رسالة منتصف الليل

 رسالة منتصف الليل

رسالة منتصف الليل    القاص والكاتب: عبد الجبار الحمدي - العراق  لم ينتبه لمرور الوقت إلا عندما أصدرت ساعة الحائط صوتا معلنة انتصاف الليل وهو مازال في مكتبه منذ الصباح   -  يا إلهي كيف مر كل هذا الوقت ولم أنته بعد ؟ حدّث نفسه بصوت مسموع، القي بالقلم على المكتب ثم عاد بظهرة للوراء، أغمض عينيه و أخذ يفاضل بين فكرة المبيت في المكتب وبين العودة للمنزل، بعد قليل انتبه علي صوت لم يعرف مصدره ثم خُيّل إليه وكأن القلم قد تحرًك عن موضعه، أمعن النظر فوجده فعلا يتحرك.  - وبعدين؟... قالها بثبات و بصوت مُجهد ، فمثل هذه الأشياء لا ترهبه ،سقط القلم علي الأرض بجوار قدمه ، انحني ليلتقطه فتحرك القلم، وضع قدمه عليه و بغضب أمسكه وكسره نصفين ثم ألقاه في سلة المهملات.  تناول هاتفه المحمول وكتب لزوجته : (سأبيت في المكتب أراك غداً في الثانية بعد الظهر ، تصبحين على خير )  ،أطفأ النور وألقى بجسده المنهك على الأريكة وسريعاً ما غطّ في نوم عميق، لا يعرف كم مرّ من الوقت قبل أن يشعر بمن يتحسس جسده ،ومن بين جفون نصف مغلقة رأي خيال زوجته يتراقص في عينيه، كانت عارية تماماً ، إنتفض ليجد نفسه هو الآخر بلا ملابس، عقدت الدهشة لسانه   و ظل ينظر حوله وهو يسترجع أحداث الليلة الماضية، إن آخر ما يتذكره عندما أطفأ النور في المكتب لينام. استدار يسألها : ما هذا المكان وكيف جئنا ومتى....  أجابته قبل أن يسأل  -  استلمت   رسالتك بعد  منتصف الليل، طلبت مني أن أُعد حقائب السفر ثم انطلقنا بالسيارة إلى وجهة رفضت أن تخبرني عنها ، هذا كل ما أتذكره لأني نمت بعد أن تحركت السيارة ولم أشعر إلا عندما إستيقظت منذ قليل، كان يسمعها بذهول كيف ذلك؟ إنه يتذكر جيداً أن مضمون الرسالة لم يكن كما تخبره ،بحث عن هاتفه المحمول فلم يجده ، نظر إليها كانت تجلس علي طرف المقعد وهي تحرك قدميها بتوتر وقد شخصت ببصرها لسقف الغرفة وهي تتمتم بكلمات غريبة وكأنها تحدث شخص ما، فجأة قامت واتجهت ناحية النافذة ، أسرع تجاه باب الغرفة لعله يجد من يفسر له هذا الغموض   - الباب مغلق لن تستطيع أن تفتحه .  جاءه صوتها وهي لا زالت تنظر من النافذة، استدار واندفع تجاهها ،طوقته بذراعيها تريد أن تقبّله ، كانت رائحتها غريبة، دفعها عنه وهو يسأل نفسه عما ألم بها؟ تركته ثم عادت تنظر من النافذة .  :ما رأيك ،قالتها ،وهي تشير خارج النافذة  - ماذا تريدين ؟  أجابت بصوت كأنه حشرجة من يحتضر: يجب أن تدفع الثمن ثم احتضنته بقوة غريبة و قفزت به من النافذة وهي تقهقه.  في أحد أقسام الشرطة ظل الضابط المناوب يهدئ من روع سيدة شابة جاءت تبلّغ عن اختفاء زوجها وأنها تخشي أن مكروها قد أصابه ، سألها الضابط عن آخر تواصل بينهما فأخبرته أن ذلك كان في منتصف الليلة الماضية عندما وصلتها منه رسالة يخبرها أنه سيقضي ليلته في مكتبه وأنها حاولت الاتصال به في الصباح لكن هاتفه كان مغلق فاتصلت بالشركة فأخبروها بعدم حضوره للعمل. طلب منها الضابط  أن تهدأ وأن تسجل بياناتها، وأوصاف الزوج ورقم هاتفه ،وماذا كان يرتدي ...الخ  ثم طلب منها أن تعود للمنزل وتنتظر  نتيجة البحث لأن الاحتمالات كثيرة.  في صبيحة اليوم التالي كانت سيارات الشرطة تقف أمام فندق مهجور يقع في أطراف المدينة بعد أن إتصلت إحداهن بقسم الشرطة للإبلاغ عن وجود جثة شاب في الفناء الخلفي للفندق ، عثرت الشرطة على الزوج المختفي بكامل ملابسه وبيده قلماً مكسوراً ، وجاء في التقرير المبدئي بعد المعاينة أن الشاب إنتحر بالقفز من الدور العاشر بعد أن وجدوا إحدى نوافذه مهشمة حديثاً.  في المساء  وفي وسط المدينة كانت هناك سيدة خمسينية تجلس على طرف المقعد الأخير في إحدي الحافلات وهي تحرك قدميها بتوتر وقد شخصت ببصرها لسقف الحافلة وهي تتمتم بكلمات غريبة وكأنها تحدث شخص ما.  يتبع

محمد السكري - مصر 

لم ينتبه لمرور الوقت إلا عندما أصدرت ساعة الحائط صوتا معلنة انتصاف الليل وهو مازال في مكتبه منذ الصباح 

-  يا إلهي كيف مر كل هذا الوقت ولم أنته بعد ؟ حدّث نفسه بصوت مسموع، القي بالقلم على المكتب ثم عاد بظهرة للوراء، أغمض عينيه و أخذ يفاضل بين فكرة المبيت في المكتب وبين العودة للمنزل، بعد قليل انتبه علي صوت لم يعرف مصدره ثم خُيّل إليه وكأن القلم قد تحرًك عن موضعه، أمعن النظر فوجده فعلا يتحرك.

- وبعدين؟... قالها بثبات و بصوت مُجهد ، فمثل هذه الأشياء لا ترهبه ،سقط القلم علي الأرض بجوار قدمه ، انحني ليلتقطه فتحرك القلم، وضع قدمه عليه و بغضب أمسكه وكسره نصفين ثم ألقاه في سلة المهملات.

تناول هاتفه المحمول وكتب لزوجته : (سأبيت في المكتب أراك غداً في الثانية بعد الظهر ، تصبحين على خير )  ،أطفأ النور وألقى بجسده المنهك على الأريكة وسريعاً ما غطّ في نوم عميق، لا يعرف كم مرّ من الوقت قبل أن يشعر بمن يتحسس جسده ،ومن بين جفون نصف مغلقة رأي خيال زوجته يتراقص في عينيه، كانت عارية تماماً ، إنتفض ليجد نفسه هو الآخر بلا ملابس، عقدت الدهشة لسانه 

و ظل ينظر حوله وهو يسترجع أحداث الليلة الماضية، إن آخر ما يتذكره عندما أطفأ النور في المكتب لينام. استدار يسألها : ما هذا المكان وكيف جئنا ومتى....

أجابته قبل أن يسأل

-  استلمت

 رسالتك بعد  منتصف الليل، طلبت مني أن أُعد حقائب السفر ثم انطلقنا بالسيارة إلى وجهة رفضت أن تخبرني عنها ، هذا كل ما أتذكره لأني نمت بعد أن تحركت السيارة ولم أشعر إلا عندما إستيقظت منذ قليل، كان يسمعها بذهول كيف ذلك؟ إنه يتذكر جيداً أن مضمون الرسالة لم يكن كما تخبره ،بحث عن هاتفه المحمول فلم يجده ، نظر إليها كانت تجلس علي طرف المقعد وهي تحرك قدميها بتوتر وقد شخصت ببصرها لسقف الغرفة وهي تتمتم بكلمات غريبة وكأنها تحدث شخص ما، فجأة قامت واتجهت ناحية النافذة ، أسرع تجاه باب الغرفة لعله يجد من يفسر له هذا الغموض 

- الباب مغلق لن تستطيع أن تفتحه .

جاءه صوتها وهي لا زالت تنظر من النافذة، استدار واندفع تجاهها ،طوقته بذراعيها تريد أن تقبّله ، كانت رائحتها غريبة، دفعها عنه وهو يسأل نفسه عما ألم بها؟ تركته ثم عادت تنظر من النافذة .

:ما رأيك ،قالتها ،وهي تشير خارج النافذة

- ماذا تريدين ؟

أجابت بصوت كأنه حشرجة من يحتضر: يجب أن تدفع الثمن ثم احتضنته بقوة غريبة و قفزت به من النافذة وهي تقهقه.

في أحد أقسام الشرطة ظل الضابط المناوب يهدئ من روع سيدة شابة جاءت تبلّغ عن اختفاء زوجها وأنها تخشي أن مكروها قد أصابه ، سألها الضابط عن آخر تواصل بينهما فأخبرته أن ذلك كان في منتصف الليلة الماضية عندما وصلتها منه رسالة يخبرها أنه سيقضي ليلته في مكتبه وأنها حاولت الاتصال به في الصباح لكن هاتفه كان مغلق فاتصلت بالشركة فأخبروها بعدم حضوره للعمل. طلب منها الضابط  أن تهدأ وأن تسجل بياناتها، وأوصاف الزوج ورقم هاتفه ،وماذا كان يرتدي ...الخ  ثم طلب منها أن تعود للمنزل وتنتظر  نتيجة البحث لأن الاحتمالات كثيرة.

في صبيحة اليوم التالي كانت سيارات الشرطة تقف أمام فندق مهجور يقع في أطراف المدينة بعد أن إتصلت إحداهن بقسم الشرطة للإبلاغ عن وجود جثة شاب في الفناء الخلفي للفندق ، عثرت الشرطة على الزوج المختفي بكامل ملابسه وبيده قلماً مكسوراً ، وجاء في التقرير المبدئي بعد المعاينة أن الشاب إنتحر بالقفز من الدور العاشر بعد أن وجدوا إحدى نوافذه مهشمة حديثاً.

في المساء  وفي وسط المدينة كانت هناك سيدة خمسينية تجلس على طرف المقعد الأخير في إحدي الحافلات وهي تحرك قدميها بتوتر وقد شخصت ببصرها لسقف الحافلة وهي تتمتم بكلمات غريبة وكأنها تحدث شخص ما.

يتبع



تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman