أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

  جلسات فى طريق الحب 9 (الإيمان )

بقلم : الدكتور: أحمد عبد الفتاح عيسى

الإيمان

لا شك أن الإيمان بالمحبوب من أعظم الأسباب التى تعين على نماء الحب فى القلب ، والإيمان يعنى التصديق وما يزال القلب المحب مصدقا ومؤمنا بحبه وبصفات محبوبه واثقا فى كل أخباره حتى ينتقل إلى مرحلة الثقة أو إن شئت فقل اليقين ، واليقين هو أن يكون عندك ثقة فى كلام المحبوب أكثر مما تشاهده بعينك أو تلمسه بيديك أو تشعر به بحواسك .

ولنضرب مثال نوضح به المراد من هذه الحالة الشعورية التى ينبغى أن تكون بين كل حبيبين ، فى قصة الإسراء والمعراج جاء مشركو مكة وأخبروا أبو بكر بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، بما حدث مع النبى فى قصة الإسراء والمعراج مثل أنه أسرى به إلى بيت المقدس وصعوده صلى الله عليه وسلم إلى السماء وعودته مرة أخرى وكل ذلك فى ليلة واحدة ، فقال لهم أبوبكر مقولة المؤمن الواثق فى محبوبه المتيقن منه (إن كان قال فقد صدق ) ولهذا السبب ولغيره نال أبوبكر الصديق لقب (صديق هذه الأمة ) ، وتعالوا بنا نقف هنيهة عند رد أبو بكر الصديق ، إنه لم يقل لهم لقد صدق ، ولكن قال لهم (إن كان قال فقد صدق ) يا لها من ثقة متناهية فى كلام حبيبه وصاحبه ، إن فى هذه الكلمة (إن كان قال )  يؤكد أن ما تم الإخبار به لا يمكن أن يصدقه العقل البشرى ولكن إن كان قال به حبيبى فقد صدق حتى وإن لم يصدق ذلك العقل البشرى ، هذا هو الإيمان بين الحبيبين الذى نأمل أن يكون موجود بين كل زوج وزوجته ، إن هذه الثقة المتناهية كافية بإذابة كل بؤر الشك ونزعات الشياطين التى تهدد أحوال كثير من البيوت فى الوقت الحاضر ، إن هذه الحالة من الثقة المتبادلة كفيلة برأب الصدع ورد الشارد إلى واحة الحبيب مرة أخرى ، إن هذه الثقة وهذا الإيمان كفيل بأن يقوم أى إعوجاج طرأ على أى قلب ، كفيل بأن يجعله يستحى من ثقة الطرف الأخر فيه ومن ثم يصلح كل سرائره لتنعش العلاقة العاطفية وتزدهر من جديد وبكل قوة .

وعلى النقيض إذا عجز المحب عن إيجاد صفة التصديق والإيمان بمحبوبه فإن القلب ما يلبث أن يمتلئ بالشك ، والشك يهدى إلى الحيرة والخوف وهذا يؤدى إلى موت الحب فى القلب وانطفاء جذوته .

إن الإيمان أو الحب كما ذكرنا سابقا هو كلمة مجردة معنوية لا يمكن الإطلاع عليها ولكنه لابد أن يتجسد فى معنى مادى ملموس وهو التصديق ثم يتحول إلى اليقين ، وكذلك إذا وجدت قلبا يشك فى محبوبه أو يكذبه فى أقواله فاعلم أن هذا القلب يحمل بين طياته حب باهت لأن الحب الصادق القوى علامته التصديق والثقة واليقين والإيمان .

أنظروا عندما كان فى بيت النبى شاة وأكل منها ضيوفه فسأل زوجته عائشة ماذا بقى منها فقالت له (فنيت كلها إلا الكتف ) فأجابها النبى اجابة الواثق فى محبوبه وما عنده (بل بقيت كلها إلا الكتف ) ....

أرأيت هذه الثقة التى يتعامل بها مع كلام محبوبه خالقه سبحانه وتعالى ، إنه يتعامل معه بثقة ويقين لا يتخللها شك .

مما سبق أعتقد أن المراد من هذه الجلسة بات جليا واضحا وبالتأكيد لا نريد أن نعقد مقارنة بين تعامل النبى وتعاملنا مع من نحب ، ولكن كل ما أردته فقط أن أقول لك أطرد الشك وتشبث بمحبوبك ولا تترك مسافة لبكتريا سوء الظن حتى تكون عندك أسباب يقينية لا تحتمل أى أوجه من وجوه الشك والريبة فعندها فقط تكون لك الحرية أن تنهى العلاقة أو تعالج قصورها.


تعليقات