التغير المناخي وفصوله الأربعة جحيم يعايشه العالم

التغير المناخي وفصوله الأربعة جحيم يعايشه العالم 

التغير المناخي وتوابعه  جحيم يعايشه العالم   القاهرة - محمد خالد - وكالة البيارق الإعلامية تجلت مسألة التغير المناخي بشكل لافت في التوترات بين الدول الكبرى، مثل الأزمة الراهنة بين الولايات المتحدة والصين، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، وقد جاء الرد الصيني صارماً لجهة اتخاذ مجموعة من الإجراءات ضد واشنطن، كان من بينها تعليق التعاون مع الولايات المتحدة في ملف المناخ، من دون أن تتخلى عن أي من التزاماتها في هذا المجال دولياً. عادة ما يكون ملف المناخ حاضراً في التوتر القائم بين الدول الكبرى، حيث تتبادل الاتهامات بعدم القيام بالأدوار المنوط بهما القيام به من أجل تحقيق المستهدفات العالمية والالتزام بمخرجات اتفاق باريس. فقد سبق واتهمت بكين واشنطن في عهد دونالد ترامب بـ«الأنانية» بعد إقرار الرئيس الأمريكي السابق الانسحاب من قمة باريس، واعتبرت بعد ذلك أن ذلك الانسحاب أهدر على العالم خمس سنوات في مواجهة تغير المناخ. المناخ كمجال للتعاون وعلى رغم ذلك التوتر، ظل في الفترة الأخيرة ملف المناخ واحداً من أبرز ملفات التعاون المشترك بين البلدين الأكثر إنتاجاً للغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، لا سيما منذ قمة المناخ (كوب-26) التي انعقدت في غلاسكو باسكتلندا، والتي شهدت إعلاناً مشتركاً بين البلدين حول تعزيز التحرك حيال المناخ، أقر فيه الطرفان بالفارق الموجود بين الجهود الحالية وأهداف اتفاق باريس. الاتفاق الذي توصلت إليه بكين وواشنطن في قمة غلاسكو وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حينها بكونه «خطوة هامة في الاتجاه الصحيح»، وسط تفاؤل دولي إزاء جهود التحرك العالمي حيال ملف أزمة المناخ التي تشكل تهديداً وجودياً. حتى جاءت الأزمة الأخيرة التي تسببت بها زيارة بيلوسي إلى تايوان، لتؤثر سلباً على التعاون المناخي. آثار سلبية إن حدوث هذا التحدي في قضية التعاون المناخي جراء الأزمة في تايوان، قبل نحو ثلاثة أشهر من قمة الأطراف في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، والتي يعول عليها العالم في إحداث دفعة في العمل المناخي العالمي، يترك أثراً سلبياً في الجهود العالمية والتعاون في مجال التصدي للتغير المناخي، طبقاً لخبير العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، الدكتور أحمد سيد أحمد، والذي يشرح في تصريحات خاصة لـ«البيان» أبعاد العلاقات الصينية الأمريكية في ذلك الملف. يقول أحمد سيد أحمد: «إن قضية التغير المناخي هي إحدى القضايا المشتركة بين البلدين، ورغم الفجوات والتباعد في المواقف بين واشنطن وبكين إبان فترة ترامب بعد انسحابه من اتفاقية باريس بما مثل تخلياً أمريكياً عن التزامات الولايات المتحدة بمسؤولياتها فيما يتعلق بالتغير المناخي حينئذ، جاء خلفه الرئيس جو بايدن وحدث نوع من الاستدارة والعودة لاتفاقية باريس للمناخ والالتزام بالجهود العالمية للحد من التغير المناخي وتقليل الانبعاثات، وهو ما أدى إلى نوعٍ من المساحة المشتركة بين البلدين للعمل معاً على تحقيق الأهداف الدولية لتصفير الانبعاثات». ويلفت خبير العلاقات الدولية إلى أن تأثر ملف المناخ بالتوتر الأمريكي الصيني، فضلاً عن توجه دول أوروبية إلى العودة للوقود الأحفوري من جديد تحت ضغط من أزمة الطاقة «كل ذلك يمثل انتكاسة للجهود الدولية». ويرى أن الدول النامية هي من ستدفع ثمن الاستقطاب والتنافس بين الدول الكبرى وعدم التعاون في ملف المناخ. هذه الارتدادة في التعاون بين البلدين حذر من تبعاتها الشديدة الكثير من المعنيين بقضايا المناخ حول العالم، ومنهم الرئيس التنفيذي لمؤسسة المناخ الأوروبية وأحد المهندسين الرئيسيين لاتفاقيات باريس للمناخ لورانس توبيانا، التي طالبت بتحييد المناخ عن الخلافات بين القوى الكبرى. صناعة والتزامات على الجهة الأخرى يعتقد استشاري التغيرات المناخية بالقاهرة، الدكتور السيد صبري، الرئيس السابق لوحدة التغيرات المناخية بوزارة البيئة المصرية، بأن ملف المناخ غير خاضع للتسييس بشكل مباشر، إنما الأمر يعود في الأساس إلى «مدى جدية الدول الكبرى في الالتزام بمسؤولياتها حيال خفض الانبعاثات والتصدي لأزمة المناخ التي تهدد العالم». ويشير صبري في تصريحات خاصة لـ«البيان» إلى أن بعض الدول لا يبدو أن النية متوافرة لديها من أجل العمل على تخفيض الانبعاثات والالتزام بالمستهدفات الدولية التي أقرتها اتفاقية باريس للمناخ، وهي دول صناعية كبرى تسعى للدفاع عن مصالحها الاقتصادية، لا سيما أن التحول لصفر انبعاثات مكلف للغاية بالنسبة لها. ويشدد على أن الدول الصناعية الكبرى (المسؤولة عن النسبة الأكبر من انبعاثات الغاز الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري) ملزمة وتعهدت بدعم الدول النامية في مواجهة تداعيات أزمة المناخ بـ 100 مليار دولار سنوياً، وتسعى عديد من الدول إلى التهرب من مسؤوليتها، مُعتبراً أن دخول المناخ في قضايا سياسة يؤثر على الدول النامية. ويعتقد المسؤول المصري السابق بأن ثمة عديداً من التطورات التي يشهدها العالم شكلت انتكاسة للعمل المناخي المشترك، لجهة تداعيات تلك الأحداث ومن بينها الحرب في أوكرانيا وانعكاساتها على تراجع دول أوروبية عن التزاماتها بخصوص المناخ، والعودة لاستخدام الوقود الأحفوري. قضية حاسمة ويعتبر تغير المناخ القضية الحاسمة في عصرنا، فالآثار العالمية لتغير المناخ هي واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم، من تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي، إلى ارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية. وترى الأمم المتحدة أن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة ومكلفاً في المستقبل إذا لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية الآن. فبعد أكثر من قرن ونصف من التصنيع، وإزالة الغابات، والزراعة الواسعة النطاق، ارتفعت كميات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ ثلاثة ملايين عام. وبينما تنمو الاقتصادات ومستويات المعيشة للسكان، فإن مستوى تراكم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (غازات الدفيئة) آخذة في الارتفاع أيضاً. تشكل الصراعات التي يشهدها العالم تهديداً حقيقياً للجهود العالمية للتصدي لأزمة التغير المناخي، والالتزام بالمستهدفات الدولية لخفض الانبعاثات، سواء كان ذلك بشكل مباشر من خلال تبعات تلك الصراعات، على غرار تأثير الحرب في أوكرانيا على توجه دول أوروبية للعودة لاستخدام الوقود الأحفوري، أو عبر تحول ملف المناخ إلى قضايا سياسية في الصراعات القائمة.

القاهرة - محمد خالد - وكالة البيارق الإعلامية

تجلت مسألة التغير المناخي بشكل لافت في التوترات بين الدول الكبرى، مثل الأزمة الراهنة بين الولايات المتحدة والصين، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، وقد جاء الرد الصيني صارماً لجهة اتخاذ مجموعة من الإجراءات ضد واشنطن، كان من بينها تعليق التعاون مع الولايات المتحدة في ملف المناخ، من دون أن تتخلى عن أي من التزاماتها في هذا المجال دولياً. عادة ما يكون ملف المناخ حاضراً في التوتر القائم بين الدول الكبرى، حيث تتبادل الاتهامات بعدم القيام بالأدوار المنوط بهما القيام به من أجل تحقيق المستهدفات العالمية والالتزام بمخرجات اتفاق باريس. فقد سبق واتهمت بكين واشنطن في عهد دونالد ترامب بـ«الأنانية» بعد إقرار الرئيس الأمريكي السابق الانسحاب من قمة باريس، واعتبرت بعد ذلك أن ذلك الانسحاب أهدر على العالم خمس سنوات في مواجهة تغير المناخ.

المناخ كمجال للتعاون

وعلى رغم ذلك التوتر، ظل في الفترة الأخيرة ملف المناخ واحداً من أبرز ملفات التعاون المشترك بين البلدين الأكثر إنتاجاً للغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، لا سيما منذ قمة المناخ (كوب-26) التي انعقدت في غلاسكو باسكتلندا، والتي شهدت إعلاناً مشتركاً بين البلدين حول تعزيز التحرك حيال المناخ، أقر فيه الطرفان بالفارق الموجود بين الجهود الحالية وأهداف اتفاق باريس.
الاتفاق الذي توصلت إليه بكين وواشنطن في قمة غلاسكو وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حينها بكونه «خطوة هامة في الاتجاه الصحيح»، وسط تفاؤل دولي إزاء جهود التحرك العالمي حيال ملف أزمة المناخ التي تشكل تهديداً وجودياً. حتى جاءت الأزمة الأخيرة التي تسببت بها زيارة بيلوسي إلى تايوان، لتؤثر سلباً على التعاون المناخي.

آثار سلبية

إن حدوث هذا التحدي في قضية التعاون المناخي جراء الأزمة في تايوان، قبل نحو ثلاثة أشهر من قمة الأطراف في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، والتي يعول عليها العالم في إحداث دفعة في العمل المناخي العالمي، يترك أثراً سلبياً في الجهود العالمية والتعاون في مجال التصدي للتغير المناخي، طبقاً لخبير العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، الدكتور أحمد سيد أحمد، والذي يشرح في تصريحات خاصة لـ«البيان» أبعاد العلاقات الصينية الأمريكية في ذلك الملف.
يقول أحمد سيد أحمد: «إن قضية التغير المناخي هي إحدى القضايا المشتركة بين البلدين، ورغم الفجوات والتباعد في المواقف بين واشنطن وبكين إبان فترة ترامب بعد انسحابه من اتفاقية باريس بما مثل تخلياً أمريكياً عن التزامات الولايات المتحدة بمسؤولياتها فيما يتعلق بالتغير المناخي حينئذ، جاء خلفه الرئيس جو بايدن وحدث نوع من الاستدارة والعودة لاتفاقية باريس للمناخ والالتزام بالجهود العالمية للحد من التغير المناخي وتقليل الانبعاثات، وهو ما أدى إلى نوعٍ من المساحة المشتركة بين البلدين للعمل معاً على تحقيق الأهداف الدولية لتصفير الانبعاثات».
ويلفت خبير العلاقات الدولية إلى أن تأثر ملف المناخ بالتوتر الأمريكي الصيني، فضلاً عن توجه دول أوروبية إلى العودة للوقود الأحفوري من جديد تحت ضغط من أزمة الطاقة «كل ذلك يمثل انتكاسة للجهود الدولية». ويرى أن الدول النامية هي من ستدفع ثمن الاستقطاب والتنافس بين الدول الكبرى وعدم التعاون في ملف المناخ. هذه الارتدادة في التعاون بين البلدين حذر من تبعاتها الشديدة الكثير من المعنيين بقضايا المناخ حول العالم، ومنهم الرئيس التنفيذي لمؤسسة المناخ الأوروبية وأحد المهندسين الرئيسيين لاتفاقيات باريس للمناخ لورانس توبيانا، التي طالبت بتحييد المناخ عن الخلافات بين القوى الكبرى.

صناعة والتزامات

على الجهة الأخرى يعتقد استشاري التغيرات المناخية بالقاهرة، الدكتور السيد صبري، الرئيس السابق لوحدة التغيرات المناخية بوزارة البيئة المصرية، بأن ملف المناخ غير خاضع للتسييس بشكل مباشر، إنما الأمر يعود في الأساس إلى «مدى جدية الدول الكبرى في الالتزام بمسؤولياتها حيال خفض الانبعاثات والتصدي لأزمة المناخ التي تهدد العالم».
ويشير صبري في تصريحات خاصة لـ«البيان» إلى أن بعض الدول لا يبدو أن النية متوافرة لديها من أجل العمل على تخفيض الانبعاثات والالتزام بالمستهدفات الدولية التي أقرتها اتفاقية باريس للمناخ، وهي دول صناعية كبرى تسعى للدفاع عن مصالحها الاقتصادية، لا سيما أن التحول لصفر انبعاثات مكلف للغاية بالنسبة لها.
ويشدد على أن الدول الصناعية الكبرى (المسؤولة عن النسبة الأكبر من انبعاثات الغاز الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري) ملزمة وتعهدت بدعم الدول النامية في مواجهة تداعيات أزمة المناخ بـ 100 مليار دولار سنوياً، وتسعى عديد من الدول إلى التهرب من مسؤوليتها، مُعتبراً أن دخول المناخ في قضايا سياسة يؤثر على الدول النامية.
ويعتقد المسؤول المصري السابق بأن ثمة عديداً من التطورات التي يشهدها العالم شكلت انتكاسة للعمل المناخي المشترك، لجهة تداعيات تلك الأحداث ومن بينها الحرب في أوكرانيا وانعكاساتها على تراجع دول أوروبية عن التزاماتها بخصوص المناخ، والعودة لاستخدام الوقود الأحفوري.

قضية حاسمة

ويعتبر تغير المناخ القضية الحاسمة في عصرنا، فالآثار العالمية لتغير المناخ هي واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم، من تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي، إلى ارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية. وترى الأمم المتحدة أن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة ومكلفاً في المستقبل إذا لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية الآن. فبعد أكثر من قرن ونصف من التصنيع، وإزالة الغابات، والزراعة الواسعة النطاق، ارتفعت كميات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ ثلاثة ملايين عام. وبينما تنمو الاقتصادات ومستويات المعيشة للسكان، فإن مستوى تراكم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري (غازات الدفيئة) آخذة في الارتفاع أيضاً.
تشكل الصراعات التي يشهدها العالم تهديداً حقيقياً للجهود العالمية للتصدي لأزمة التغير المناخي، والالتزام بالمستهدفات الدولية لخفض الانبعاثات، سواء كان ذلك بشكل مباشر من خلال تبعات تلك الصراعات، على غرار تأثير الحرب في أوكرانيا على توجه دول أوروبية للعودة لاستخدام الوقود الأحفوري، أو عبر تحول ملف المناخ إلى قضايا سياسية في الصراعات القائمة.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman