تراجع "غيلان"...و رحلة البحث عن "ميمونة"

قمر بن سالم - تونس إنها "ميمونة"..رمز اليمن والنقاء..و القوقعة والإيمان..و الهدوء...و الرضا بما هو موجود....ذات يوم جاءها "غيلان"..رمز الغليان و الهيجان والحرارة و الانعتاق و الحرق و الاحتراق و التفجر والانفجار..رمز الطموح..رمز الثورة التاريخية قبل الثورة الآنية...  كانت ميمونة..لا تزال تقبع تحت قوقعة "البرقع"..أو "الخامة"- بلهجة سكان العاصمة التونسية- و آل"بخنوق" بثلاث نقاط على القاف في الضواحي و البلدات الهادئة والجميلة للبلاد.. و على أنغام مطربة الخمسينات-المتحدية- السيدة "صليحة" أصيلة الشمال الغربي للبلاد ذات الشامة السوداء العجيبة و هي تصف –بصوتها-الجبلي نساء تونس أو لنقل "ميموناتها" برشاقة و دلالة مشيتهن و تسبيلة أعينهن تحت "الخامة-البخنوق"  "بخنووووق..بنت المحاااميد عيشة...ريشة ..بريشة..و عاامييين ما يكملوووشي النقيشه....." هكذا أطربت وهكذا غنت عن ميمونة "البخنوق"..نغمات جميلة تفسر قيمة البرقع لدى "ميمونة" في تلك الفترة فمن شدة غلاءه و قيمته التي تحجب "الوجه" هاهو على رأي "المطربة صليحة" يستغرق عامين في إبداعه و حياكته حتى تتجمل به صاحبة السمو والدلال "ليلا عيشة" أو ليلا زنيخة"..أو"ليلا زبيدة" أو "ليلا دوجة".....هكذا كانت "امرأتنا في........المجتمع" بأسماءها الضاربة في العتيق..فهي ليست ك"ميمونات" الألفيات ..لأن "لينا" و "أماني" و "نور" و"سرور" تختلفن عن "ميمونة غيلان"....و إن عاشت " ليلا فلانة " ذات يوم تحد لل"خامة-البخنوق" و تحدت زمنا كان يتطاير فيه الأحياء و الأموات في زوبعة واحدة يكون فيها الانتصار طبعا للأحياء..فان "ميمونة" في ذلك الزمن "الميمو-غيلاني"..خافت..و لم تشأ أن تتحدى "صهباء" تلك "الحاكمة المخيفة"...و "الصهباء" هي شدة الحر و سكون الريح و القسوة و التجبر..هي آلهة شريرة..كانت مصدر رعب لعابديها..وهبت ميمونة نفسها لها عن "رغبة" أو من دون" رغبة" و لكنها وهبت نفسها شأنها شأن بقية "الميمونات"....كانت خائفة راضية قانعة بمصير القحط و الجدب الذي فرضه حكم الآلهة ...هذه الآلهة العتيدة والمرعبة و القادرة على تحطيم كل قوة تقف أمامها و تتحداها أو تحاول تحديها..لقد جعلت من الأرض "الخضراء اليانعة" ساقية تستسقي منها جشعها في استغلال ترابها و جغرافيتها..حارمة أهلها ماءها و خيراتها....فيتحداها "غيلان" مصمما بناء" سد" يوفر للأرض ماءها و للحلوق الجافة ارتواءها....يتحداها بقوله :"هذه الأرض المتجعدة المغبار كالعجوز الفاجرة لأحبلنها ماء فأملأن بطنها فأخرجن حياة"  هكذا تحدى "غيلان" الآلهة المخيفة...و لكن ميمونة تخاف و تتراجع و تردعه آلاف المرات عن مغبة ما سيفعل و تقول له أنه لن ينجح ببناء السد لأن "صهباء-الآلهة" ستصب عليهم جام غضبها و تحل بهم اللعنة و بئس المصير...لكنه يصمم و يقرر و لا يخاف يمن "ميمونة" و نمطيتها و يقرر" بناااااااااء السد"....تخاف ميمونة و تسرد عليه تفاصيل كابوسها المزعج في "رؤيا ميمونة" "يا غيلان..لقد رأيت أمرا بديعا عظيما و مفزعا هائلا ليس فوقه هول..رأيت "سدا" من جماجم موتى قد رصفت أكمل ترصيف...و رأيت الماء جاريا من الجماجم سائلا من ثقاب العيون منصبا من غيران الأفواه و المناخر كالمخاط أو الغراء...و لم أر هولا أهول من بقبقة تلك المياه في جماجم الموتى و إذا الجماجم تنفلق في شبه الصيحة و تنفرق...."  هكذا رأت ميمونة و هكذا خافت و ولت هاربة خوفا على موت "الغيالى" في زمن القنص و التقنيص....و لكن "غيلان" يصمم و يقرر إلى أن انفجر ذات يوم-ليس كبقية الأيام- و رفع إلى أعلى ليدخل معركة الانتصار مع "صهباء" فتحدى "غيلان" "ميمونة" و تحدى"صهباء".....أما بغله..صديقه..وسيلة سفره...لازال قابعا هنااااااااك في محراب الانتظار...و ماذا ينتظر هذا ليتحرك...فهو يحرك تارة أذنيه غير عابئ و تارة يسخر أو يتهكم أو يتساءل دون أن يتعبه عناء البحث أو عناء الرفع و التفجر و خوض "معركة الانتصار"...فهو كغيره مشاهد للمسرحية "من بعيد" وهو وسيلة أيضا و شخصية بنيوية مكنت غيلان من الوصول إلى أسفل المنحدرثم تركته يقرر المصير بمفرده فليس كل إنسان"غيلان"...نعم ليس كل إنسان "غيلان"..هاهو ينظر إلى أعلى قمة الجبل...و يثق بذاته في بلوغ الذروة دون انحدار...للمضي نحو المستحيل..."صهباء" نار"الاستعمار الفرنسي" الذي لسع المقاومين بسياطه..لسع الغيالى العظماء من" مفكرين و سياسيين و فلاقين و مجاهدين و عمالا" و غيرهم من الزعماء والشهداء حيث تلطخت "اليد الحمراء" بأشرف الدماء و استهدفت أغلى رموز الحركات الوطنية....حينها فقط علمت "ميمونة" قيمة رفع "الغيالى" إلى أعلى و قررت تمزيق "البرقع- الخامة-البخنوق" و توقفت عن الصراخ و الولولة وهي تشاهد دماء تسقي أرضها بدلا عن الماء...و قررت أن تصبح "ميمونة" المؤمنة بذاتها ..بقوتها..بقدراتها..بحكمتها..بمضيها قدما في سبيل تحررها و تحقيق ذاتها...إيمانها الآن لم يعد إيمان خوف و رضوخ ل"صهباء" و هلع من بناء "سد"..بل إيمانها أصبح إيمان الذات للذات..أن تجبر "الأنا الأعلى" على الإيمان بال"أنا"...فتنقلب الموازين وبالفعل نجحت...و كبرت...و نما عودها...و استنشقت هواء نقيا..فاهتز صدرها الجميل بعنفوان ذاتها..و ترشق جسمها المكتنز..و أصبحت نظرتها أكثر تحد و "حق في تقرير المصير"..و لكن لم يدم ذلك طويلا.....إذ سرعان ما اصطدمت بتيار زمني معاكس كاد يقضي على عنفوانها و صعودها و كاد يلقي بها من "الذروة" إلى "الانحدار"...تيارا جعلها تتذكر شخصا كان قد غاب في غياهب النسيان ألا و هي "ميمونة- الخامة و البخنوق"...يا الاهي...إنها الآن ممزقة مشتتة من جديد....تخاف "استعمارا جديدا"...بل هو "استعمار جديد".....تعيش حيرة السؤال و التساؤل هل  "أنا أفكر.....أنا موجودة" هل " أنا أتحدى.....أنا حرة" هل " أنا لا أفكر....أنا منعدمة" هل " أنا متقوقعة ....أنا مسلوبة الإرادة" فمن أكون..هل أكتنز شحما و لحما و طأطأة للرأس و خذلانا أم ستبحث "ميمونة" بين ما بعثره الزمن علها تنجو و تنقذ ما تبقى في جعبتها من سلاح و أغمادها من سيوف و خناجر و كم من كسرة خبز بقيت في كيسها كانت قد جمعت منه الكثير الكثير مما اختزنته" صهباء" و حرمت الشعب سنين..فوزعته "ميمونة"عدلا على الأفواه المفتوحة و لم يتبق لها سوى أن تتناول القطعة المتبقية مع قطرة ماء و أن تفترش الأرض و تلتحف السماء..و أن تعد عدتها مجددا..و تطلق أسودها و نمورها ...و تفرد شعورها السوداء لتخنق بها رقاب الأعداء و أن تجعل من حاجبيها و كحل عينيها نبالا ومن ذراعيها رماحا تقف و تطعن قراصنتها...ولا تنس بين طياتها ما لا يمكن التخلي عنه.."قرطاسا....و قلما "و أن تكون فارسة عصرها  " الخيل و الليل و البيداء تعرفني...و السيف و الرمح و القرطاس و القلم"(أبو الطيب المتنبي) هذه هي "ميمونة" ميمونة التي ذات يوم اتخذت "أرضها" من مساحة "جلد ثور" و اتخذت مملكتها و مسلكها و أساطيلها و أحصنتها و تيجانها لتعود "عليسة" عصرها....ميمونة الآن بصدد إعادة البحث في دفاترها ..في أوراقها المبعثرة...و هي بصدد لملمة شتات أفكارها...بل هي ستستجمع قواها..و ستنفض غبارها...و ستدخل في رحلة"غيلانية"..."رحلة البحث عن "ميمونة" "...و لن تتوقف رحلة بحثها إلى أن تكمل مهمتها من جديد..مع ذاتها..و مع جميع "الميمونات"...و مع وطنها...إلى أن "تحبل الأرض المتجعدة المغبار و تملأ بطنها فتخرج حياة"...لن يقلها الحصان الخشبي القابع في مكانه بعد الآن...بل سيقلها حصان البراق ناصع البياض كبياض ذهنها و صفاء عقلها.."عقل –المرأة"....إنها  "ستدق الجدار الأصم في كل موضع...إلى أن يرن صوت أجوف يشي بالكنز المدفون"(رواية الشحاذ لنجيب محفوظ) تحية إجلال و تقدير للأديبين الراحلين و الكبيرين...محمود المسعدي و نجيب محفوظ

قمر بن سالم - تونس

إنها "ميمونة"..رمز اليمن والنقاء..و القوقعة والإيمان..و الهدوء...و الرضا بما هو موجود....ذات يوم جاءها "غيلان"..رمز الغليان و الهيجان والحرارة و الانعتاق و الحرق و الاحتراق و التفجر والانفجار..رمز الطموح..رمز الثورة التاريخية قبل الثورة الآنية...

كانت ميمونة..لا تزال تقبع تحت قوقعة "البرقع"..أو "الخامة"- بلهجة سكان العاصمة التونسية- و آل"بخنوق" بثلاث نقاط على القاف في الضواحي و البلدات الهادئة والجميلة للبلاد.. و على أنغام مطربة الخمسينات-المتحدية- السيدة "صليحة" أصيلة الشمال الغربي للبلاد ذات الشامة السوداء العجيبة و هي تصف –بصوتها-الجبلي نساء تونس أو لنقل "ميموناتها" برشاقة و دلالة مشيتهن و تسبيلة أعينهن تحت "الخامة-البخنوق"

"بخنووووق..بنت المحاااميد عيشة...ريشة ..بريشة..و عاامييين ما يكملوووشي النقيشه....."

هكذا أطربت وهكذا غنت عن ميمونة "البخنوق"..نغمات جميلة تفسر قيمة البرقع لدى "ميمونة" في تلك الفترة فمن شدة غلاءه و قيمته التي تحجب "الوجه" هاهو على رأي "المطربة صليحة" يستغرق عامين في إبداعه و حياكته حتى تتجمل به صاحبة السمو والدلال "ليلا عيشة" أو ليلا زنيخة"..أو"ليلا زبيدة" أو "ليلا دوجة".....هكذا كانت "امرأتنا في........المجتمع" بأسماءها الضاربة في العتيق..فهي ليست ك"ميمونات" الألفيات ..لأن "لينا" و "أماني" و "نور" و"سرور" تختلفن عن "ميمونة غيلان"....و إن عاشت " ليلا فلانة " ذات يوم تحد لل"خامة-البخنوق" و تحدت زمنا كان يتطاير فيه الأحياء و الأموات في زوبعة واحدة يكون فيها الانتصار طبعا للأحياء..فان "ميمونة" في ذلك الزمن "الميمو-غيلاني"..خافت..و لم تشأ أن تتحدى "صهباء" تلك "الحاكمة المخيفة"...و "الصهباء" هي شدة الحر و سكون الريح و القسوة و التجبر..هي آلهة شريرة..كانت مصدر رعب لعابديها..وهبت ميمونة نفسها لها عن "رغبة" أو من دون" رغبة" و لكنها وهبت نفسها شأنها شأن بقية "الميمونات"....كانت خائفة راضية قانعة بمصير القحط و الجدب الذي فرضه حكم الآلهة ...هذه الآلهة العتيدة والمرعبة و القادرة على تحطيم كل قوة تقف أمامها و تتحداها أو تحاول تحديها..لقد جعلت من الأرض "الخضراء اليانعة" ساقية تستسقي منها جشعها في استغلال ترابها و جغرافيتها..حارمة أهلها ماءها و خيراتها....فيتحداها "غيلان" مصمما بناء" سد" يوفر للأرض ماءها و للحلوق الجافة ارتواءها....يتحداها بقوله :"هذه الأرض المتجعدة المغبار كالعجوز الفاجرة لأحبلنها ماء فأملأن بطنها فأخرجن حياة"

هكذا تحدى "غيلان" الآلهة المخيفة...و لكن ميمونة تخاف و تتراجع و تردعه آلاف المرات عن مغبة ما سيفعل و تقول له أنه لن ينجح ببناء السد لأن "صهباء-الآلهة" ستصب عليهم جام غضبها و تحل بهم اللعنة و بئس المصير...لكنه يصمم و يقرر و لا يخاف يمن "ميمونة" و نمطيتها و يقرر" بناااااااااء السد"....تخاف ميمونة و تسرد عليه تفاصيل كابوسها المزعج في "رؤيا ميمونة"

"يا غيلان..لقد رأيت أمرا بديعا عظيما و مفزعا هائلا ليس فوقه هول..رأيت "سدا" من جماجم موتى قد رصفت أكمل ترصيف...و رأيت الماء جاريا من الجماجم سائلا من ثقاب العيون منصبا من غيران الأفواه و المناخر كالمخاط أو الغراء...و لم أر هولا أهول من بقبقة تلك المياه في جماجم الموتى و إذا الجماجم تنفلق في شبه الصيحة و تنفرق...."

هكذا رأت ميمونة و هكذا خافت و ولت هاربة خوفا على موت "الغيالى" في زمن القنص و التقنيص....و لكن "غيلان" يصمم و يقرر إلى أن انفجر ذات يوم-ليس كبقية الأيام- و رفع إلى أعلى ليدخل معركة الانتصار مع "صهباء" فتحدى "غيلان" "ميمونة" و تحدى"صهباء".....أما بغله..صديقه..وسيلة سفره...لازال قابعا هنااااااااك في محراب الانتظار...و ماذا ينتظر هذا ليتحرك...فهو يحرك تارة أذنيه غير عابئ و تارة يسخر أو يتهكم أو يتساءل دون أن يتعبه عناء البحث أو عناء الرفع و التفجر و خوض "معركة الانتصار"...فهو كغيره مشاهد للمسرحية "من بعيد" وهو وسيلة أيضا و شخصية بنيوية مكنت غيلان من الوصول إلى أسفل المنحدرثم تركته يقرر المصير بمفرده فليس كل إنسان"غيلان"...نعم ليس كل إنسان "غيلان"..هاهو ينظر إلى أعلى قمة الجبل...و يثق بذاته في بلوغ الذروة دون انحدار...للمضي نحو المستحيل..."صهباء" نار"الاستعمار الفرنسي" الذي لسع المقاومين بسياطه..لسع الغيالى العظماء من" مفكرين و سياسيين و فلاقين و مجاهدين و عمالا" و غيرهم من الزعماء والشهداء حيث تلطخت "اليد الحمراء" بأشرف الدماء و استهدفت أغلى رموز الحركات الوطنية....حينها فقط علمت "ميمونة" قيمة رفع "الغيالى" إلى أعلى و قررت تمزيق "البرقع- الخامة-البخنوق" و توقفت عن الصراخ و الولولة وهي تشاهد دماء تسقي أرضها بدلا عن الماء...و قررت أن تصبح "ميمونة" المؤمنة بذاتها ..بقوتها..بقدراتها..بحكمتها..بمضيها قدما في سبيل تحررها و تحقيق ذاتها...إيمانها الآن لم يعد إيمان خوف و رضوخ ل"صهباء" و هلع من بناء "سد"..بل إيمانها أصبح إيمان الذات للذات..أن تجبر "الأنا الأعلى" على الإيمان بال"أنا"...فتنقلب الموازين وبالفعل نجحت...و كبرت...و نما عودها...و استنشقت هواء نقيا..فاهتز صدرها الجميل بعنفوان ذاتها..و ترشق جسمها المكتنز..و أصبحت نظرتها أكثر تحد و "حق في تقرير المصير"..و لكن لم يدم ذلك طويلا.....إذ سرعان ما اصطدمت بتيار زمني معاكس كاد يقضي على عنفوانها و صعودها و كاد يلقي بها من "الذروة" إلى "الانحدار"...تيارا جعلها تتذكر شخصا كان قد غاب في غياهب النسيان ألا و هي "ميمونة- الخامة و البخنوق"...يا الاهي...إنها الآن ممزقة مشتتة من جديد....تخاف "استعمارا جديدا"...بل هو "استعمار جديد".....تعيش حيرة السؤال و التساؤل هل

"أنا أفكر.....أنا موجودة"
هل " أنا أتحدى.....أنا حرة"
هل " أنا لا أفكر....أنا منعدمة"
هل " أنا متقوقعة ....أنا مسلوبة الإرادة"

فمن أكون..هل أكتنز شحما و لحما و طأطأة للرأس و خذلانا أم ستبحث "ميمونة" بين ما بعثره الزمن علها تنجو و تنقذ ما تبقى في جعبتها من سلاح و أغمادها من سيوف و خناجر و كم من كسرة خبز بقيت في كيسها كانت قد جمعت منه الكثير الكثير مما اختزنته" صهباء" و حرمت الشعب سنين..فوزعته "ميمونة"عدلا على الأفواه المفتوحة و لم يتبق لها سوى أن تتناول القطعة المتبقية مع قطرة ماء و أن تفترش الأرض و تلتحف السماء..و أن تعد عدتها مجددا..و تطلق أسودها و نمورها ...و تفرد شعورها السوداء لتخنق بها رقاب الأعداء و أن تجعل من حاجبيها و كحل عينيها نبالا ومن ذراعيها رماحا تقف و تطعن قراصنتها...ولا تنس بين طياتها ما لا يمكن التخلي عنه.."قرطاسا....و قلما "و أن تكون فارسة عصرها

" الخيل و الليل و البيداء تعرفني...و السيف و الرمح و القرطاس و القلم"(أبو الطيب المتنبي)

هذه هي "ميمونة" ميمونة التي ذات يوم اتخذت "أرضها" من مساحة "جلد ثور" و اتخذت مملكتها و مسلكها و أساطيلها و أحصنتها و تيجانها لتعود "عليسة" عصرها....ميمونة الآن بصدد إعادة البحث في دفاترها ..في أوراقها المبعثرة...و هي بصدد لملمة شتات أفكارها...بل هي ستستجمع قواها..و ستنفض غبارها...و ستدخل في رحلة"غيلانية"..."رحلة البحث عن "ميمونة" "...و لن تتوقف رحلة بحثها إلى أن تكمل مهمتها من جديد..مع ذاتها..و مع جميع "الميمونات"...و مع وطنها...إلى أن "تحبل الأرض المتجعدة المغبار و تملأ بطنها فتخرج حياة"...لن يقلها الحصان الخشبي القابع في مكانه بعد الآن...بل سيقلها حصان البراق ناصع البياض كبياض ذهنها و صفاء عقلها.."عقل –المرأة"....إنها

"ستدق الجدار الأصم في كل موضع...إلى أن يرن صوت أجوف يشي بالكنز المدفون"(رواية الشحاذ لنجيب محفوظ)
تحية إجلال و تقدير للأديبين الراحلين و الكبيرين...محمود المسعدي و نجيب محفوظ

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman