وكالة البيارق الإعلامية
ثمة أشخاص كُثُر يصابون بالهلع عند رؤية القطط أو حتى الحديث عنها وتخيلها، مما يثير استغراب آخرين يرون أن القطط حيوانات أليفة ولطيفة. فلماذا هذا الخوف الذي يُسمى "إيلورو فوبيا" (Ailurophobia)؟ وهل هو مبرَّر؟ وهل هو اضطراب مشخَّص أم أنه مجرد حالة طبيعية؟ وهل تتأثر النساء أكثر من الرجال بهذا الخوف؟
أعراض رُهاب القطط
تقول المختصة النفسية منى الأنقر: قد يكون طبيعيا خوفك من القطط، خصوصا إذا مررت بتجربة مؤلمة، مثل هجوم قط. وهذا الخوف ليس بالضرورة رهاباً، ويتم تشخيصه "رُهابا محددا" في حال ظهرت الأعراض التالية:
- الخوف أو القلق أو التجنب الشديد للقطط المستمر لمدة 6 أشهر أو أكثر.
- الشعور بالقلق أو الخوف الفوري من قطٍّ ما، أو حتى عند ذكر اسمه.
- بذل جهد كبير لتجنب القطط في منازل الأصدقاء أو متاجر الحيوانات.
- القلق الشديد أو الخوف عند رؤية قطة.
- القلق أو الخوف الشديد غير المتناسب مع التهديد الفعلي الذي يشكله القط.
- وجود أعراض تؤدي إلى ضائقة كبيرة أو ضعف وظيفي، كالامتناع عن الخروج من المنزل أو الذهاب للعمل أو القيام بأي نشاط خارجي.
- عدم وجود اضطراب آخر في الصحة العقلية يمكن أن يفسر الأعراض.
الإناث يتأثرن أكثر
وتلفت الأنقر إلى أن الإناث يتأثرن عادةً أكثر من الذكور بمعدل 1:2، وتعزو الأمر إلى عوامل عدة، "فلو عدنا إلى العصور الوسطى، كان الأشخاص يخشون بشدة القطط، وكانوا يعتبرون أنها مساعِدة للسحرة أو أن القطط هنّ الساحرات، فضلا عن انتشار خرافات ومعلومات مغلوطة تربط بين القطط والصحة الإنجابية للإناث".
وتضيف: "اجتماعيا، عادة ما تعبر النساء عن خوفهن بشكل مباشر، ربما بالصراخ أو الهرب، ويتحدثن عن مخاوفهن بشكل صريح، بينما يتعلم الرجال منذ نعومة أظفارهم كتم مشاعرهم، ومنها القلق والخوف، فنجد الرجل يتجنب القطط من دون ردود فعل كبيرة، أو دون أن يصرّح بهذا الخوف. وربما يبرر البعض هذا الهلع بأنه نوع من الاشمئزاز".
الخوف درجات
بدورها، تشير الاستشارية الأسرية والتربوية الدكتورة أمل بورشك إلى "عدم قدرة الفرد على التعامل مع القطط أو عدم تعليمه كيفية التعامل معها واشمئزازه منها، بحجة نقلها بعض الأمراض، أو نقل الخوف من الوالدين للأطفال، أو أنه سلوك اكتسبه الفرد من تجربة خرمشة أو رد فعل قط عليه".
وتضيف: "قد تتفاوت درجة الخوف من ردة فعل طبيعية إلى الابتعاد عن القطط أو المبالغة المرضية، مثل تجنب رؤية صورة لها أو سماع صوتها، خصوصا لدى النساء".
أما الدلالات على الرُهاب من القطط، فقد تبدو واضحة لدى النساء، بينما يحاول بعض الرجال إخفاءها، وهي: الفزع، والتعرّق الزائد، والرجفة، وبطء التنفس، وجفاف الفم، وعدم القدرة على الكلام أو التفكير، بالإضافة إلى الصراخ المفاجئ بسبب الرعب الشديد، وتسارع ضربات القلب للخوف من لمس القطة أو الاقتراب منها.
