يطل عليك القمر بجماله و ضياءه و اشراقه..تبتسم له ثم يغيب عنك لساعات و ربما لأيام و شهور..تعيش داخل مجتمع الكبت و القهر و فجأة تدخل في زمن الثورات...و أي ثورات فلم نجن منها سوى"كلمات..ليست كالكلمات"..شعوب تجيء و شعوب تروح ثورة تشتعل و ثورة تخمد..يحيا الانسان من الموت و يموت الانسان في الحياة....أليست كلها "عدمية للحقائق" و هل كلنا مسؤولون عنها...ها أن الانسان يكذب كل يوم..و يساير الأكاذيب كل يوم..و يحتاجها رغما عنه..فهل يكفي يوم واحد في السنة لل"كذب"....

قمر بن سالم - تونس

للكذب وجوه عدة و مبررات شتى..و أقنعة مختلفة الألوان و الأشكال ..و الكذب أنواع و درجات و يحدث حسب حاجة الانسان..اذ أن الدافع القوي للكذب هو "الحاجة" حاجة الذات للحصول على شيء ما..أو لتبرير شيء ما..أو لجلب الانتباه لشيء ما..أو للهروب من واقع ما أم من حقيقة ما..أم من عقاب ما..أو للتفاخر بأمر ما..أو لتغطية سوء ما..أو لايهام الذات بتلبية رغبة متخفية في اللاوعي و ترنو الانعتاق..و الكذب متغلغل في الذات البشرية اذ يولد مع الانسان كما يولد الصدق.و كما يولد الحزن..و كما يولد الفرح..و كما يولد الخير والشر...اذ هو "حقيقة" في حد ذاته رغم أن وظيفته الأساسية هي اخفاء "الحقيقة"'..لكننا لا نستطيع اخفاء حقيقة وجود "الكذب"..

لكن "الكذب" يختلف من انسان الى اخر..فهو يتعاظم و يقل حسب نفسية الشخص و حسب شخصيته..فالانسان العادي و المقصود هنا هو ذلك الشخص الذي يحاول جاهدا أن يمثل صادقا أمام ذاته و أمام الاخرين..و هو ذلك الشخص الذي يقنع نفسه كل يوم بنطق الصدق و أن لا يحتاج الى التغلب عن "الهو" في باطنه لأنه يتمتع بشخصية متوازنة تمكنه من عدم الرضوخ اليها..و قد يبدو أحيانا "غير عادي" بالنسبة لنفسه و للاخرين خاصة في زمن أصبح الكذب فيه "استراتيجيا سوداء" للوصول الى المبتغى..و لكنه رغما عنه يقع في كذبات صغيرة هذه الكذبات التي اتخذ لها اسما لطيفا "الكذبة البيضاء"..بدعوى أنها لا تمس من قيمة الأفراد و لا من خصوصياتهم ولا من حياتهم و لا من مصالحهم و لكنه اتخذها فقط "ليمر بسلام"

و هناك من يكذب فقط ليهرب من أزماته المتكررة..و ليتمكن من تمرير غاياته بكل بساطة –في اعتقاده-و لكنه في عمق العمق يمررها بكل عقده و ضعفه..و يتباه بذاته بأنه المحترف و الذكي..و الذي لا يستسلم ..فتجده تمكن من الوصول الى غاياته كلها مرورا بمحطات متعددة من "الكذب" أولها الكذب عن نفسه..

أما الأكاذيب العظيمة فهي تلك "الأكاذيب القاتلة" و التي تدمر حياة انسان لانسان اخر..تدمرسلاما..تدمر عاطفة..تدمرقلوبا..تدمر عائلات..تدمرأفكارا و معتقدات..تدمر قناعات ..تدمر أخلاقا فقد يصل الانسان الى الشر من خلال "كذبة" كانت قد دمرته..من انسان أشد شرا منه فيصيبه بعدواه بكل وحشية فنرى الشخص المتضرر ضعيفا في الحال أنه منح أذناه و عقله لمن هو أضعف منه شخصية..فتبرز قوة الأول من مدى تأثيره على الثاني و لكنها في النهاية قوة "زائفة"..لأن مصدرها الأول و الوحيد هو "الزيف" أي "الكذب"...ثم ان الكذب من أكثر ما نهى عنه الله في اياته الكريمة و حرمه لأنه هدام مدمر حتى و ان كانت كذبة كنطفة صغيرة داخل يم كبيرفهي قد تدمر احترامك لذاتك رغم عدم علم الاخرين بها..و قد ذكر الله الكذب في اياته و نهى عن أي شكل من أشكاله "ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب"(سورة الغافر)و ذكر الله تعالى"قل للذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون"(سورة يونس)..فالكذب حرام بكل مقاييسه و هو ظلم للاخر في حد ذاته.. قال الله تعالى" و من أظلم ممن افترى على الله الكذب و هو يدعى للاسلام و الله لا يهدي القوم الظاملين" (سورة الصف).-صدق الله العظيم- و العديد من ايات الله الكريمة التي نهى فيها عن لزوم الكذب الذي لا يلزم و قد أكد عليه كثيرا و تتجلى فداحته بقوة اذ ذكره الله عز و جل3 مرات في سورة النحل ..

الا أن الانسان يكذب و أحيانا لا يدري لماذا يكذب و لكنه يكذب...و لكن ما لا يجب أن نتجاهله أو أن ننساه أن الانسان في حد ذاته"كذبة" في مسرح الدنيا..لأن الحقيقة الثابة و الوحيدة هي نهاية الجسد و تعفنه داخل التراب بعد أن عفن عقله و لسانه طيلة حياته بالأكاذيب الباطلة..

و رغم أن الكذب هو نكران حقائق ما أو سببا في شقاء العديد من الناس الا أنه قد يكون سببا في سعادة البعض الاخر و لسنا نقر هنا بأن الكذب صفة حسنة و لكن قد نضطر له رغما عنا رغبة في العيش و في النسيان و في الابتسام..كأن نقنع أجسادنا أننا نتمتع بصحة جيدة تحديا لمرض ما..أو كأن نقنع أطفالنا بقوة شخصيتهم لدحض ضعف كامن داخلهم..أو نكذب لننقذ أمرا ما قد يتسبب بكارثة لا نهاية لها ..فيكتسب الانسان من الضعف قوة تمكنه من الوقوف مجددا..و لكن لا يجب أن نستسلم للكذب فتضحى القوة لدى البعض-ان لم نقل الكثيرين- مصدر جنون الأبهة والعضمة..أو كأن يعتقد الانسان في ذاته أنه شديد الذكاء و يذكرها باستمرار..فهناك فرق بين الذكاء و المكر..فقد يكون الانسان ماكرا و يظن أنه ذكيا فيقع في هذا الكذب الذاتي الذي في حد ذاته ضعفا كبيرا..

و لأن الكذب يسيل سيلانه المتدفق في عروق الانسان و يعيشه كل يوم..لم تكتف شعوب العالم بأعيادها المختلفة نذكر منها "عيد الحب" كوجه مختلف شديد الاختلاف عن "عيد الكذب" فهو نقيضه تماما فمن عيد يعيشه الانسان للتقرب من الاخر و حب الاخر و عدم ايذاء الاخر و تذكر قيمة الاخر -و هو في حد ذاته كذبا لأنه حالما يمر يوم العيد يعود الشخص الى طبيعة طبيعته-..الى عيد يذكره بمدى اقتراف الذنب تجاه "الاخر"..يوم واحد في السنة " الواحد من شهر أفريل" تحتفل فيه شعوب العالم ب"الكذب" و كأنه صفة حسنة نعلمها لأطفالنا "أجيال المستقبل".. و الغريب في الأمر أننا لا نحتفل به لدحضه أو للتركيز على مدى فضاعة هذه المسألة بل بالعكس..يستيقظ البعض منا على فجيعة كبرى لموت قريب أو لحصول أمر غريب يؤلم القلوب و يعمم الفزع و في النهاية هي "كذبة"..و الكاذب في حد ذاته "ذاتا" تتمنى الحدث الصادق و تتوق الى السعادة الصادقة..

الشعوب تكذب كل يوم..و الحياة تشعرك بالأكاذيب كل يوم..فاليوم ليس مثل الغد..و الساعة ليست مثل بقية الساعات و المناخ متغير في كل لحظة..تيتسم لك الشمس..توهمك بيوم مشرق..تضحك كثيرا فتحتل مكانها الغيوم..يطل عليك القمر بجماله و ضياءه و اشراقه..تبتسم له ثم يغيب عنك لساعات و ربما لأيام و شهور..تعيش داخل مجتمع الكبت و القهر و فجأة تدخل في زمن الثورات...و أي ثورات فلم نجن منها سوى"كلمات..ليست كالكلمات"..شعوب تجيء و شعوب تروح ثورة تشتعل و ثورة تخمد..يحيا الانسان من الموت و يموت الانسان في الحياة....أليست كلها "عدمية للحقائق" و هل كلنا مسؤولون عنها...ها أن الانسان يكذب كل يوم..و يساير الأكاذيب كل يوم..و يحتاجها رغما عنه..فهل يكفي يوم واحد في السنة لل"كذب"....

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman