أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

ظلال حرب أوكرانيا علينا… الأحياء الجامعية الجزائرية والعنف المادي والرمزي… شباب «وادي زم» ورحلة الموت

 ظلال حرب أوكرانيا علينا… الأحياء الجامعية الجزائرية والعنف المادي والرمزي… شباب «وادي زم» ورحلة الموت

ظلال حرب أوكرانيا علينا… الأحياء الجامعية الجزائرية والعنف المادي والرمزي… شباب «وادي زم» ورحلة الموت       مريم بوزيد سبابو - الجزائر  كأن الكرة الأرضية كلها تتابع أحداث الغزو الروسي لأوكرانيا، الحرب تجعل العالم فعلا قرية صغيرة هشة، هشاشة المشردين ومن هم تحت القصف، الحرب هي الحرب لا تبقي ولا تذر وتجعل الناس يعيشون مأساة أشد وقعا من مآسيهم اليومية، الحرب هي الحرب والتعدي على حرمة البلدان والشعوب هي نفسها في المطلق، لكن، في الحروب على البلدان العربية التي نرتبط بها برباط الدين واللغة والعادات، تغمض الأعين وتنام الجفون دون النقل المباشر الذي تعمد إليه القنوات المحلية والأجنبية، نخاف على أنفسنا وعلى اقتصادنا وعلى القمح الروسي والأوكراني، وعلى الأبناء الذين وجدوا في أوكرانيا في الجامعات التي تستقبلهم بمعدلات متوسطة في الطب، بينما يرفع سقف المعدلات في بلداننا، مع أن البطالة هي مأوى المتفوقين وغير المتفوقين، ولا يهم إن كنت متفوقا أو متوسطا أو ضعيفا ما دامت الوساطات والمحسوبيات لها الكلمة الأولى والأخيرة في النجاح في المسابقات وفرص العمل، وما يحدث في امتحانات الدكتوراه كل سنة أكبر دليل عما يعيشه الطلبة، يمتحن الآلاف من أجل منصب أو منصبين في التخصص الواحد، الحرب أمام هجرة الأبناء والأدمغة، تصبح حربا داخلية بيننا تلسعنا وتؤلمنا وتدخلنا في أحزان فلا الباقي بالبلاد سعيد ولا من هاجرها في منأى عما يحدث، بعد إشاعات عن مقتل طالبة جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي هنا، وإشاعة مقتل طالبة مغربية هناك وتفنيد الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، يتأكد خبر وفاة الطالب الجزائري طالب جزائري إماراتي الجنسية، حيث نقلت بعض الصفحات خبر مقتله بعدما تفرقت الأحزان على أسرته وأهله في الإمارات وتلمسان وفي كل الجزائر.  جاء في صفحة الإعلامي عبد العالي مزغيش أن: «أول ضحية جزائرية في أوكرانيا: نشر الزميل عبد السلام بارودي خبرا مؤكدا يقول فيه: أكدت لي عائلة طالبي في تلمسان، وفاة ابنها طالبي محمد في أوكرانيا، وهو ابن الاستاذ طالبي عبد الحفيظ المقيم في الإمارات العربية. محمد رحمه الله كان يدرس ميكانيك الطيران في أوكرانيا منذ 2018 وأنهى دراسته هذا العام، يبلغ من العمر 25 سنة، وهو حائز على جنسية إماراتية فضلا عن جنسيته الجزائرية، توفي خلال قصف روسي شرق أوكرانيا، العزاء في منزل عمه في تلمسان، إنا لله وإنا إليه راجعون».  