بناء اقتصاد فاعل للنساء حاجة عالمية
بولا جونسون
كرئيسة لكلية للنساء لم يسبق لي كما اليوم أن انشغلت بمسألة الأفق الاقتصادي للشابات. وشكلت جائحة «كوفيد 19» الضربة القاضية.
حيث أكثر من ثلثي صافي خسائر الوظائف منذ فبراير 2020 لحق بالنساء، ولا يزال هناك في سوق العمل 1.1 مليون أقل من النساء مما كان عليه الوضع قبل الجائحة. ولا يقتصر الأمر فقط على خسارة النساء لوظائفهن بأعداد هائلة ضمن القطاعات الأكثر تأثراً بالإقفال، بل إن انعدام المساواة في مسؤوليات الأسرة شهد فورة هو الآخر مع إقفال المدارس وحضانات رعاية الأطفال. وشعرت غالبية النساء بألا خيار أمامهن سوى التخلي عن الوظيفة. أما اللواتي نفذن فوجدن أنفسهن متعثرات وظيفياً، حيث الحاجة للاهتمام بالأطفال جعلت من ساعات العمل أقل إنتاجية. وكأنه لا يكفي الأمر سوءاً، فقد كشفت الجائحة عن حقائق مستورة حول الاقتصاد الأمريكي: تشكل النساء 47 في المئة من القوة العاملة ويطلب إليهن بناء مسيرات مهنية دونما وجود للأسس سواء في البيت أو العمل كما النطاق العام بما يتيح لهن تحقيق أعلى مراتب النجاح.
وتقف الولايات المتحدة الأمريكية وحيدة بين الاقتصادات المتقدمة لجهات نقص إدراك الحقائق المتعلقة بحياة النساء. إذ لدينا أعلى مستويات في وفيات الأمومة بين الدول عالية الدخل سيما في أوساط النساء السوداوات. وتعود جذور هذه النتائج الفظيعة إلى العنصرية والتمييز على أساس الجنس هيكلياً، علماً أن أحد العوامل المساهمة يكمن في فشلنا في تحصيل إجازة أمومة مدفوعة. نحن الأمة الوحيدة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي لا تضمن وجود إجازة مدفوعة للنساء اللواتي أنجبن للتو. وتقف الولايات المتحدة دولة ناشزة لناحية غياب الدعم عن الأمهات العاملات: إننا نقع في أسفل القائمة تقريباً بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث الإنفاق العام على الطفولة المبكرة والتعليم والرعاية. وتلقي التوقعات القائمة على الجندرة كذلك بظلالها سواء في العمل أو المنزل على المسيرة المهنية للنساء. وتعتبر جهات التوظيف النسا اللواتي لا التزامات لديهن خارج إطار العمل الموظفات المثاليات، وهذا سبب آخر في تلقيهن أجوراً أقل من الرجال في كافة المهن تقريباً. وقامت الكلية تحضيراً للقمة المزمعة بإجراء استفتاء شمل ألف امرأة بين عمر 18 و 30 عاماً على امتداد الطبقات الديموغرافية وطرح السؤال حول النقطة الأهم بالنسبة لمستقبلهن. وجاءت الإجابات على نحو غير مفاجئ، عقب تجربة الجائحة تتعلق بالأمن المالي كأولوية مطلقة. ومن الملفت أن النساء لا تصدق كثيراً الفكرة القائلة بأنه سيكون من السهل الدمج بين المهنة التي تؤمن الأمن المالي والعائلة. كما أنهن كن واضحات جداً فيما يخص احتياجاتهن من جهة التوظيف، ألا وهو الرواتب الصحية والاحترام. كما أن الغالبية ترى الصحة النفسية الجيدة مفتاحاً لتحقيق أهداف الوظيفة. وإن كل منا في مركز القوة لا بد أن يستمع لهذا الجيل من النساء الذي يؤمن بحزم بأن الاقتصاد ينبغي أن يخدم الجميع.
ليس على النساء الشابات الاختيار بين المهنة والعائلة، ذلك أن الاقتصاد القوي الماضي قدماً يحتاج لمشاركة النساء التامة في قوة العمل. وعلى الحكومة الاتحادية أن تجعل الأمة أقل نشازاً لناحية دعم العائلات. لم يتبلور فعلياً وبوضوح مدى تأثير الجائحة على مسيرات النساء المهنية، فهل سيتيح العمل عن بعد للنساء تحقيق التكامل بين الوظيفة والعائلة في المستقبل، أم أنه سيزيد من الهوة الجندرية بجعل حضور النساء أقل وضوحاً بالنسبة لأصحاب القرار في الدفع والترقيات؟ هل سيدرك صناع القرار اليوم أن البنية التحتية القوية لمنح الرعاية ضرورية لاقتصاد متين؟ وهل ستتجاوز ثقافتنا أخيراً الفرضيات القائمة على التمييز على أساس الجنس توزيع العمل المنزلي؟
تتسم تلك الأسئلة بطابع اجتماعي وسياسي واقتصادي، لذا فإنها تعني كل فرد في المجتمع. لقد مررنا بفترة عصيبة وإذا انتهزنا الفرصة اليوم لإعادة التفكير ودمج كافة أجزاء المجتمع في بناء عالم عمل يقدر قيمة إسهامات النساء فإننا سنجعل من اقتصادنا أفضل للجميع.
* رئيسة كلية ويليسلي الأمريكية
أكتب تعليقك هتا