الاكتئاب الْمُبْتَسِم . . .والميكانيكية الدفاعية !

 الاكتئاب الْمُبْتَسِم . . .والميكانيكية الدفاعية  ! 

الاكتئاب الْمُبْتَسِم . . .والميكانيكية الدفاعية  !        د. نيرمين ماجد  تتوارد إلى عقولنا عندما يتحدث الناس عن الاكتئاب, الأشخاص المصابين بالحزن العلني والوجه المكتئب العبوس المحفور على وجهه الكشرة والنظرة السوداوية للحياة, نفكر بالأشخاص الذين لا يستطيعون مواجهة الحياة يوميا بوجه مبتسم مشرق بشوش, ونفكر أيضا بالناس المتعبة التي لا تقوي على النهوض من فراشها لتسير للسعي لزرق قوتها اليومي, ونفكر بالناس الذين يخّفون الحزن والدمع والوجع والألم يتسترون خلف أقنعة ليظهروا للعالم الخارجي بأنهم يعيشون حياة نشطة طبيعية واذا ما سألتهم عن حالهم يرددون  عبارة" أنا بخير", بينما يشعرون في الداخل باليأس والحزن.  فهل سمعنا يوما عن "الاكتئاب المبتسم" أو "الاكتئاب اللانمطي" وهي ظاهرة يلجأ اليها الأشخاص للتصنع بالسعادة أمام الآخرين بهدف إخفاء الحزن القابع في قلوبهم وأروحهم رغم معاناتهم والاحتراق الذي ينهش أرواحهم فليجأون للبس الاقنعة والتمثيل الخارجي لإخفاء ما ينتابهم من مشاعر حقيقية و كأنها ميكانيكية دفاعية, فقط ليبلغونا رسالة بأنهم أقوياء! ولكنهم في أعماقهم غارقين في مستنقع الاكتئاب! فهل تعلمنا يوما أن نتأدب في حضرة الجرح عندما نقف عند مآسي الأخرين ونري انكساراتهم أمامنا! كن إنسانا رحيما ولا تتعجب اذا ما رأيت المنكسر يضحك تارة ويبكي تارة أخري, فليس كل من يبتسم سعيدا فأحيانا يخفي وراء الابتسامة وجع وشعور مرير واضطراب نفسي, فإياك أن تبتسم كن أنسانا أو مت وأنت تحاول.  قد يعتري المرء شيئا من الحزن بسبب فقد شخص ما كان بمثابة الحياة وعموده الفقري ومن بعد فقده شعر بالوحدة والانكسار, وقد يكون سبب حزنه بسبب فشل علاقة انتهت نهاية عسيرة مأساوية, أو ربما يواجه بعض المشاكل التي تنغص عليه يومه وحياته بسبب مدير متجبر أو بيئة  غير مريحه تحيط  تكسر شغفه وطموحه لكنه مجبر عليها لقوت يومه, أو ببساطة قد يتجلى هذا الحزن في شعور دائم بوجود خطب ما ينغص عليه حياته, فهل فكرت يوما ما بأنه في بعض الأحيان تراود هؤلاء الأشخاص أفكار بإنهاء حياتهم وأنهم على حافة الانتحار! وهل تأدبت بالتعامل معهم واحتواءهم والتعامل معهم بإنسانية!  من الصعب معرفة الشخص الذين يعاني فعليا من الاكتئاب المبتسم فهو انسان غير عاطل عن العمل بل يملك مالا وشقة وأسرة وأطفال وأصدقاء, وقد تجده بشوش الوجه يملك قدرات عالية وأسلوب لطيف مؤدب جذاب, يمتلك القدرة على  إجراء محادثات ممتعة مع الآخرين, ولكنه يرتدي قناعا بحضور العالم الخارجي ويمارس حياته بشكل طبيعي وحيوي, والغريب بأنهم يمتلك قوة جبارة يتحلى بها في حياته, ويحلل علماء النفس بأن تلك القوة هي التي تجعله أكثر عرضة لتنفيذ مخططات الانتحار التي رسمها مرارا وتكرارا في ذهنه, وخير مثال على ذلك الفيلم الأمريكي الشهير" الجوكر" والذي أتقن فيه الممثل الأمريكي خواكين دورة باحترافية حيث تقمص دور المكتئب الذي تنتابه نوبات هستيرية من الضحك رغم الاحتراق الداخلي الذي يعاني منه وقلبه المفطور بالتعاسة والحزن الشديد.  إنّ الاكتئاب منتشر كانتشار النار في الهشيم, ومن أهم أحد الأعراض الشائعة للاكتئاب المبتسم هي الشعور بالخوف والقلق والغضب والانزعاج والاعياء والافتقار الى الأمل أو اليأس فيشعر دائما بتقلب بالمزاج وقد ينتابه نوبات خوف وغياب احترام الذات وأرق والميل الى الوحدة, وأن الحياة اسودت في روحه وتملكه اليأس والحزن, وقد يعاني البعض بمشاكل أخري مثل اضطراب النوم  فهم يؤدون حركات ميكانيكية بلا روح ولا إخلاص  فقط لإنجاز الواجبات اليومية  والهروب للنوم للشعور بالسعادة والخلاص, أو عدم قدرتهم على الاستمتاع بفعل أمور يحبون فعلها, والأفراط في تناول الطعام والشعور بالثقل في الذراعين والقدمين والشعور بالأذى النفسي أثر التعرض للانتقاد أو الرفض أو التجريح, وفي بعض الأحيان ميول الانتحار, لذا يجب على المصاب أن يسعى للعلاج, الا أن الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم للأسف لا يسعون بالعادة لتلقي العلاج, أما لانهم لا يأمنون أو يعتقدون بأنهم يعاون من مشاكل ما خاصه بأن حياتهم تسير وفق روتين اعتادوا عليه أو ربما لشعورهم بذنب ما يعتصر أرواحهم وقلوبهم فيقنعون أنفسهم أن مشاعرهم غير منطقية وغير مبرره ولا يخبرون أحد وينتهي بهم المطاف بالشعور بالذنب والتأنيب وجلد الذات, ويُرجع الباحثون أسباب إخفاء مريض الاكتئاب لمرضه لعدة أسباب، منها: الاعتقاد أن الاكتئاب علامة من علامات الضعف، وأن ذلك قد يجعله عرضة للاستغلال من الآخرين.  ما أحوجنا في هذه الحياة أن نتعلم ثقافة احترام الاخرين ومراعاه مشاعرهم, ومن أهم طرق علاج الاكتئاب الوعي والادراك والتحكم في المزاج العام خصوصا لو كنا نمر بأوقات عصيبة  ومراقبة السلامة الذهنية والعصبية, والحديث مع الناس من حولك واختيار الصديق الصدوق والحديث معه بعفوية عن أحاسيسك ومخاوفك لان ذلك يسهم في تلطيف الأعراض والتخفيف منها بشكل أفضل, ولا تشعر بأنك عبء على غيرك لان ذلك عنصر رئيسي في التعامل مع أفكار الاكتئاب والحد من مخاطرها, وقد تساعد ممارسة الرياضة وتمارين اليوجا في التخلص من هذه الأعراض ,فخلصتْ دراسة أجرتها جامعة روتجرز في الولايات المتحدة الأمريكية أنّ مستوى الاكتئاب عند الأشخاص الذين يمارسون تمارين التأمل والتمارين الرياضية، مرتين في الأسبوع، قد انخفض بنسبة 40% بعد ثمانِ أسابيع فقط من بدء ذلك. ويمكن للمصابين بالاكتئاب المبتسم أن يلجؤوا إلى تلقي العلاج السلوكي المعرفي -الذي يتعلمون من خلاله الطريقة التي تمكِّنهم من تغيير أنماط تفكيرهم وأنماط سلوكهم.  كونك تعاني من أعراض ومرض ما ليس عيباً، العيب هو نكرانك واصرارك على عدم وجود مشكلة ما خوفا من نظرة الناس لك  ورعبك من وصمة العار الاجتماعية التي تلاحقك, والعيب هو الكذب والخداع والتلون والجهر بأسرار الناس والتشهير بهم وبالذات من أكلت من خيره  وكبرت على أيده, والعيب أن تتأثر بأقوال الفارغين و تتأثر بجرح ويطول وجعك, وكما قيل" ليس عيبا تواجد الأخطاء الاملائية في كتابتنا بل العيب في تواجد الأخطاء في تفكيرنا", وأعلم بأن الجميع يحارب بطريقته, منا من يعاني من اضطراب نفسي أو اجتماعي أو بيولوجي, هناك شاعر بلا شعور ومشهور بلا سبب, ومتدين بلا أخلاق وصديق بلا صدق فلا تستغرب, لكن الفرق الوحيد فقط أن هناك من قرر واختار العلاج ومنا من اختار الاستمرار في الاختباء والنكران, وأن ليس هناك مرض يقتل جسدك أكثر من الحزن, وأعلم أن هناك دائما شعاع من نور في نهاية النفق المظلم ولك الخيار....