صدم الخبر الجميع، لكن التعليقات ركزت على جنسيته الإماراتية، وهل يمكن أن يحصل عليها دون تنازل عن جنسيته الجزائرية، ونقاشات حول الموضوع، ومما لا شك فيه أن الحرب لا يمكن أن تكون بعيدة والناس ينتشرون في الأرض طلبا للعلم والعمل وتغيير «العتبة» لتغيير مسارات حياتية كئيبة، دمار الحرب لا يقتصر على الروس والأوكرانيين، لعنة الحرب تطال الجميع، ولو بالخوف والترقب فقط، نتمنى أن يكون الآتي غير مؤلم.  الأحياء الجامعية بين العنف الجسدي والرقابة الأخلاقية  في حادثة خطيرة، اهتز لها الرأي العام الجزائري، ما عدا وزارة التعليم العالي، التي لم تصدر لحد كتابة هذه السطور بيان تنديد، حيث وقع اعتداء بشع على الحي الجامعي عائشة شنوي في مدينة «بودواو» شرق العاصمة، وبعنوان عريض عرف الجاني أنه «ماصو» أي بناء شاب (31 سنة) وحسب جريدة «النهار» فقد «تعرضت أربع طالبات لاعتداء همجي، وأصبن بجروح متفاوتة على يد مجهولين، الاعتداء الذي وصفته «النهار» بالخطير، وتم نقل المصابات للمستشفى وواحدة منهن في حالة حرجة».  صرحت والدة هذه الأخيرة، والتي كانت منهارة، بأنها «لن تسامح في بناتها، حيث دخل السفاح حتى الطابق الثالث وضرب فتاتين، وعندما سمعت بناتها الصراخ أتيتا، وعندما خرج الجاني بمطرقته، قام بتتبع البنت الكبرى وضربها بالمطرقة، وعندما وصلت الصغرى، طلبت الكبرى من أختها الهرب، فهما طالبتان تدرسان الحقوق، وبدأت الكبرى تجري فضربها المسكينة بالمطرقة وهي الآن في «البلوك» (غرفة العمليات) والأخرى كسر لها يدها ووضعوا لها ست غرز، في صدرها ورئتيها، كارثة، والأخت الكبرى ما زالت بـ«البلوك» و»مخها طاح» على حد تعبير الوالدة المكلومة في ابنتيها حسب تصريحاتها على قناة «الحياة» المنظر حتما جد بشع ومؤلم، وانتظار مصير البنت كمن يجلس على الجمر، كما أضافت والدة الضحيتين «أنا أبحث عن العدل، العدالة لبناتي، من يعوضني في بناتي، تعالوا تأكدوا هنا حيث تدرس، يوجد شهود، ابنتي طاح مخها» على الحادية عشرة ليلا ولم يكن معها أحد، أنا كنت أعاني في البيت وهي تعاني مسكينة، كانت تصرخ لعل أحد يكون معهن ويساعدهن، السفاح كان يضربها بالمطرقة على الرأس، وحدها تبكي، تبحث عمن يحميها، قالوا لي ابنتك البقاء لله، لماذا؟ أين دور الأعوان (أعوان الأمن) حتى يسقط مخ شابة، شاطرة (متفوقة) ما شاء الله هذه السنة سنة الليسانس»!؟  كما نقلت صفحة تحمل اسم «1001 بومرداس» أن الأمر «يتعلق بشابين مجهولين يحملان أسلحة بيضاء، قاما بالاعتداء على الطالبات الثلاثة ليقوما بعدها بالفرار، تم القبض عليهم من طرف المصالح الأمنية، أما الطالبات فاثنتان تعرضتا لجروح بليغة، الأولى على مستوى الوجه والثانية على مستوى الجسد، أما الثانية فهي في حالة خطيرة (دعواتكم لها بالشفاء)».  هناك من ذكر أن عدد المصابات أربع طالبات وهناك من ذكر ثلاثة فقط، لكن المهم هو هذه الجريمة التي جعلت البعض يتخيل أن الأحياء الجامعية فضاء للنزوات الذكورية، وأن الطالبات في الأحياء الجامعية كأنهن غنائم حرب، وهذا ما يلاحظ في ردود الأفعال على بعض الصفحات في فيسبوك التي «تشفت» في ما حدث للطالبات بعبارات مثل «لا دخان بلا نار» وبوصف الأحياء الجامعية بـ«أوكار الدعارة» وغيرها من العبارات البذيئة التي يندى لها الجبين، والتي تعبر على «بو المارطو» أي صاحب المطرقة، الذي لا يصمد أمام حتى تمثال أنثوي فما باله يتجسس على الداخلات والخارجات من الحي الجامعي الآدميات، ومثلما حدث لتمثال عين الفوارة، تارة تحت غطاء الدين، وتارة تحت غطاء التقاليد، تقتل النساء وتنتهك حرماتهن، وكأن الشامتين ليس لديهم إناث بالبيت، وكأنهم بمعزل عن كمّ العنف الموجود في المجتمع والذي قد يطال الجميع!  وردّت صفحة تحمل اسم kula kim على تلك التعليقات الشامتة بالقول: «الموضوع: اعتداء على طالبات جامعيات في الاقامة الجامعية، يعني تخيلوا رجع للاعتداء تبرير، محاولة القتل تبرير» في كل الحوادث التي تروح ضحيتها نساء أو فتيات، تتعرض الضحايا لظلم مزدوج، القتل وخراب الديار. التعدي أو القتل والتهم الجاهزة التي تندس بداخلها فتنة النساء للرجال، الفتنة التي بسببها لا تمطر السماء ولا تنمو النباتات، وإلا كيف يبرر «اعتداء الماصو» الذي لو ترك للمبررين للعنف ضد النساء لبقي حرا طليقا، لكن هل فعلا ستسلط أقسى وأقصى العقوبات على من روع طالبات بعمر الزهور، وهل ستعيد المحكمة «سمعة» من تلوكهن الألسنة التي لا عظم فيها ولا إنسانية!  فاجعة وادي زم لا مفر منها  « فاجعة وادي زم، قوارب الموت تحصد المزيد من أرواح الشباب المغاربة الحالمين في العبور إلى الضفة الأخرى» عنوان جاء في موقع «المواطن 24» حيث «اهتزت مدينة «وادي زم» هذا الأسبوع على وقع خبر مفجع وصادم، حيث أودت قوارب الموت بحياة ستة أشخاص من «وادي زم» وأكثر من عشرين شخصا في عداد المفقودين، وهذا بعد فقدان أحد مراكب الهجرة السرية في المياه الفاصلة بين «بوجدور» وجزر الكناري، وجل هؤلاء الشباب ينحدرون من «وادي زم» ومن قبيلة «السماعلة» بينما تواصل أحد الشباب الناجين مع عائلته وسرد لهم القصة، وأنهم كانوا على متن قارب مهترئ وكان القارب يقل عددا كبيرا من المهاجرين حوالي 80 مرشحا للهجرة نحو أوروبا، وتحطم القارب في المياه الوطنية نتيجة الاكتظاظ الزائد، وما تزال أسر كثيرة تنتظر أخبار فلذات أكبادهم التي انقطعت بصفة نهائية وكلهم أسى، حيث يعيشون الأمرين ولا من خبر يطفئ الحزن الدائم في صدورهم، يضيف «المواطن 24»: في كل مرة تفجع «وادي زم» في أبنائها، الذين أنهكتهم البطالة وغياب المشاريع التي قد توفر لهم فرص الشغل، مما يجعلهم يفكرون في الهجرة غير الشرعية وامتطاء قوارب الموت المتهالكة»؟!  بينما جاءت تدوينة على صفحة «تراست 11» على فيسبوك: «دقيقة من وقتك نترحم على شباب المغرب من مدينة واد زم، أكثر من 80 شابا أغلبيتهم حاملي شواهد عليا استشهدوا في بحر داخلة باحثين عن حياة أفضل»! قدر شبابنا أن تتلقفه البلدان والمدن، والبحار والقفار بشهادات أو بدونها فلا فرص عمل ولا حياة كريمة، لذلك يرمون أحمالهم وأحلامهم في المجهول، الله يسترنا من البحار ومن الحروب التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، سوى حصد الآلام والأرق.  ش

مريم بوزيد سبابو - الجزائر

كأن الكرة الأرضية كلها تتابع أحداث الغزو الروسي لأوكرانيا، الحرب تجعل العالم فعلا قرية صغيرة هشة، هشاشة المشردين ومن هم تحت القصف، الحرب هي الحرب لا تبقي ولا تذر وتجعل الناس يعيشون مأساة أشد وقعا من مآسيهم اليومية، الحرب هي الحرب والتعدي على حرمة البلدان والشعوب هي نفسها في المطلق، لكن، في الحروب على البلدان العربية التي نرتبط بها برباط الدين واللغة والعادات، تغمض الأعين وتنام الجفون دون النقل المباشر الذي تعمد إليه القنوات المحلية والأجنبية، نخاف على أنفسنا وعلى اقتصادنا وعلى القمح الروسي والأوكراني، وعلى الأبناء الذين وجدوا في أوكرانيا في الجامعات التي تستقبلهم بمعدلات متوسطة في الطب، بينما يرفع سقف المعدلات في بلداننا، مع أن البطالة هي مأوى المتفوقين وغير المتفوقين، ولا يهم إن كنت متفوقا أو متوسطا أو ضعيفا ما دامت الوساطات والمحسوبيات لها الكلمة الأولى والأخيرة في النجاح في المسابقات وفرص العمل، وما يحدث في امتحانات الدكتوراه كل سنة أكبر دليل عما يعيشه الطلبة، يمتحن الآلاف من أجل منصب أو منصبين في التخصص الواحد، الحرب أمام هجرة الأبناء والأدمغة، تصبح حربا داخلية بيننا تلسعنا وتؤلمنا وتدخلنا في أحزان فلا الباقي بالبلاد سعيد ولا من هاجرها في منأى عما يحدث، بعد إشاعات عن مقتل طالبة جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي هنا، وإشاعة مقتل طالبة مغربية هناك وتفنيد الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، يتأكد خبر وفاة الطالب الجزائري طالب جزائري إماراتي الجنسية، حيث نقلت بعض الصفحات خبر مقتله بعدما تفرقت الأحزان على أسرته وأهله في الإمارات وتلمسان وفي كل الجزائر.

جاء في صفحة الإعلامي عبد العالي مزغيش أن: «أول ضحية جزائرية في أوكرانيا: نشر الزميل عبد السلام بارودي خبرا مؤكدا يقول فيه: أكدت لي عائلة طالبي في تلمسان، وفاة ابنها طالبي محمد في أوكرانيا، وهو ابن الاستاذ طالبي عبد الحفيظ المقيم في الإمارات العربية. محمد رحمه الله كان يدرس ميكانيك الطيران في أوكرانيا منذ 2018 وأنهى دراسته هذا العام، يبلغ من العمر 25 سنة، وهو حائز على جنسية إماراتية فضلا عن جنسيته الجزائرية، توفي خلال قصف روسي شرق أوكرانيا، العزاء في منزل عمه في تلمسان، إنا لله وإنا إليه راجعون».

صدم الخبر الجميع، لكن التعليقات ركزت على جنسيته الإماراتية، وهل يمكن أن يحصل عليها دون تنازل عن جنسيته الجزائرية، ونقاشات حول الموضوع، ومما لا شك فيه أن الحرب لا يمكن أن تكون بعيدة والناس ينتشرون في الأرض طلبا للعلم والعمل وتغيير «العتبة» لتغيير مسارات حياتية كئيبة، دمار الحرب لا يقتصر على الروس والأوكرانيين، لعنة الحرب تطال الجميع، ولو بالخوف والترقب فقط، نتمنى أن يكون الآتي غير مؤلم.

الأحياء الجامعية بين العنف الجسدي والرقابة الأخلاقية

في حادثة خطيرة، اهتز لها الرأي العام الجزائري، ما عدا وزارة التعليم العالي، التي لم تصدر لحد كتابة هذه السطور بيان تنديد، حيث وقع اعتداء بشع على الحي الجامعي عائشة شنوي في مدينة «بودواو» شرق العاصمة، وبعنوان عريض عرف الجاني أنه «ماصو» أي بناء شاب (31 سنة) وحسب جريدة «النهار» فقد «تعرضت أربع طالبات لاعتداء همجي، وأصبن بجروح متفاوتة على يد مجهولين، الاعتداء الذي وصفته «النهار» بالخطير، وتم نقل المصابات للمستشفى وواحدة منهن في حالة حرجة».

صرحت والدة هذه الأخيرة، والتي كانت منهارة، بأنها «لن تسامح في بناتها، حيث دخل السفاح حتى الطابق الثالث وضرب فتاتين، وعندما سمعت بناتها الصراخ أتيتا، وعندما خرج الجاني بمطرقته، قام بتتبع البنت الكبرى وضربها بالمطرقة، وعندما وصلت الصغرى، طلبت الكبرى من أختها الهرب، فهما طالبتان تدرسان الحقوق، وبدأت الكبرى تجري فضربها المسكينة بالمطرقة وهي الآن في «البلوك» (غرفة العمليات) والأخرى كسر لها يدها ووضعوا لها ست غرز، في صدرها ورئتيها، كارثة، والأخت الكبرى ما زالت بـ«البلوك» و»مخها طاح» على حد تعبير الوالدة المكلومة في ابنتيها حسب تصريحاتها على قناة «الحياة» المنظر حتما جد بشع ومؤلم، وانتظار مصير البنت كمن يجلس على الجمر، كما أضافت والدة الضحيتين «أنا أبحث عن العدل، العدالة لبناتي، من يعوضني في بناتي، تعالوا تأكدوا هنا حيث تدرس، يوجد شهود، ابنتي طاح مخها» على الحادية عشرة ليلا ولم يكن معها أحد، أنا كنت أعاني في البيت وهي تعاني مسكينة، كانت تصرخ لعل أحد يكون معهن ويساعدهن، السفاح كان يضربها بالمطرقة على الرأس، وحدها تبكي، تبحث عمن يحميها، قالوا لي ابنتك البقاء لله، لماذا؟ أين دور الأعوان (أعوان الأمن) حتى يسقط مخ شابة، شاطرة (متفوقة) ما شاء الله هذه السنة سنة الليسانس»!؟

كما نقلت صفحة تحمل اسم «1001 بومرداس» أن الأمر «يتعلق بشابين مجهولين يحملان أسلحة بيضاء، قاما بالاعتداء على الطالبات الثلاثة ليقوما بعدها بالفرار، تم القبض عليهم من طرف المصالح الأمنية، أما الطالبات فاثنتان تعرضتا لجروح بليغة، الأولى على مستوى الوجه والثانية على مستوى الجسد، أما الثانية فهي في حالة خطيرة (دعواتكم لها بالشفاء)».

هناك من ذكر أن عدد المصابات أربع طالبات وهناك من ذكر ثلاثة فقط، لكن المهم هو هذه الجريمة التي جعلت البعض يتخيل أن الأحياء الجامعية فضاء للنزوات الذكورية، وأن الطالبات في الأحياء الجامعية كأنهن غنائم حرب، وهذا ما يلاحظ في ردود الأفعال على بعض الصفحات في فيسبوك التي «تشفت» في ما حدث للطالبات بعبارات مثل «لا دخان بلا نار» وبوصف الأحياء الجامعية بـ«أوكار الدعارة» وغيرها من العبارات البذيئة التي يندى لها الجبين، والتي تعبر على «بو المارطو» أي صاحب المطرقة، الذي لا يصمد أمام حتى تمثال أنثوي فما باله يتجسس على الداخلات والخارجات من الحي الجامعي الآدميات، ومثلما حدث لتمثال عين الفوارة، تارة تحت غطاء الدين، وتارة تحت غطاء التقاليد، تقتل النساء وتنتهك حرماتهن، وكأن الشامتين ليس لديهم إناث بالبيت، وكأنهم بمعزل عن كمّ العنف الموجود في المجتمع والذي قد يطال الجميع!

وردّت صفحة تحمل اسم kula kim على تلك التعليقات الشامتة بالقول: «الموضوع: اعتداء على طالبات جامعيات في الاقامة الجامعية، يعني تخيلوا رجع للاعتداء تبرير، محاولة القتل تبرير» في كل الحوادث التي تروح ضحيتها نساء أو فتيات، تتعرض الضحايا لظلم مزدوج، القتل وخراب الديار. التعدي أو القتل والتهم الجاهزة التي تندس بداخلها فتنة النساء للرجال، الفتنة التي بسببها لا تمطر السماء ولا تنمو النباتات، وإلا كيف يبرر «اعتداء الماصو» الذي لو ترك للمبررين للعنف ضد النساء لبقي حرا طليقا، لكن هل فعلا ستسلط أقسى وأقصى العقوبات على من روع طالبات بعمر الزهور، وهل ستعيد المحكمة «سمعة» من تلوكهن الألسنة التي لا عظم فيها ولا إنسانية!

فاجعة وادي زم لا مفر منها

« فاجعة وادي زم، قوارب الموت تحصد المزيد من أرواح الشباب المغاربة الحالمين في العبور إلى الضفة الأخرى» عنوان جاء في موقع «المواطن 24» حيث «اهتزت مدينة «وادي زم» هذا الأسبوع على وقع خبر مفجع وصادم، حيث أودت قوارب الموت بحياة ستة أشخاص من «وادي زم» وأكثر من عشرين شخصا في عداد المفقودين، وهذا بعد فقدان أحد مراكب الهجرة السرية في المياه الفاصلة بين «بوجدور» وجزر الكناري، وجل هؤلاء الشباب ينحدرون من «وادي زم» ومن قبيلة «السماعلة» بينما تواصل أحد الشباب الناجين مع عائلته وسرد لهم القصة، وأنهم كانوا على متن قارب مهترئ وكان القارب يقل عددا كبيرا من المهاجرين حوالي 80 مرشحا للهجرة نحو أوروبا، وتحطم القارب في المياه الوطنية نتيجة الاكتظاظ الزائد، وما تزال أسر كثيرة تنتظر أخبار فلذات أكبادهم التي انقطعت بصفة نهائية وكلهم أسى، حيث يعيشون الأمرين ولا من خبر يطفئ الحزن الدائم في صدورهم، يضيف «المواطن 24»: في كل مرة تفجع «وادي زم» في أبنائها، الذين أنهكتهم البطالة وغياب المشاريع التي قد توفر لهم فرص الشغل، مما يجعلهم يفكرون في الهجرة غير الشرعية وامتطاء قوارب الموت المتهالكة»؟!

بينما جاءت تدوينة على صفحة «تراست 11» على فيسبوك: «دقيقة من وقتك نترحم على شباب المغرب من مدينة واد زم، أكثر من 80 شابا أغلبيتهم حاملي شواهد عليا استشهدوا في بحر داخلة باحثين عن حياة أفضل»! قدر شبابنا أن تتلقفه البلدان والمدن، والبحار والقفار بشهادات أو بدونها فلا فرص عمل ولا حياة كريمة، لذلك يرمون أحمالهم وأحلامهم في المجهول، الله يسترنا من البحار ومن الحروب التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، سوى حصد الآلام والأرق.

تعليقات