أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا (ب ر هـ ) : جذر لغوي من عائلة الباء والهاء والراء ، واخترت الحديث فيه لأنـبِّـه الى مجموعة من الاغلاط يقع فيها غير المتخصصين في هذا المقام ، وفي الاشتقاقات الجذرية له . جاء في " لسان العرب " لابن منظور والقاموس المحيط للفيروزابادي وغيرهما في الجذر ( ب ر ه ) : البُرْهَة ( بضم الباء ) والبَرْهَة (بفتح الباء ): الحِينُ الطويل من الدهر، وقيل : الزمانُ. يقال: أَقمت عنده بُرْهَةً من الدهـر كقولك أَقمت عنده سنة من الدهر. وقال ابن السكيت : أَقمت عنده بُرْهَةً وبَرْهَةً أَي مدَّة طويلة من الزمان. ونحن نخطئ هنا فنقول عن البرهة فترة قصيرة من الزمن ، وهو غلط بيّن لم يستعمله إلا المتأخرون !!! فالبرهة فترة طويلــــة .  والـبَـرَهُ ، يفسرها القاموسيون بأنها التَّرارةُ. ولكن ما التَرارَةُ ؟؟؟ التَرارَةُ: تعني السِمَنُ والبضاضةُ. تقول العرب : تَرِرْتَ بالكسر، أي صرتَ تارَّاً؛ وهو الممتلئ.البَدين الذي تبدو عليه آثار النعمة والعافية والبدانة . قلت : وإذا قلبنا المبنى حصلنا على عكس المعنى ، فمقلوب ( ب ر هـ ) هو (هـ ر ب ) والهروب يتناسب مع النحافة في البدن وضـآلته ، وانحراف الصحة ذهابها ، وهذا يؤيد النظرية القائلة بأنّ عكس المبنى يقودُ الى عكس المعنى . قلنا وليست النظرية على الاطلاق !!!  وامرأَة بَرَهْرَهة، ( على وزن فَعَلْعَلة \\كرِّر فيها العين واللام ) : تارَّةٌ تكاد تُرْعَـدُ من الرُّطُوبة والنعمة والسمنة، وقيل: بيضاء أو بَـضَّــة ؛ قال امرؤ القيس :  بَرَهْرَهَةٌ رُؤدَةٌ رَخْصَةٌ، =، =، كَخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِر وبَرَهْرَهَتُها: تَرارتُها وبَضَاضَتُها؛ وتصغير بَرَهْرَهَةٍ بُرَيْهة، ومن أَتمها قال بُرَيْرهَة، فأَما بُرَيْهِرَهة فقبيحة قلما يتكلم بها ، وقيل: البَرَهْرَهة التي لها بَرِيق من صَفائها ، وقال غيره: هي الرقيقة الجلد كأَنَّ الماء يجري فيها من النَّعْمة والسِّـمَن ..ومن الأخطاء الواردة لدى العوام – هنا – أنهم يقولون للبرهرهـة من النساء ، في زمننا المعاصـــر " متينـة " والمتانـة صفة مغايرة تماما للسمينة البضّــــة فقد تكون سمينة ولا تكــون متينة ، أو العكس !!!  وفي حديث المبعث : " فأَخرج منه عَلَقَةً سوداءَ ثم أَدخل فيه البَرَهْرَهَةَ " ؛ قيل: هي سـكّينة بيضاء جديدة صافية ، من قولهم امرأَة بَرَهْرَهَة كأَنها تُرْعَدُ رُطوبةً ، وروي رَهْرَهةً أَي رَحْرَحة واسعة ( فالرحراح من الاماكن ما كان متسعا منبسطا ، وكذلك من الاشياء ) ؛ قال ابن الأَثير : قال الخطابي قد أَكثرتُ الســـؤال عنهـــا ، أي " كلـمة برهرهـة " فلم أَجد فيها قولاً يُـقطع بصحَّته ، ثم اختار أَنها السكين البيضاء كما مَـرّ . وقال ابن الأَعرابي : بَرِهَ الرجل إِذا ثابَ جسمُه بعد تغيُّر من علَّة وداء وسِـقَم ..  وأَبْــرَهَ الرجلُ : غلب الناس وأَتى بالعجائب. أي أتى بأمور لا مِرْية ولا شك فيها ، الحق واضح بيِّنٌ فيها دونما لَـبْس . والبُرهانُ بيانُ الحجة واتِّضاحُها. ،، ووجه التسمية والاشتقاق كما مرَّ آنفاً أن صاحب البرهان أبلَّ بعد علة ومرض ، فصار مُعافى مشافى قادرا على أن يثبت صحة فكره وارادته . وبتعبير آخـر : البرهان يعنى الحجة والدليل الساطع البيِّن ، وهو آتٍ من قولهم " برِهَ الرجل اذا أبــلَّ من مرضه وعوفي وثاب بدنه الى ما كان عليه من الصحة والعافية فكأنه في مرضه كان عاجز اً وعادت اليه قدراته وقواه فأتى بكل أمرٍ باهر يثبت أنه مُعافـى ، وأنه قادر على الاتيان بالامور العجائب التي لا مِـرْيَـةَ ولا شـكّ فيها !!!  والخلاصــة : فالبرهان إذن فعلان مثل الرجحان والثنيان والعدنان، و هو مصدر الفعل بره يبره كما عرفنا اليوم ، إذا ابيض، ورجل أبره وامرأة برهاء، وقوم بُـره، وبرهرهة بضة كما أسلفنا (انظر: المجموع المغيث 1/153) شابة بيضاء.والبـرهة: مدة طويلة من الزمان، فالبرهان أوكد الأدلة، وهو الذي يقتضي الصدق أبدا لا محالة، وذلك أن الأدلة خمسة أضرب كما يقول المناطقة والأصوليون : دلالة تقتضي الصدق أبدا.- ودلالة تقتضي الكذب أبدا.- ودلالة إلى الصدق أقرب- ودلالة إلى الكذب أقرب.- ودلالة هي إليهما سواء.، أي يستوي فيها الطرفان بلا ترجيح قال تعالى: (قل: هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي) [سورة الأنبياء/24] ، وقال أيضاً : (قد جاءكم برهان من ربكم) [سورة النساء/174].  وفي التنزيل العزيز أيضــا ً (( قل هاتوا بُرْهانكم إن كنتم صادقين )) سورة البقرة \ 111. وذكر الأَزهري أن النون في البرهان ليست بأَصلية عند الليث فهي من أحرف الزيادة وكما قدّمنا ( عدن\عدنان ...وهكذا )، ويخطئ العامة هنا أيضا ، وخاصة في كتب الفيزياء والرياضيات المعاصرة التعليمية ، يقولون : (( برهن الأستاذ على صحة النظرية ، او برهن على كلامه ، أو ..... )) والصحيح أن نقول : (( أبْـرَهَ الاستاذ على كلامه )) أي أقام الدليل والحجـة ، ولا يقال بَـرْهَنَ ، وهو استخدام مولَّد حديث ، لم تقله أسلاف العرب أبداً وذلك لسببٍ بسيط وهو أن هذا الاستعمال يجعل من النون حرفاً أصليا غير مزيد ، وهو ليس كذلك ..وإذا أردنا جملة انشائية نطلب فيها من تلميذ إقامة البرهان على مسألة فنقول : أبْـرِهْ على النظريــة ولا نقـول : (بَـرْهِـنْ على صحة النظرية التالية .. ) وهكذا (1)...  و أبْرَهَةُ بنُ الحَارِثِ: تُبَّعٌ من تبابعة اليمن أي مَلِك من ملوك اليمن ، وهو أَبْرَهةُ بن الحرث الرائش الذي يقال له ذو المَنارِ. وأَبْرَهةُ ابن الصَّبّاح أَيضاً : من ملوك اليمن، وهو أَبو يَكْسُوم ملك الحَبَشة صاحب الفيل الذي ساقَه إِلى البيت الحرام فأَهلكه الله؛ بعث عليه طيراً أبابيل بأسرابٍ كثيرة تحمل في مناقيرها حجارة من سجيل ( نــار) تقذفها على جنود أبرهة وعسكره ، فتخرقهم وتحرقهم ، حتى أحالتهم الى عَـصْفٍ مأكول ( هشيم محتظر ) ،، ، اما برهان وبرهان الدين فاسمٌ ولقبٌ اتخذه مجموعة من علماء السلف الصالح ، أبرزهم برهان الدين البقاعي (809-885 هـ) وهوالامام العلامة إبراهيم بن عمر بن حسن بن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي، نزيل القاهرة، ثم دمشق.  ، صاحب كتاب " تنبيه الغبي الى تكفير ابن عربـي " ، و الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عبدالرحمن الفزاري الشهير بابن الفركاح المتوفى سنة 729هـ ، والإمام برهان الدين إبراهيم بن هارون اللقاني ( ت 1041هـ/1632م. ) صاحب جوهرة التوحيد المشهورة في علم العقيدة وغيرهم كثيرون ، رحمهم الله وجزاهم عنا خير الجزاء .  وجاء في قاموس " لسان العرب " لابن منظور : برَهُوتُ : وادٍ معروف، قيل هو بحَضْرَمَوْتَ.