روابط القرى عملاء الكيان الصهيوني
بقلم: العميد/ محمد يوسف الحلو -"أبو خالد"
بعد خروج الثورة الفلسطينية من الأردن ونقل معركة التحرير الوطني إلى داخل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزةونضج الوعي القومي والوطني بحتمية النصر وفتح الجامعات الفلسطينية بير زيت عام 1972
والنجاح الوطنية عام 1977
وجامعة الخليل عام 1971 وكانت أول جامعة في فلسطين وكانت فكرة التأسيس من قبل الشيخ محمد علي الجعبري
وجامعة بيت لحم عام 1973
وشراك طلاب الجامعات في المعترك السياسي و الجماهير والنضالي وعلى رأس ذلك الكفاح المسلح الذي أرهب الكيان الصهيوني
أقر المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في القاهرة عام 1973 تأسيس الجبهة الوطنية الفلسطينية لتكون قيادة وطنية محلية تمثل جميع فصائل (م ت ف) وترجم الوعي عند الجماهير الفلسطينية بفوز ساحق للحركة الوطنية الذراع ( م ت ف ) في إنتخابات عام 1973 إعتراف القمة التي عُقدت في الرباط في المغرب بأن (م ت ف) هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وتوج الوعي بالقضية الفلسطينية في إنتخابات البلدية مرة أخرى عام 1976 الذي فاز بها الحركة الوطنية الفلسطينية
حاول الكيان الصهيوني في قرى الضفة الغربية التي يشكل عدد سكانها ما يقارب ال 70% من سكان الضفة الغربية إبتكار نموذج روابط القرى يساعدها في حكم الفلسطينيين عبر «نخبة عميلة» محلية يعيّنها الكيان الصهيوني وتفصيلها على مقاسات عملها ودورها الخياني لكن هذا النموذج أسقطه الشعب الفلسطيني بوعيهم قبل نضالاتهم... تلك التجربة كان إسمها روابط القرى.
لم يكن ليغيب عن بال مناحم ميلسون، الذي كان مستشار الشؤون العربية في الحكم العسكري الصهيوني في الضفة الغربية أهمية ما طرحه الحاكم العسكري لمدينة الخليل يغئال كرمون على مأدبة العشاء في أحد ليالي تموز الحارة من عام 1979، في بيت الشيخ محمد علي الجعبري في الخليل حول إيجاد قيادات فلسطينية متواطئة مع الحكم العسكري الصهيوني ، وبديلة عن «منظمة التحرير الفلسطينية»، فهو الخبير والمتخصص بالأدب العربي والمحاضر به في الجامعة العبرية، لذلك سارع إلى دراسة المقترح ووضع التصورات العملية لتطبيقه على الأرض.
جاءت فكرة روابط القرى إسرائيلياً بعد عدد من الأحداث التي دقت ناقوس الخطر خاصة بعد انتخابات البلدية عام 1976، التي فازت فيها «قائمة لجنة التوجيه الوطني» الممثلة لمنظمة التحرير الفلسطينية وهم رؤساء بلديات نابلس ورام لله والبيرة والخليل وبيت لحم وحلحول وهم بسام الشكعة وكريم خلف وابراهيم الطويل وفهد القواسمي و محمد ملحم
يقول بسام الشكعة، الذي كان رئيس بلدية نابلس، «لقد حاول الاحتلال من أجل تحقيق غاياته طرح شعار الحكم الذاتي من أجل تمريره وتطبيقه في الأرض المحتلة، لكنه فشل، لذلك سعى لأن تتسلم البلديات إدارة شؤون المواطنين الفلسطينيين، فأجرى انتخابات بلديات في 1973 وعندما فازت قائمة م ت ف ثم انتخابات أخرى في 1976 على امل ان يفوز رجال الكيان الصهيوني كان من الواضح أن الاحتلال أراد تطبيق الحكم الذاتي كي يفصل فلسطينيي الداخل عن منظمة التحرير في الخارج».
يضيف الشكعة في شهادته على تلك المرحلة أن «القوى السياسية والجماهير أبدت مقاومة هذه النوايا، فعينوا موعد الانتخابات، وكانت الفترة التي مضت فترة وعي الجماهير الفلسطينية حول طبيعة الحكم الذاتي وأهدافه، والأخطار التي ترتبط به... تشكلت قوائم تشمل التيار الوطني من كل الفئات ونجحت قوائم لجان البلديات في كل المواقع في الوطن».