د. نيرمين ماجد: فلسطين

تتوارد إلى عقولنا عندما يتحدث الناس عن الاكتئاب, الأشخاص المصابين بالحزن العلني والوجه المكتئب العبوس المحفور على وجهه الكشرة والنظرة السوداوية للحياة, نفكر بالأشخاص الذين لا يستطيعون مواجهة الحياة يوميا بوجه مبتسم مشرق بشوش, ونفكر أيضا بالناس المتعبة التي لا تقوي على النهوض من فراشها لتسير للسعي لزرق قوتها اليومي, ونفكر بالناس الذين يخّفون الحزن والدمع والوجع والألم يتسترون خلف أقنعة ليظهروا للعالم الخارجي بأنهم يعيشون حياة نشطة طبيعية واذا ما سألتهم عن حالهم يرددون  عبارة" أنا بخير", بينما يشعرون في الداخل باليأس والحزن.

فهل سمعنا يوما عن "الاكتئاب المبتسم" أو "الاكتئاب اللانمطي" وهي ظاهرة يلجأ اليها الأشخاص للتصنع بالسعادة أمام الآخرين بهدف إخفاء الحزن القابع في قلوبهم وأروحهم رغم معاناتهم والاحتراق الذي ينهش أرواحهم فليجأون للبس الاقنعة والتمثيل الخارجي لإخفاء ما ينتابهم من مشاعر حقيقية و كأنها ميكانيكية دفاعية, فقط ليبلغونا رسالة بأنهم أقوياء! ولكنهم في أعماقهم غارقين في مستنقع الاكتئاب! فهل تعلمنا يوما أن نتأدب في حضرة الجرح عندما نقف عند مآسي الأخرين ونري انكساراتهم أمامنا! كن إنسانا رحيما ولا تتعجب اذا ما رأيت المنكسر يضحك تارة ويبكي تارة أخري, فليس كل من يبتسم سعيدا فأحيانا يخفي وراء الابتسامة وجع وشعور مرير واضطراب نفسي, فإياك أن تبتسم كن أنسانا أو مت وأنت تحاول.

قد يعتري المرء شيئا من الحزن بسبب فقد شخص ما كان بمثابة الحياة وعموده الفقري ومن بعد فقده شعر بالوحدة والانكسار, وقد يكون سبب حزنه بسبب فشل علاقة انتهت نهاية عسيرة مأساوية, أو ربما يواجه بعض المشاكل التي تنغص عليه يومه وحياته بسبب مدير متجبر أو بيئة  غير مريحه تحيط  تكسر شغفه وطموحه لكنه مجبر عليها لقوت يومه, أو ببساطة قد يتجلى هذا الحزن في شعور دائم بوجود خطب ما ينغص عليه حياته, فهل فكرت يوما ما بأنه في بعض الأحيان تراود هؤلاء الأشخاص أفكار بإنهاء حياتهم وأنهم على حافة الانتحار! وهل تأدبت بالتعامل معهم واحتواءهم والتعامل معهم بإنسانية!

من الصعب معرفة الشخص الذين يعاني فعليا من الاكتئاب المبتسم فهو انسان غير عاطل عن العمل بل يملك مالا وشقة وأسرة وأطفال وأصدقاء, وقد تجده بشوش الوجه يملك قدرات عالية وأسلوب لطيف مؤدب جذاب, يمتلك القدرة على  إجراء محادثات ممتعة مع الآخرين, ولكنه يرتدي قناعا بحضور العالم الخارجي ويمارس حياته بشكل طبيعي وحيوي, والغريب بأنهم يمتلك قوة جبارة يتحلى بها في حياته, ويحلل علماء النفس بأن تلك القوة هي التي تجعله أكثر عرضة لتنفيذ مخططات الانتحار التي رسمها مرارا وتكرارا في ذهنه, وخير مثال على ذلك الفيلم الأمريكي الشهير" الجوكر" والذي أتقن فيه الممثل الأمريكي خواكين دورة باحترافية حيث تقمص دور المكتئب الذي تنتابه نوبات هستيرية من الضحك رغم الاحتراق الداخلي الذي يعاني منه وقلبه المفطور بالتعاسة والحزن الشديد.