وقد أوردهُ ياقوت الحموي في معجم البلدان( ج 1 ) ، وفي حديث عليٍّ ، عليه رضوان الله : " شَرُّ بئرٍ في الأَرض بَرَهُوتُ "، وهي، بفتح الباء والراء، بئرٌ عميقة بحَضْرَمَوْتَ، لا يُسْتَطاعُ النُّزولُ إِلى قَعْرها . وقال الحموي تنبعث منها رائحة نتنة !  ويقال: بُرْهُوتُ، بضم الباء وسكون الراء، فتكون تاؤُها على الأَول زائدة، وعلى الثاني أَصلية. قال ابن الأَثير الجزري في كتابه النفيس " النهاية في غريب الحديث والاثـر ": أَخرجه الهروي عن عليّ ، كرم الله وجهه ، وأَخرجه الطبراني في المعجم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن سيدنا محمد رسول اللَّه ، صلى اللَّه عليه وسلم. وأظن أن لا دليل قويّـا على اسناد الحديثين والله أعلم .  وورد في المعجم الوسيط الذي اصدره مجمع اللغـة العربية في القاهرة في مادة ( ب ر هـ ) : بَرِهَ الرجلَ ـَ بَرَهاً: امتلأَ جسمُه وتَرَّ. و ـ ابْيَضَّ. و ـ ثابَ جسمُه بعد عِلَّةٍ. فهو أَبْرَهُ. وهي بَرْهَاءُ. ،،، والجمع بُرْهٌ . وأَبْرَهَ المرءُ : أَتى بالبُرْهان. و جاءَـ او أَتى بالعجائِبِ. و ـ غَلَبَ الناس. والبُرْهَةُ: المُدّة من الزَّمان. ( والجمع بُرَهٌ ). والبَرْهَةُ : البُرْهَةُ. ( بالفتح والضم مثل دَلْجة ودُلْجَــة ) ، ولنا عليه – هنا - مـأخذان :  الاول : قوله ان البرهة مدة من الزمن والصواب ان يقول : مدة طويلة من الزمن . الثاني : قوله بعد هذا مباشرة : برْهَـنَ : أَتى بالبُرْهان. ويقال: بَرْهَنَ على النظرية: دَلَّك على صحَّتها ، والبرهان هو الحجة الفاصلة البيّنة الواضحة بشكل جليّ . وهو خطأ أيضا فلفظ " بـَرْهَـنَ " مُوَلَّـد ولم يستخدمه العرب قديماً . ويجمع برهان على براهين جمع تكسير ، ولا يُقال " برهانات " ، مثل ميدان وميادين .  - ومن هذا الباب وغيره فإننا لا ننصح الباحثين بالاحتجاج أو الاحتكام الى المعجم الوجيز ولا الوسيط إلا استئناســاً ، ففيه هنات ومثالب تقصر به عن زملائه من معاجم العربية المعتمدة ، ويبقى المعجم جهدا بشريا غير معصوم ، وجل من لا يخطئ والكمال لله وحده ، الذي أبـى أن يتمَّ إلا كتابه العزيز !! ونأمل إعادة النظر فيهما وفي القاموس اللغوي المسمى " المنجد " فلنا عليه ملاحظات هو الآخـر . هذا والله أعلم ، وفوق كل ذي علمٍ عليم ، وصلى الله على سيدنا محمد – معلم الناس الخير – وآلــه وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .  ===================== - حاشيــــة : (1) – من أعجب معاني البرهان عند بعض مراهقي التفسير ، في معرض تفسيره للآية من سورة يوسف : ((ولقد هَـمَّـت به وهَـمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )) الاية 24 إذ فسَّـر البرهان بأنه خاتم الزواج والخطوبة ، ولقد هَـمَّ يوسف بالمرأة التي راودته عن نفسه ، لولا أنه رأى خاتم الزواج الذي يشير الى زواجها من ربِّـه ، وهو سيّده ، واراد ان يصل الى نتيجة مسبقة الصنع ( مُفبركـة سلفاً في ذهنه ) وهي أن المصريين الفراعنة هم أول من استخدم خاتم الزواج والخطوبة !!! أي أنه لوى عُـنُـقَ النص ولم يلتفت أنه نص إلهي محكم ، وذلك لانه يريد خدمة نتيجة ما ، يريد الترويج لها !!! وهؤلاء المفسرون هم أنفسهم منْ قال بورود كلمات غير عربية في القرآن الكريم ليخدموا تُـرَّهاتهم وأمانيِّـهم الفاسدة ، وهو ما سنتكلم عنه في مطلب مستقل ان شاء الله تعالى ..

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا

(ب ر هـ ) : جذر لغوي من عائلة الباء والهاء والراء ، واخترت الحديث فيه لأنـبِّـه الى مجموعة من الاغلاط يقع فيها غير المتخصصين في هذا المقام ، وفي الاشتقاقات الجذرية له .

جاء في " لسان العرب " لابن منظور والقاموس المحيط للفيروزابادي وغيرهما في الجذر ( ب ر ه ) : البُرْهَة ( بضم الباء ) والبَرْهَة (بفتح الباء ): الحِينُ الطويل من الدهر، وقيل : الزمانُ. يقال: أَقمت عنده بُرْهَةً من الدهـر كقولك أَقمت عنده سنة من الدهر. وقال ابن السكيت : أَقمت عنده بُرْهَةً وبَرْهَةً أَي مدَّة طويلة من الزمان. ونحن نخطئ هنا فنقول عن البرهة فترة قصيرة من الزمن ، وهو غلط بيّن لم يستعمله إلا المتأخرون !!! فالبرهة فترة طويلــــة .

والـبَـرَهُ ، يفسرها القاموسيون بأنها التَّرارةُ. ولكن ما التَرارَةُ ؟؟؟

التَرارَةُ: تعني السِمَنُ والبضاضةُ. تقول العرب : تَرِرْتَ بالكسر، أي صرتَ تارَّاً؛ وهو الممتلئ.البَدين الذي تبدو عليه آثار النعمة والعافية والبدانة . قلت : وإذا قلبنا المبنى حصلنا على عكس المعنى ، فمقلوب ( ب ر هـ ) هو (هـ ر ب ) والهروب يتناسب مع النحافة في البدن وضـآلته ، وانحراف الصحة ذهابها ، وهذا يؤيد النظرية القائلة بأنّ عكس المبنى يقودُ الى عكس المعنى . قلنا وليست النظرية على الاطلاق !!!

وامرأَة بَرَهْرَهة، ( على وزن فَعَلْعَلة \\كرِّر فيها العين واللام ) : تارَّةٌ تكاد تُرْعَـدُ من الرُّطُوبة والنعمة والسمنة، وقيل: بيضاء أو بَـضَّــة ؛ قال امرؤ القيس :

بَرَهْرَهَةٌ رُؤدَةٌ رَخْصَةٌ، =، =، كَخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِر

وبَرَهْرَهَتُها: تَرارتُها وبَضَاضَتُها؛ وتصغير بَرَهْرَهَةٍ بُرَيْهة، ومن أَتمها قال بُرَيْرهَة، فأَما بُرَيْهِرَهة فقبيحة قلما يتكلم بها ، وقيل: البَرَهْرَهة التي لها بَرِيق من صَفائها ، وقال غيره: هي الرقيقة الجلد كأَنَّ الماء يجري فيها من النَّعْمة والسِّـمَن ..ومن الأخطاء الواردة لدى العوام – هنا – أنهم يقولون للبرهرهـة من النساء ، في زمننا المعاصـــر " متينـة " والمتانـة صفة مغايرة تماما للسمينة البضّــــة فقد تكون سمينة ولا تكــون متينة ، أو العكس !!!

وفي حديث المبعث : " فأَخرج منه عَلَقَةً سوداءَ ثم أَدخل فيه البَرَهْرَهَةَ " ؛ قيل: هي سـكّينة بيضاء جديدة صافية ، من قولهم امرأَة بَرَهْرَهَة كأَنها تُرْعَدُ رُطوبةً ، وروي رَهْرَهةً أَي رَحْرَحة واسعة ( فالرحراح من الاماكن ما كان متسعا منبسطا ، وكذلك من الاشياء ) ؛ قال ابن الأَثير : قال الخطابي قد أَكثرتُ الســـؤال عنهـــا ، أي " كلـمة برهرهـة " فلم أَجد فيها قولاً يُـقطع بصحَّته ، ثم اختار أَنها السكين البيضاء كما مَـرّ . وقال ابن الأَعرابي : بَرِهَ الرجل إِذا ثابَ جسمُه بعد تغيُّر من علَّة وداء وسِـقَم ..

وأَبْــرَهَ الرجلُ : غلب الناس وأَتى بالعجائب. أي أتى بأمور لا مِرْية ولا شك فيها ، الحق واضح بيِّنٌ فيها دونما لَـبْس .

والبُرهانُ بيانُ الحجة واتِّضاحُها. ،، ووجه التسمية والاشتقاق كما مرَّ آنفاً أن صاحب البرهان أبلَّ بعد علة ومرض ، فصار مُعافى مشافى قادرا على أن يثبت صحة فكره وارادته . وبتعبير آخـر : البرهان يعنى الحجة والدليل الساطع البيِّن ، وهو آتٍ من قولهم " برِهَ الرجل اذا أبــلَّ من مرضه وعوفي وثاب بدنه الى ما كان عليه من الصحة والعافية فكأنه في مرضه كان عاجز اً وعادت اليه قدراته وقواه فأتى بكل أمرٍ باهر يثبت أنه مُعافـى ، وأنه قادر على الاتيان بالامور العجائب التي لا مِـرْيَـةَ ولا شـكّ فيها !!!

والخلاصــة : فالبرهان إذن فعلان مثل الرجحان والثنيان والعدنان، و هو مصدر الفعل بره يبره كما عرفنا اليوم ، إذا ابيض، ورجل أبره وامرأة برهاء، وقوم بُـره، وبرهرهة بضة كما أسلفنا (انظر: المجموع المغيث 1/153) شابة بيضاء.والبـرهة: مدة طويلة من الزمان، فالبرهان أوكد الأدلة، وهو الذي يقتضي الصدق أبدا لا محالة، وذلك أن الأدلة خمسة أضرب كما يقول المناطقة والأصوليون : دلالة تقتضي الصدق أبدا.- ودلالة تقتضي الكذب أبدا.- ودلالة إلى الصدق أقرب- ودلالة إلى الكذب أقرب.- ودلالة هي إليهما سواء.، أي يستوي فيها الطرفان بلا ترجيح قال تعالى: (قل: هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي) [سورة الأنبياء/24] ، وقال أيضاً : (قد جاءكم برهان من ربكم) [سورة النساء/174].