كان من الواضح آنذاك أن إلكيان الصهيوني وبعد فشلها في السيطرة على رؤساء البلديات الجدد، ستسعى لتشكيل قيادة موازية تتواطأ وسياساتها الداعية للسيطرة على السكان وتمرير مخططاتها السياسية على الشعب الفلسطيني، بعد محاولة الكيان الصهيوني إبعاد «منظمة التحرير» عن تمثيل فلسطينيي الداخل ( الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة )
حاولت إسرائيل ممارسة الضغوط على مجالس البلديات من أجل استعمالها أدوات لتصفية القضية الفلسطينية، لكن هذه المجالس قاومت، فبدأ الاحتلال اتهامهم بالتورط في النشاط السياسي. كما حصل مع المؤسسات الحقوقية المستقلة الستة التي اتهمها وزير حرب الكيان الصهيوني غنس بأنها ارهبية او تدعم الارهاب وخصوصآ بعد قبول محكمة الجنايات الدولية بفتح قضية لمحاكمة قادة الكيان الصهيوني السياسيين والعسكريين كمجرمين حرب ارتكبت مجازر أبادة ضد الشعب الفلسطيني الاعزل فتهمت هذه المؤسسات الحقوقية المستقلة مثل مؤسسة الحق في الضفة بالارهاب والمركز الفلسطيني في غزة ونلاحظ في الانتخابات المحلية في الضفة الغربية التي كانت في شهر 12 من عام 2021 فوز العائلات وليس التنظيمات الفلسطينية.
يروي الشكعة أنه عندما ترأس المجلس البلدي في نابلس، حضر (رئيس الكيان الصهيوني الراحل) شمعون بيريز ليسلمه أوراق التعيين. ويضيف: «كان واضحاً من كلامه (بيريز) أن شرط استمرارنا هو تطبيق القوانين وقرارات سلطات الكيان الصهيوني ، وأنا قلت له بصراحة: نحن تحت احتلال وعلاقتنا بالاحتلال تحددها القوانين الدولية والمحلية، الأمر الذي لم يرق له نهائياً. أثناء العمل مع الحكام العسكريين تكرر الكلام نفسه: من أجل نجاحكم في مهمتكم عليكم التزام تطبيق القرارات العسكرية، لكن موقفنا كان واضحاً وصريحاً منذ اليوم الأول لتسلّمنا مهام عملنا في المجالس البلدية مهمتنا كما وكّلنا بها الشعب أن لا نطبق القرارات العسكرية وأن نطبق قرارات شعبنا واحتياجاته».
سعيد ياسين كان رئيس بلدية عصيرة
بعد زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وقبوله وتوقيعة اتفاق كامب ديفيد، كُلفت «لجنة التوجيه الوطني» على أساس أنها قيادة تمثل الذراع القوية في الداخل لمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني واخذت م ت ف شرعيتها من الشعب الفلسطيني ومن اعتراف اجتماع القمة العربية التي عقدت في الرباط في المغرب عام 1974 بان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني
وكانت تضم الحركة الوطنية في الداخل كل الفصائل والمستقلين والأحزاب والمجالس البلديات ومؤسسات أخرى. كان هذا قوة نفوذ ضخمة للحركة الوطنية في الأراضي المحتلة، الأمر الذي دفع الكيان الصهيوني إلى تجديد أساليبها،
لذلك شكل روابط للقرى لتكون بديلة عن( مجالس البلدية و«لجنة التوجيه الوطني» التابعة وذراع منظمة التحرير الفلسطينية .)
لقد وضع مناحم ميلسون كامل خبرته الأكاديمية بما يحمله من معرفة بالعقلية العربية وإمكانات التأثير فيها، وخبرته العسكرية بكونه مستشاراً للشؤون العربية لدى الحاكم العسكري التي أثمرت معرفة واسعة بطبيعة المجتمع الفلسطيني، ليحكم رؤيته حول تشكيل روابط القرى، وأراد منها تحقيق عدة أهداف أهمها
محاولة تهميش وتجاوز القيادة الوطنية الفلسطينية، التي كانت قد صارت شرعية بانتخابها في المجالس البلدية، وليس أخيراً الدفع إلى تكريس «المناطقية» بإنشاء هذه التشكيلات من «المتعاونين» من القرى التي تقع خارج صلاحيات مجالس البلدية، وذلك في محاولة مكشوفة لإحداث شرخ بين «المدينة» و«القرية»، والبحث عن شخصيات يمكنها أن تماثل الشخصيات الوطنية التابعة لـ«منظمة التحرير»، كما يمكنها أن تؤدي هذا الدور بإتقان يجعلها تنجح فيه.
وجد ميلسون غايته في مصطفى دودين، وهو وزير سابق في الحكومة الأردنية، وابن إحدى العائلات المعروفة في بلدة دورا في جبل الخليل، الذي لبى طلبه ووافق عليه ليُعلن تشكيل روابط القرى في 1979، وقد أعطيت لها صلاحيات واسعة سياسية وخدماتية واقتصادية، لتكون بديلاً حقيقياً عن المجالس البلدية والقروية التي لم تكن تخضع لرؤية الكيان الصهيوني.
كانت تلك المجالس تؤمن بالنضال من خلال «منظمة التحرير»،
وفي المقابل ستكون روابط القرى أداة في يد الكيان الصهيوني ، التي أعطت لمصطفى دودين نفوذاً كبيراً شمل حتى النفوذ الأمني حتى لو بصورة بسيطة. كان الهدف منه واضحاً، وهو ترويع السكان، ومقابل هذا النفوذ ثمة ثمن واضح هو «إعادة توجيه السلوك السياسي الفلسطيني» ليصير وفق رغبة الكيان الصهيوني وسياساتها المختلفة.
إن الرؤية الإستراتيجية لميلسون في التعامل مع فكرة روابط القرى كانت تنبع من رؤيته إلى العناصر المركزية الثلاثة التي رأى ميلسون أنها تحدد الولاء السياسي الفلسطيني، أي المال، والتوصل إلى مراكز القرار، والقدرة على إلقاء القدر الأكبر من الخوف في نفوس السكان لذلك تم تشكيل ميليشيات عميلة تسلح وتدرب وتمول من الكيان الصهيوني واعطيت تصريح لم الشمل وتصاريح الزيارة والعمل داخل فلسطين المحتلة عام ال 48' وهذه جميعها أُعطيت لروابط القرى في جرعات متزايدة بالتدريج،
إن محاولات الكيان الصهيوني اللعب على الأصول العائلية و«المناطقية» لم يكن لها تأثير في الشكعة والطويل وخلف والقواسمي وملحم تحديداً، الذي كانوا في ذلك الوقت قادة وطنين لـ«منظمة التحرير» في الأراضي المحتلة، كما وصفهم الجنرال داني ماط، الذي كان آنذاك منسق أنشطة جيش الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة. ومع أن الأخير كان يرجع بالأساس إلى ما كانت هذه العائلات تلقاه من احترام واضح داخل المجتمع الفلسطيني، فإنه كان يعلم أيضاّ طبيعة الحساسيات الشديدة بين تلك العائلات ورغبة كل منها في تصدر العمل السياسي العام.
بسام الشكعة، مثلاً، ينحدر من إحدى العائلات المعروفة والمرموقة في مدينة نابلس، وهذا ما حاول الحاكم العسكري للمدينة آنذاك صنعه حين طلب لقاء بسام الشكعة في مكتبه. يقول بسام الشكعة «دعاني الحاكم العسكري وكان اسمه مصافي، وحينما وصلت كان أمامه مجموعة من الأوراق، فقال لي: بسام نحن حرنا في أسباب المظاهرات في نابلس، وبعد استخدام مخابراتنا وجدنا أنك السبب، وأن هناك عائلات تتظاهر ضد عائلتك وهي عائلة المصري؛ في محاولة للإيقاع بيننا. قلت له ما يجب أن تعرفه أنكم غرباء في هذه البلد وأنتم احتلال ولا تعرفون الوضع الاجتماعي في مدينتنا. إن في دار المصري 12 رجلاً ينادونني بخالي، كما أن نائبي في البلدية هو من عائلة المصري، ظافر المصري، وكان هذا الرد كفيلاً بإنهاء المقابلة لإخفاق الهدف منها».
بسام الشكعة خلال تسلمه شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة النجاح الوطنية
لقد كان من الواضح أن ميلسون بكامل خبرته وعقليته الاستشراقية، التي تتعامل مع الواقع الفلسطيني بحرفة المستشرق، وذكاء الأكاديمي، وحسم العسكري، عجز عن التعامل مع بسام الشكعة بوطنيته وشعوره النضالي وقوة صوته كونه منتخباً من أبناء شعبه وليس معيَّناً. لقد كان يحمل في داخله قوة أبناء شعبه الفلسطيني عامة، وأبناء مدينته نابلس خاصة، وهنا يبدو ملحوظاً الشرعية التي كان يحظى بها هؤلاء القادة والقوة التي كانوا يمتلكونها في تلك المرحلة خلال تعامل الاحتلال معهم، ورفضهم إملاءه وتهديده، مقابل غيابها في هذه الأيام.
بالتوازي مع ذلك، باشر مصطفى دودين العمل على نشر فكرة الروابط ( روابط القرى ) وتعميمها في مختلف المناطق في الضفة المحتلة بعد تشكيله رابطة القرى في الخليل، التي حاول تمريرها في البداية بين المواطنين من خلال الإعلان ظاهرياً أنها تعمل على التنمية الريفية، واستند بها إلى الجمعية الزراعية التي كان يترأسها شقيقه.
بعد النجاح النسبي للرابطة في الخليل، توسعت الروابط لتصير في سبع مناطق إدارية في الضفة: رابطة قرى الخليل برئاسة مصطفى دودين، ورابطة قرى بيت لحم برئاسة بشارة قمصية، ورابطة قرى نابلس برئاسة جودت صوالحة، ورابطة قرى طولكرم برئاسة مصطفى مرزوق، ورابطة قرى رام الله برئاسة جميل الخطيب، ورابطة قرى جنين برئاسة يونس الحنتولي، ورابطة قرى قباطية برئاسة محمد الراغب.
لقد كان النجاح النسبي للروابط نابعاً من الإجراءات التي مارستها سلطات الاحتلال بسحبها الصلاحيات التابعة للمجالس البلدية كمنح رخص البناء، بالإضافة إلى امتياز تقديم طلبات لمّ الشمل وإصدار التصاريح كما هو حاصل اليوم من لم الشمل وتصاريح العمل داخل الخط الاخضر ( فلسطين المحتلة عام ال 48) كما أعطتها صلاحيات تتعلق بالتعليم والصحة، الأمر الذي دعاها إلى تطوير هيكليتها التنظيمية لتناسب عملها، ثم إصدار صحف ناطقة باسمها ومعبّرة عن رؤيتها السياسية كـ«المرآة» و«أم القرى» بأسم روابط القرى وتشكيل قوة مسلحة تابعة لروابط القرى تسلح وتمول تدرب من الكيان الصهيوني من اجل ارعاب الشعب الفلسطيني في القرى
ورقة أرشيفية من صحيفة كانت تصدرها روابط القرى
رابطة القرى في نابلس (عصيرة الشمالية) تأخرت عن مثيلاتها من الروابط في الضفة، فقد أنشئت بقيادة جودت صوالحة، الذي اختير ليكون نائباً أول لدودين في قيادة روابط القرى، وذلك في 3/6/1982، وفق رواية سعيد ياسين أحد أهم الشهود على تلك المرحلة ورئيس بلدية عصيرة من عام 2005 حتى 2007، وكان أيضاً أحد قادة إضراب المعلمين عام 1981.
يقول ياسين إن تأسيس الروابط في قرية عصيرة كان وصمة عار، لذلك أحرقت الشوادر (الخيم) التي وُضعت للاحتفال، واندلعت اشتباكات. ويواصل: «كنت أعمل مدرساً في بيتا وشرحت للطلاب خطورة روابط القرى وأثرها في المجتمع الفلسطيني وسيئاتها وأنهم قيادة بديلة عن منظمة التحرير في ذلك الوقت. فُصلت من عملي في 1981 حتى قدوم السلطة الوطنية في 1994، وفي ذلك الوقت فتحت محلاً لتصليح الكهربائيات أغلقته المخابرات الصهيونية لمدة 90 يوماً، بالإضافة إلى منعي من السفر».
كانت أياماً سوداً وقاتمة على ياسين الذي أكد أنه كان لروابط القرى في عصيرة تأثير قوي، ففي بداية تشكيلها، قُتل ناشط من منظمة التحرير ورُمي على طريق عصيرة نابلس. ويستدرك: «استطعنا بعد مدة إيضاح الأمور لأهل القرية وإقناعهم بمدى سوء روابط القرى، وبأن الهدف منها أن تكون بديلاً من منظمة التحرير وأنها صنيعة الاحتلال، وهي خارجة عن نطاق المجتمع الفلسطيني وأعرافه... ساعدنا آنذاك المساوئ التي كانوا يمارسونها، كما ساعدنا في ذلك الوقت وجود تصريح في صحيفة القدس من إيهود باراك قال فيه نحن (الإسرائيليين) حولنا روابط القرى إلى جهاز المخابرات الإسرائيلية، وهنا فهم سكان عصيرة خطورتها وبدؤوا بمحاربتها معنا.
عجز ميلسون رغم عقليته الاستشراقية وخلفيته الأكاديمية والعسكرية عن كسب الشكعة
ويواصل المعلم حديثه: «عندما قدنا نضالنا ضد الاحتلال، وقف إلى جانبنا المناضل بسام الشكعة في مواجهتنا روابط القرى أو في إضراب المعلمين، كما وضع تحت تصرفنا قاعة الاجتماعات في البلدية... كان هؤلاء القادة العظام القوة الموازية لمنظمة التحرير في الداخل وقادوا العمل الوطني ضد الكيان الصهيوني ».
في نابلس تحديداً، بدأ الرفض الكامل لروابط القرى، ثم انتقل إلى باقي القرى حتى أحبطت ذلك المشروع، فكانت النتيجة أنّ الكيان الصهيوني أقدم على إبعاد رؤساء البلديات في المدن الرئيسية، وعمل على تحويل الحكم العسكري في فلسطين إلى إدارة سماها الإدارة المدنية حتى تكون مدخلاً لإدارة مدنية فلسطينية، لكنها، وفق رؤية الشكعة «حكم ذاتي». ويضيف: «الاحتلال قرر شيئاً كان الناس قد سبقوه في رفضه جماعياً، ففشلوا في هذا المقترح... لم يكن جوّ القرى غريباً عن المدن، وكان الرأي العام في القرى موازياً للذي في المدن».
ولذلك حاول الكيان الصهيوني ابعاد القادة الوطنبن رؤساء البلديات بشتى الطرق فمنهم بالاغتيال كما حدث مع رئيس بلدية نابلس المناضل الكبير بسام الشكعة بوضع متفجرات تحت سيارتة في 2/ 6 / 1980 نفجرات العبوة اول ما تم تشغيل السيارة مما أدى الى اصابته بجروح خطيرة نتج عنها بتر ساقيه
وفي نفس الصباح من 2/ 6/ 1980 وضع عبوة ناسفة اسفل سيارة رئيس بلدية رام الله كريم خلف وبعد تشغيل سيارته فورإ انفجرة العبوة مما ادى الى اصابته بجروح خطيرة نتج عنها بتر ساقه عندما سمع الجميع عن التفجيرات اسفل سيارات رؤساء البلديات الوطنين تأكد بأن رئيس بلدية البيرة سوف يكون الاخر مستهدف فمنع من ركوب سيا ته التي انفجرت بعدهم بثوني وربنا سلمه وكان هذا أرهاب دولة ومستوطنيها.
اما بخصوص رئيس بلدية الخليل المهندس فهد القواسمي ورئيس بلدية حلحول محمد ملحم والشيخ رجب التميمي تم اعتقالهم ليلا ونقلهم الى الحاكمية العسكرية ومن ثم اخذهم بطائرة عسكرية ونفيهم الر جنوب لبنان في الثاني من ايار عام 1980 واعتقد الكيان الصهيوني بانه بقوة ارهابه ان يمرر ما خطط له لذلك قام
بافتتاح «الإدارة المدنية» الإسرائيلية في الأول من تشرين الثاني 1981 التي رفضتها «لجنة التوجيه الوطني» ورأت أنها تكتيك هدفه إنكار حق الفلسطينيين في تقرير المصير وفي دولة لهم.مستقلة على حدود ال 67 من الحدود الاردنية وتكون القدس الشريف عاصمتها
كان الشكعة، كما يقول جيفري أرونسون، مثل ميلسون نفسه، يرى أن «الإدارة المدنية» ليست أداة للمصالحة بل للمجابهة، فقد أعلن أن «هذه الهيئات العدوانية ستقاتل المؤسسات الوطنية بالوسائل كافة». ومن أوّل ما فعله ميلسون في ذلك الوقت امر بإغلاق جامعة بير زيت لمدة شهرين لكونها انطلقت مع أخواتها من الجامعات في الضفة كجامعة النجاح الوطنية وغيرها في مظاهرات رافضة لـ«الإدارة المدنية»، فيما عمل الكيان الصهيوني على إبعاد بسام الشكعة وزملائه من رؤساء البلدليات كريم خلف وإبراهيم الطويل وفهد القواسمي ومحمد ملحم والشيخ رجب التميمي ومحاولة اغتيال رؤساء بلديات نابلس و رام الله والبيرة حاولوا اغتيالهم بوضع متفجرات في سيارتهم
ولسلطة الحكم العسكري الكيان الصهيوني تجربة سابقة في 1979 حينما أمرت بإبعاد بسام الشكعة واعتقلته بانتظار تنفيذ القرار خرجت مظاهرات كبيرة في نابلس ، والسبب كان رفضه المتكرر مقابلة الجنرال داني ماط، الذي كان منسق أنشطة الجيش الصهيوني في الأراضي المحتلة، وكان يريد ربط شبكتي المياه والكهرباء النابلسيتين بشبكتي إلكيان الصهيوني ، لكن عملية الإبعاد غُلّفت بالادعاء الصهيوني أن الشكعة «أقر قتل الفدائين الفلسطينيين للمدنيين الصهاينة على الطريق الساحلي في آذار 1978»، في إشارة إلى عملية دلال المغربي.
وإن كان( عيزر وايزمان، وهو رئيس الكيان الصهيوني ) السابق، قد صرح بأن ما قاله الشكعة ليس هو السبب، بل الموقف الذي تصدر عنه الكلمات، فقد سلم وايزمان بأن الأسباب الداعية إلى إبعاد الشكعة لا تستند إلى المحادثة بينه وبين الجنرال ماط، فقد كانت المحادثة نهاية الحكاية وجزءاً من معلومات كثيرة متراكمة عن رئيس البلدية، خاصة أنه «حُذر في السابق من المضي في نشاطاته الاستفزازية للكيان الصهيوني».
رئيس روابط القرى مصطفى دودين
في ذلك الوقت، طرحت روابط القرى رؤيتها السياسية دون تحفظ أو مواربة، وكانت تنشرها في المقابلات التي كانت تجريها صحفها الخاصة مع قياداتها الأولى، أو بالتصريحات التي كانت تعطيها لوسائل الإعلام المختلفة. هم بداية يعترفون بإسرائيل، وهم دعاة سلام يطالبون إسرائيل بالاعتراف بالشعب الفلسطيني وبحقوقه، وطالبوا بإنهاء الاحتلال ليكون هناك بدلاً منه «علاقات حسن جوار تتسم بالثقة والمحبة»، كما قال دودين في اجتماع لجميع الروابط نشرته صحيفة «الأنباء» الإسرائيلية الناطقة بالعربية في عددها في 26/12/1982. وقال دودين أيضاً: «نعلن بكل صراحة أننا لسنا على استعداد للدخول في أي مفاوضات تؤدي إلى التنازل عن أي شيء من حقوقنا وإننا نؤمن إيماناً مطلقاً بأن هذه الحقوق ستتحقق في يوم ما ولكن بأسلوب السلام وليس بأسلوب الإرهاب» وكان يقصد دودين نضال منظمة التحرير الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني المسخ وقطعان مستوطنية كما نقلت عنه «الأنباء» في 19/11/1982 هذا صورة تجميلية للعميل دودين رئيس روابط القرى في الضفة الغربية
أما جودت صوالحة، فقال في حفل تأبين يوسف الخطيب (رئيس رابطة القرى في رام الله الذي اغتيل على يد «منظمة التحرير»)، إننا «من هنا ننادي ونطالب بالتفاهم وبالتفاوض المباشر مع جميع الأطراف المعنية لحل هذه المشكلة (الفلسطينية)»، كما نقلت الصحيفة نفسها في 2/12/1982. هذه المواقف السياسية التي كانت في ذلك الوقت شديدة التحريم ولاقت رفضاً شعبياً ووطنياً ودفعت إلى نبذ روابط القرى والتعامل معها بصفتها جهة خيانية تتبع قوات الاحتلال الصهيوني وساهم في هذا ممارسات الرابطة عبر استخدام السلاح ضد المواطنين الآمنين وترويعهم والاعتداء على ممتلكاتهم، وكلها أمور عجلت في نهاية الروابط عام 1984 وكما هو حاصل اليوم من اشتبكات مسلحة بين العائلات قي الخليل وجنين وجزاء من الفلتان الامني من سرقات واغتيلات في الضفة وكما خصل في قطاع غزة قبل الانقلاب او الانقسام الذي حصل في غزة عام 2007
خلال تصفح كتب التاريخ المعاصر في المنهاج الفلسطيني وغيره يُلاحظ تغييب هذه المرحلة من تاريخ الشعب الفلسطيني، ليس من كتب التربية الوطنية في المدارس فحسب، إنما من مناهج الجامعات، خاصة أنه بالمقارنة اللازمة ما بين مرحلتين بشخوصها وبآليات عملها وبمواقفها، مع الاعتراف باختلاف الواقع وتطوره بين المرحلتين (راوبط القرى ــ السلطة)، فإن هناك ما يرجعنا إلى هذه المقارنة في الموقف السياسي وطبيعة الردود على الجانب الكيان الصهيوني بل حتى في أبجديات التفاوض معه.
إن جدال داني ماط وبسام الشكعة حول عملية دلال المغربي، التي نقلتها بالحرفية الصحف الإسرائيلية، يجب أن يدرسه كل سياسيينا الذين يمارسون العمل السياسي والإداري أيضاً، وكذلك رده العنيف والقوي النابع من تعامل أعدائه معه من منطلق أنه إنسان شريف، كما وصفه ميلسون شخصياً رغم عدائه الواضح له. وحينما رفض الحاكم العسكري لنابلس لقاءه، فرفض الشكعة في المقابل أن يلتقي به حينما طلب ذلك، خاطبه ذلك الحاكم بكل غطرسة: «أنت على ما يبدو لا تعرف أمام من تقف، أنت أمام الحاكم العسكري الذي يستطيع سجنك وإبعادك»؛ هنا رد الشكعة: «أعرف أني أمام الحاكم العسكري المعيّن لمدينة نابلس يوسف لونتس. لكن على ما يبدو أنك من لا يعرف أمام من يقف»، وقال له بنبرة قوية: «أنت أمام بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس المنتخب، الذي من واجبه الحفاظ على كرامته وكرامة بلده، يحق لي رفض مقابلتك كما رفضت مقابلتي».
إن هذا الخطاب السياسي القوي لا ينبع من قوة البلاغة وحجتها بمقدار ما يعبّر عن الموقف الحقيقي لما يجب أن يكون عليه القائد من قوة وهيبة. لقد كان جزء من قوة الشكعة ورفاقه نابعاً من قوة شعبه الذي يثق به، كما كان يعرف دوره جيداً وحجم التفويض المعطى له. نحتاج إلى أكثر من هذا النصّ لنعدل شيئاً من بوصلتنا التي لا تشير إلى أهداف المشروع الوطني الحقيقي الذي نسعى خلفه.هكذا يجب أن يكون القادة السياسين الفلسطنين وعلى الفور ودون إبطاء أو تلكؤ من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه
تشكيل حكومة إنقاذ وطني من جميع الأمناء العامون لجميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس والجهاد الاسلامي بعد إنتهاء الإنقسام البغيض للوصول إلى إنتخابات تشريعية ومن ثم رئاسية ومجلس الوطني بالتزامن يمثل بهذه الإنتخابات القدس عاصمة دولتنا المستقلة بشكل خاص ويمثل الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده إنهاء الإنقسام العين الذي أخر القضية الفلسطينية عقود و من أجل إفشال مخطط التحالف الصهيوامريكي وعملاء التطبيع من حلول إقتصادية على حساب الحل الوطني وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
هل ما كان يمارس بالأمس يمارس اليوم من تجويع وحرمان وعزل وفقر وبطالة وحصار قطاع غزة وفرض حلول إستسلامية هزيلة مثل ما يحاول التحالف الصهيوامريكي فرضه على الشعب الفلسطيني مثل الحل الإقتصادي المرفوض جماهيراً
لن نقبل إلا بدولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي التي إحتلت عام ال67 من الحدود الأردنية و تكون عاصمتها القدس الشريف
عاش نضال شعبنا العظيم بعظمة قضيته.
عاشت ( م ت ف ) الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
عاشت فلسطين واحدة موحدة وعاصمتها القدس الشريف.
أكتب تعليقك هتا