تعديل السلوك المعرفي ذاتيا
لتخطي هذا الرُهاب، تنصح بورشك بالاستعانة بمتخصص نفسي، على الرغم من أن كثيرين يخجلون من اللجوء إليه.
وتقول "على الفرد أن يحاول تعديل سلوكه المعرفي ذاتيا، وفق الطريقة التي يفكر بها وتؤثر في مشاعره وأحاسيسه، سواء بمشاهدة صور وفيديوهات تعليمية للتعامل مع القطط، أو عبر القراءة عن تجارب مشابهة، ومقارنتها بذاته وما يشعر به لتلافيها، وعدم المبالغة في الخوف من القطط".
وترى بورشك أن على المصاب بـ"رهاب القطط" أن يمنع دخولها إلى مكان وجوده، وأن يصرّح بذلك، "فمن الأدب أن تحترم رغباتك الشخصية، وألا تتعرض لشعور وجود القطط، وأن تبتعد عنها قدر الإمكان".
ويمكن -بحسب بورشك- زيارة صديق وتجربة مدى قدرتك على تجديد سلوكك للتعامل مع القطط. حاول التخلص من التوتر تدريجيا، والاقتراب من دون إكراه من القطط لفترة دقائق، لتدرّب نفسك على سلوك جديد بعيدا عن التشخيص النفسي الذي يحتاج إلى دواء مناسب، إلى جانب التنفس بعمق حتى تشعر بالاسترخاء، فالتنفس السليم له سطوته في تقوية العمليات المصاحبة للتفكير في الدماغ.
آثار عميقة على الحياة اليومية
على الرغم من أن الخوف من القطط يشابه الخوف من الكلاب، فإن الأول يمكن أن تكون له آثار عميقة على الحياة اليومية لبعض الأفراد، مما يجعل من المستحيل زيارة أصدقاء محبين للقطط أو يحتفظون بها في منازلهم، وفق موقع "فري ول مايند" (verywellmind).
وعند بعض الأشخاص، يكون الخوف من القطط قوياً جداً حتى التفكير عند فيها أو سماع موائها.
لكن الأكثر شيوعاً "الهروب" بسرعة في الاتجاه الآخر، كما قد يصاب البعض بنوبة هلع، فضلا عن أن هناك من يتجنبون العبور في المسار ذاته مع قطة.
ويكون علاج "الإيلورو فوبيا"، كما هي الحال مع معظم أنواع الرُهاب الأخرى، عبر جلسات العلاج النفسي.
وقد يساعد المعالج باكتشاف السبب الجذري للرهاب، ويضع الخوف بمنظوره الصحيح، فيضع للمصاب بالرهاب الخطوات اللازمة للتغلب عليه.
قد يبدو الأمر وكأنه نهج بسيط، لكن يصعب على المرء القيام به بمفرده. وإحدى العلاجات الشائعة هي التعرض التدريجي للقطط بخطوات صغيرة حتى يعتاد عليها.
فعلى سبيل المثال، يتدرب المرء على:
- النظر إلى صورها.
- ثم مشاهدة مقاطع فيديو وأفلام عنها.
- ثم لمس مواد شبيهة بها.
- ثم اللعب مع "دمية قط".
- وأخيراً حمل القط الحقيقي.
ويجب اتخاذ هذه الخطوات في بيئة مريحة مع كثير من الدعم، سواء من المعالج أو من أفراد الأسرة والأصدقاء.
وخلال هذه العملية، غالبا ما يتم استخدام تقنيات الاسترخاء والتخيل، كونها تساعد في إعادة صياغة عقلية الشخص وتبرير خوفه بشكل منهجي، وفي بعض الحالات، قد يكون العلاج بالتنويم الإيحائي (المغناطيسي) مفيداً أيضاً.
وكالة البيارق الإعلامية www.bayariq.net
bayariqmedia@gmail.com
المدير العام ورئيس التحرير
محمد توفيق أحمد كريزم