وفي التنزيل العزيز أيضــا ً (( قل هاتوا بُرْهانكم إن كنتم صادقين )) سورة البقرة \ 111. وذكر الأَزهري أن النون في البرهان ليست بأَصلية عند الليث فهي من أحرف الزيادة وكما قدّمنا ( عدن\عدنان ...وهكذا )، ويخطئ العامة هنا أيضا ، وخاصة في كتب الفيزياء والرياضيات المعاصرة التعليمية ، يقولون : (( برهن الأستاذ على صحة النظرية ، او برهن على كلامه ، أو ..... )) والصحيح أن نقول : (( أبْـرَهَ الاستاذ على كلامه )) أي أقام الدليل والحجـة ، ولا يقال بَـرْهَنَ ، وهو استخدام مولَّد حديث ، لم تقله أسلاف العرب أبداً وذلك لسببٍ بسيط وهو أن هذا الاستعمال يجعل من النون حرفاً أصليا غير مزيد ، وهو ليس كذلك ..وإذا أردنا جملة انشائية نطلب فيها من تلميذ إقامة البرهان على مسألة فنقول : أبْـرِهْ على النظريــة ولا نقـول : (بَـرْهِـنْ على صحة النظرية التالية .. ) وهكذا (1)...

و أبْرَهَةُ بنُ الحَارِثِ: تُبَّعٌ من تبابعة اليمن أي مَلِك من ملوك اليمن ، وهو أَبْرَهةُ بن الحرث الرائش الذي يقال له ذو المَنارِ.

وأَبْرَهةُ ابن الصَّبّاح أَيضاً : من ملوك اليمن، وهو أَبو يَكْسُوم ملك الحَبَشة صاحب الفيل الذي ساقَه إِلى البيت الحرام فأَهلكه الله؛ بعث عليه طيراً أبابيل بأسرابٍ كثيرة تحمل في مناقيرها حجارة من سجيل ( نــار) تقذفها على جنود أبرهة وعسكره ، فتخرقهم وتحرقهم ، حتى أحالتهم الى عَـصْفٍ مأكول ( هشيم محتظر ) ،، ، اما برهان وبرهان الدين فاسمٌ ولقبٌ اتخذه مجموعة من علماء السلف الصالح ، أبرزهم برهان الدين البقاعي (809-885 هـ) وهوالامام العلامة إبراهيم بن عمر بن حسن بن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي، نزيل القاهرة، ثم دمشق.

، صاحب كتاب " تنبيه الغبي الى تكفير ابن عربـي " ، و الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عبدالرحمن الفزاري الشهير بابن الفركاح المتوفى سنة 729هـ ، والإمام برهان الدين إبراهيم بن هارون اللقاني ( ت 1041هـ/1632م. ) صاحب جوهرة التوحيد المشهورة في علم العقيدة وغيرهم كثيرون ، رحمهم الله وجزاهم عنا خير الجزاء .

وجاء في قاموس " لسان العرب " لابن منظور :
برَهُوتُ : وادٍ معروف، قيل هو بحَضْرَمَوْتَ.وقد أوردهُ ياقوت الحموي في معجم البلدان( ج 1 ) ،

وفي حديث عليٍّ ، عليه رضوان الله : " شَرُّ بئرٍ في الأَرض بَرَهُوتُ "، وهي، بفتح الباء والراء، بئرٌ عميقة بحَضْرَمَوْتَ، لا يُسْتَطاعُ النُّزولُ إِلى قَعْرها . وقال الحموي تنبعث منها رائحة نتنة !

ويقال: بُرْهُوتُ، بضم الباء وسكون الراء، فتكون تاؤُها على الأَول زائدة، وعلى الثاني أَصلية. قال ابن الأَثير الجزري في كتابه النفيس " النهاية في غريب الحديث والاثـر ": أَخرجه الهروي عن عليّ ، كرم الله وجهه ، وأَخرجه الطبراني في المعجم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن سيدنا محمد رسول اللَّه ، صلى اللَّه عليه وسلم. وأظن أن لا دليل قويّـا على اسناد الحديثين والله أعلم .

وورد في المعجم الوسيط الذي اصدره مجمع اللغـة العربية في القاهرة في مادة ( ب ر هـ ) :

بَرِهَ الرجلَ ـَ بَرَهاً: امتلأَ جسمُه وتَرَّ. و ـ ابْيَضَّ. و ـ ثابَ جسمُه بعد عِلَّةٍ. فهو أَبْرَهُ. وهي بَرْهَاءُ. ،،، والجمع بُرْهٌ . وأَبْرَهَ المرءُ : أَتى بالبُرْهان. و جاءَـ او أَتى بالعجائِبِ. و ـ غَلَبَ الناس. والبُرْهَةُ: المُدّة من الزَّمان. ( والجمع بُرَهٌ ). والبَرْهَةُ : البُرْهَةُ. ( بالفتح والضم مثل دَلْجة ودُلْجَــة ) ، ولنا عليه – هنا - مـأخذان :

الاول : قوله ان البرهة مدة من الزمن والصواب ان يقول : مدة طويلة من الزمن .

الثاني : قوله بعد هذا مباشرة : برْهَـنَ : أَتى بالبُرْهان. ويقال: بَرْهَنَ على النظرية: دَلَّك على صحَّتها ، والبرهان هو الحجة الفاصلة البيّنة الواضحة بشكل جليّ . وهو خطأ أيضا فلفظ " بـَرْهَـنَ " مُوَلَّـد ولم يستخدمه العرب قديماً . ويجمع برهان على براهين جمع تكسير ، ولا يُقال " برهانات " ، مثل ميدان وميادين .

- ومن هذا الباب وغيره فإننا لا ننصح الباحثين بالاحتجاج أو الاحتكام الى المعجم الوجيز ولا الوسيط إلا استئناســاً ، ففيه هنات ومثالب تقصر به عن زملائه من معاجم العربية المعتمدة ، ويبقى المعجم جهدا بشريا غير معصوم ، وجل من لا يخطئ والكمال لله وحده ، الذي أبـى أن يتمَّ إلا كتابه العزيز !! ونأمل إعادة النظر فيهما وفي القاموس اللغوي المسمى " المنجد " فلنا عليه ملاحظات هو الآخـر . هذا والله أعلم ، وفوق كل ذي علمٍ عليم ، وصلى الله على سيدنا محمد – معلم الناس الخير – وآلــه وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .

=====================

- حاشيــــة :

(1) – من أعجب معاني البرهان عند بعض مراهقي التفسير ، في معرض تفسيره للآية من سورة يوسف : ((ولقد هَـمَّـت به وهَـمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )) الاية 24 إذ فسَّـر البرهان بأنه خاتم الزواج والخطوبة ، ولقد هَـمَّ يوسف بالمرأة التي راودته عن نفسه ، لولا أنه رأى خاتم الزواج الذي يشير الى زواجها من ربِّـه ، وهو سيّده ، واراد ان يصل الى نتيجة مسبقة الصنع ( مُفبركـة سلفاً في ذهنه ) وهي أن المصريين الفراعنة هم أول من استخدم خاتم الزواج والخطوبة !!! أي أنه لوى عُـنُـقَ النص ولم يلتفت أنه نص إلهي محكم ، وذلك لانه يريد خدمة نتيجة ما ، يريد الترويج لها !!! وهؤلاء المفسرون هم أنفسهم منْ قال بورود كلمات غير عربية في القرآن الكريم ليخدموا تُـرَّهاتهم وأمانيِّـهم الفاسدة ، وهو ما سنتكلم عنه في مطلب مستقل ان شاء الله تعالى ..
تعليقات