إنّ الاكتئاب منتشر كانتشار النار في الهشيم, ومن أهم أحد الأعراض الشائعة للاكتئاب المبتسم هي الشعور بالخوف والقلق والغضب والانزعاج والاعياء والافتقار الى الأمل أو اليأس فيشعر دائما بتقلب بالمزاج وقد ينتابه نوبات خوف وغياب احترام الذات وأرق والميل الى الوحدة, وأن الحياة اسودت في روحه وتملكه اليأس والحزن, وقد يعاني البعض بمشاكل أخري مثل اضطراب النوم  فهم يؤدون حركات ميكانيكية بلا روح ولا إخلاص  فقط لإنجاز الواجبات اليومية  والهروب للنوم للشعور بالسعادة والخلاص, أو عدم قدرتهم على الاستمتاع بفعل أمور يحبون فعلها, والأفراط في تناول الطعام والشعور بالثقل في الذراعين والقدمين والشعور بالأذى النفسي أثر التعرض للانتقاد أو الرفض أو التجريح, وفي بعض الأحيان ميول الانتحار, لذا يجب على المصاب أن يسعى للعلاج, الا أن الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم للأسف لا يسعون بالعادة لتلقي العلاج, أما لانهم لا يأمنون أو يعتقدون بأنهم يعاون من مشاكل ما خاصه بأن حياتهم تسير وفق روتين اعتادوا عليه أو ربما لشعورهم بذنب ما يعتصر أرواحهم وقلوبهم فيقنعون أنفسهم أن مشاعرهم غير منطقية وغير مبرره ولا يخبرون أحد وينتهي بهم المطاف بالشعور بالذنب والتأنيب وجلد الذات, ويُرجع الباحثون أسباب إخفاء مريض الاكتئاب لمرضه لعدة أسباب، منها: الاعتقاد أن الاكتئاب علامة من علامات الضعف، وأن ذلك قد يجعله عرضة للاستغلال من الآخرين.

ما أحوجنا في هذه الحياة أن نتعلم ثقافة احترام الاخرين ومراعاه مشاعرهم, ومن أهم طرق علاج الاكتئاب الوعي والادراك والتحكم في المزاج العام خصوصا لو كنا نمر بأوقات عصيبة  ومراقبة السلامة الذهنية والعصبية, والحديث مع الناس من حولك واختيار الصديق الصدوق والحديث معه بعفوية عن أحاسيسك ومخاوفك لان ذلك يسهم في تلطيف الأعراض والتخفيف منها بشكل أفضل, ولا تشعر بأنك عبء على غيرك لان ذلك عنصر رئيسي في التعامل مع أفكار الاكتئاب والحد من مخاطرها, وقد تساعد ممارسة الرياضة وتمارين اليوجا في التخلص من هذه الأعراض ,فخلصتْ دراسة أجرتها جامعة روتجرز في الولايات المتحدة الأمريكية أنّ مستوى الاكتئاب عند الأشخاص الذين يمارسون تمارين التأمل والتمارين الرياضية، مرتين في الأسبوع، قد انخفض بنسبة 40% بعد ثمانِ أسابيع فقط من بدء ذلك. ويمكن للمصابين بالاكتئاب المبتسم أن يلجؤوا إلى تلقي العلاج السلوكي المعرفي -الذي يتعلمون من خلاله الطريقة التي تمكِّنهم من تغيير أنماط تفكيرهم وأنماط سلوكهم.

كونك تعاني من أعراض ومرض ما ليس عيباً، العيب هو نكرانك واصرارك على عدم وجود مشكلة ما خوفا من نظرة الناس لك  ورعبك من وصمة العار الاجتماعية التي تلاحقك, والعيب هو الكذب والخداع والتلون والجهر بأسرار الناس والتشهير بهم وبالذات من أكلت من خيره  وكبرت على أيده, والعيب أن تتأثر بأقوال الفارغين و تتأثر بجرح ويطول وجعك, وكما قيل" ليس عيبا تواجد الأخطاء الاملائية في كتابتنا بل العيب في تواجد الأخطاء في تفكيرنا", وأعلم بأن الجميع يحارب بطريقته, منا من يعاني من اضطراب نفسي أو اجتماعي أو بيولوجي, هناك شاعر بلا شعور ومشهور بلا سبب, ومتدين بلا أخلاق وصديق بلا صدق فلا تستغرب, لكن الفرق الوحيد فقط أن هناك من قرر واختار العلاج ومنا من اختار الاستمرار في الاختباء والنكران, وأن ليس هناك مرض يقتل جسدك أكثر من الحزن, وأعلم أن هناك دائما شعاع من نور في نهاية النفق المظلم ولك الخيار....


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman