( ج ر د ) الجرد والجراد والتجريد ، وأشياء أخَـر

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا  جاء في لسان العرب لابن منظور حول مادة ( ج ر د ) : جَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْداً وجَرَّدَهُ قشَره ، وحسده قال : كأَنَّ فداءَها إِذْ جَرَّدُوهُ ===وطافوا حَوْله سُلَكٌ يَتِيمُ واسمُ ما جُرِدَ منه الجُرادَةُ وجَرَدَ الجِلْدَ يَجْرُدُه جَرْداً نزع عنه الشعر وكذلك جَرَّدَه قال طَرَفَةُ : كسِبْتِ اليماني قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ ،ويقال رجل أَجْرَدُ لا شعر عليه وثَوْبٌ جَرْدٌ خَلَقٌ قد سَقَطَ زِئْبِرُهُ وقيل هو الذي بين الجديد والخَلَق قال الشاعر : أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ للرِّماحِ دَرِيئَةً ؟ هَبِلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ ؟ أَي لا تَرْقَع الأَخْلاق وتَتركْ أَسعدَ قد خَرَّقته الرماح فأَيُّ تُصِلحُ ، والجَرْدُ الخَلَقُ من الثياب وأَثْوابٌ جُرُودٌ وشَمْلَةٌ جَرْدَةٌ كذلك قال أبو ذؤيب الهذلي : وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ شَفَيْنا أُحاحَهُ ===غَدَاتَئِذٍ في جَرْدَةٍ مُتَماحِلِ بَوْشِيٌّ كثير العيال متماحِلٌ طويل شفينا أُحاحَهُ أَي قَتَلْناه والجَرْدَةُ بالفتح البُرْدَةُ المُنْجَرِدَةُ الخَلَقُ وانْجَرَدَ الثوبُ أَي انسَحَق ولانَ وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه : " ليس عندنا من مال المسلمين إِلاَّ جَرْدُ هذه القَطِيفَةِ " أَي التي انجَرَدَ خَمَلُها وخَلَقَتْ ..وفي حديث عائشة رضوان الله عليها قالت لها امرأَة رأَيتُ أُمي في المنام وفي يدها شَحْمَةٌ وعلى فَرْجِها جُرَيْدَةٌ تصغير جَرْدَة وهي الخِرْقة البالية (1)والجَرَدُ من الأَرض ما لا يُنْبِتُ والجمع الأَجاردُ والجَرَدُ فضاءٌ لا نَبْتَ فيه ، وارض جرداء قاحلة لا نبت فيها أو أن نبتها قد انجرد عنها ، والجرد عرف تجاري في غالب البلاد يجريه التجار وارباب العمل في نهاية كل عام ، للتعرف عمليا وميدانيا على محتويات مصانعهم ومخازنهم ، قلت : ولعل تسمية الجراد آتية من هذا الباب ، فهو يجرِّدُ الارض مما فيها من نبات ويقشر الاغصان من ورقاتها ، ولا يبقي ولا يذر ....وهو من الحشرات التي اباح الاسلام تناولها ودونما ذبح كالسمك تماما اذ لا دم فيهما ، وبالتالي لا معنى لذبحهما ،،، جاء في الحديث الصحيح : (( أحلت لنا ميتتان ودمان : اما الدمان فالكبد والطحال ، والميتتان السمك والجراد )) . وفي حديث أَبي موسى الاشعري : وكانت فيها أَجارِدُ أَمْسَكَتِ الماءَ أَي مواضعُ منْجَرِدَة من النبات ومنه الحديث تُفْتَتحُ الأَريافُ فيخرج إِليها الناسُ ثم يَبْعَثُون إِلى أَهاليهم إِنكم في أَرض جَرَديَّة قيل هي منسوبة إِلى الجَرَدِ بالتحريك وهي كل أَرض لا نبات بها وفي حديث أَبي حَدْرَدٍ فرميته على جُرَيداءِ مَتْنِهِ أَي وسطه وهو موضع القفا المنْجَرِد عن اللحم تصغيرُ الجَرْداء وسنة جارودٌ مُقْحِطَةٌ شديدة المَحْلِ ورجلٌ جارُودٌ مَشْو ومٌ منه كأَنه يَقْشِر قَوْمَهُ وجَرَدَ القومَ يجرُدُهُم جَرْداً سأَلهم فمنعوه أَو أَعطَوْه كارهين ، واضيف هنا " الجيرود \ وجيرود " منطقة في ريف دمشق الشمالي ، أرضها شبه صحراوية وذلك سبب التسمية !!!  والجَرْدُ مخفف أَخذُك الشيءَ عن الشيءِ حَرْقاً وسَحْفاً ولذلك سمى العربُ المشؤوم جاروداً ، وفي عالم الاسماء أيضا يطالعنا الجارودُ العَبْدِيُّ رجلٌ من الصحابة واسمه بِشْرُ بنُ عمرو من عبد القيس وسمي الجارودَ لأَنه فَرَّ بِإِبِلِه إِلى أَخواله من بني شيبان وكان بإِبله داء ففشا ذلك الداء في إِبل أَخواله فأَهلكها ، وللجارود هذا حديث وقد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وقتل بفارس في عقبة الطين وأَرض جَرْداءُ فضاء واسعة مع قلة نبت ورجل أَجْرَدُ لا شعر على جسده وفي صفته صلى الله عليه وسلم أَنه أَجرَدُ ذو مَسْرَبةٍ قال ابن الأَثير الأَجرد الذي ليس على بدنه شعر ولم يكن صلى الله عليه وسلم كذلك وإِنما أَراد به أَن الشعر كان في أَماكن من بدنه ، فهو ليس بالأَجْرَد ولا الأَشعرُ وفي حديث صفة أَهل الجنة جُرْذ مُرْدٌ مُتَكَحِّلون ، وفي كتابنا " الصفات الخَلْـقيـة للنبي صلى الله عليه وسلم " مزيد بيان وايضاح لهذه الصفة من حلية النبي الاعظم ....وفي اسماء النساء يطالعنا ايضا " المتجردة " أي المتعرية . واسمها ماوية على الراجح !!!  والمتجردة ملكة جمال العصر الجاهلي،لا يوجد لها صور و لا لوحات و لكن يوجد شعر يصفها بشكل تفصيلي، تزوجت أربعة حسب ابن حبيب في المحبر و زوجها الأخير ملك شهير من سلالة المناذرة يدعى النعمان بن المنذر،يبدو أن السيدة المتجردة كانت جريئة و ترغب أن تكون محط الإعجاب، و قد ارتبط اسمها بعدة اسماء شهيرة غير أزواجها أولهم شاعر جاهلي وسيم يدعى المنخل و شاعر شهير يدعى النابغة الذبياني و سيد من سادات فزارة يدعى حذيفة بن بدر وكانا يتبادلان الهدايا.. والملك النعمان المعجب بجمال زوجته طلب مرة من النابغة ان يصفها بشعره، وكان الشاعر رآها يوما و قد سقط شيء من ثيابها، و يبدو أن "الكلفة" كانت مرفوعة بين هذا الملك و ضيوفه فدبج النابغة قصيدة مشهورة تتحدث عن أدق ثتايا هذه السيدة جسديا . فقال للملك النعمان أحدهم : هذا وصف حسي مباشر لو لم يعاين "أخونا المنخّـل" عمليا لما دبج هذا الشعر، وكلام المنخل يكشف عن ناقد ذي خبرة فالوصف وصف مجرب. وبالنتيجة غضب النعمان على الشاعر النابغة الذبياني فهرب هذا الأخير و أختفى عن أنظار الملك غريب الأطوار. ويُقال بأن نهاية النعمان كانت في منتهى السوء ، حيث غضب كسرى عليه فترك عرش المملكة و هام مع متجردته و أمواله في الصحراء، الى أن اقنعته بمواجهة كسرى فلا يجوز و هو الملك العظيم أن يتشرد كالصعاليك ، والله أعلم ...  ومن المفيد المبهج ان نذكر طرفا من قصيدة المنخل اليشكري في المتجردة ، معتذرا عن ورود بعض العبارات المقذعة فيها ، وابتعدنا عن كلمات مقذعة أكثر :  سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنـــــــــــــــا بِاليَدِ بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ بَنانَـــــــهُ عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَـــــــةِ يُعـقـَدِ نَظَرَت إِلَيكَ بِحاجَةٍ لَم تَقضِهـــا نَظَرَ السَقيمِ إِلى وُجـــوهِ العُـوَّدِ تَجلو بِقادِمَتَي حَمامَةِ أَيكَـــــــةٍ بَرَداً أُسِفَّ لِثاتُـــــــــهُ بِالإِثمــــِدِ كَالأُقحُوانِ غَداةَ غِبَّ سَـمائِــــهِ جَفَّت أَعاليهِ وَأَســــــفَلُــــهُ نَدي زَعَمَ الهُمامُ بِأَنَّ فــاهــــــا بارِدٌ عَذبٌ مُقَبَّلُـــهُ شَـــهِــــيُّ المَورِدِ زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّـــــــــــهُ يُشفى بِرَيّا ريقِهـا العَطِشُ الصَدي أَخَذَ العَـذارى عِقـدَهـــــا فَنَظَمنَهُ مِن لـــُؤلُـؤٍ مُتَتابِــــعٍ مُتَسَـــــــرِّدِ لَو أَنَّهــا عَرَضَت لِأَشمَطَ راهِــبٍ عَبَدَ الإِلَـــــــهِ صَرورَةٍ مُتَعَـبّــــــِدِ لَرَنا لِبَهجَتِها وَحُسنِ حَديثِهـــــــا وَلَخالَهُ رُشـــداً وَإِن لَم يَرشُـــــــدِ بِتَكَلُّمٍ لَو تَستَطيعُ سَـــماعَـــــــــهُ لَدَنَت لَهُ أَروى الهِضابِ الصُخَّـــدِ وَبِفاحِــمٍ رَجــلٍ أَثيثٍ نَبتُـــــــــــهُ كَالكَرمِ مالَ عَلى الدِعامِ المُســنَـدِ فَإِذا لَمَستَ لَمَستَ أَجثَمـَ جاثِمــــاً مُتَحَيِّـــزاً بِمَكـــانِـــــــهِ مِـلءَ اليـَدِ وَإِذا طَعَنتَ طَـعـَنـتَ في مُسْتهدفٍ رابي المَجَسَّــةِ بِالعَــبيـــرِ مُقَرمَـــدِ وَإِذا نَزَعتَ نَزَعتَ عَن مُستَحصِفٍ نَزعَ الحَزَوَّرِ بِالرَشــــاءِ المُحصَــدِ ويستوقفني – كرجل في قصة وقصيدة المتجردة ، أن نصيفها قد سقط رغما عنها وهي لم ترد اسقاطه عمدا كما تفعل نساء اليوم !!!  ========================= (1) الحديث موقوف وهو عند الخطابي في معالم السنن ، رقم الحديث: 1153 وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيه وَقَالَ ذ " أَنَّهَا رَأَتِ امْرَأَةً شَلاءً ، فَقَالَتْ : رَأَيْتُ أُمِّي فِي الْمَنَامِ وَفِي يَدِهَا شَحْمَةٌ وَعَلَى فَرْجِهَا جُرَيْدَةٌ ، وَهِيَ تَشْكُو الْعَطَشَ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْقِيهَا فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي : أَلا مَنْ سَقَاهَا شُلَّتْ يَمِينُهَا ، فَأَصْبَحْتُ كَمَا تَرَيْنَ " . قال حَدَّثَنِيهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ ، ثنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ اللَّيْثِ ، نا عَهْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ، نا الْحَكَمُ ، عَنْ مُنَيْفَةَ بِنْتِ زَرْبِيٍّ ...

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا 

جاء في لسان العرب لابن منظور حول مادة ( ج ر د ) :
جَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْداً وجَرَّدَهُ قشَره ، وحسده قال :
كأَنَّ فداءَها إِذْ جَرَّدُوهُ ===وطافوا حَوْله سُلَكٌ يَتِيمُ
واسمُ ما جُرِدَ منه الجُرادَةُ وجَرَدَ الجِلْدَ يَجْرُدُه جَرْداً نزع عنه الشعر وكذلك جَرَّدَه قال طَرَفَةُ :
كسِبْتِ اليماني قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ ،ويقال رجل أَجْرَدُ لا شعر عليه وثَوْبٌ جَرْدٌ خَلَقٌ قد سَقَطَ زِئْبِرُهُ وقيل هو الذي بين الجديد والخَلَق قال الشاعر :
أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ للرِّماحِ دَرِيئَةً ؟ هَبِلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ ؟
أَي لا تَرْقَع الأَخْلاق وتَتركْ أَسعدَ قد خَرَّقته الرماح فأَيُّ تُصِلحُ ، والجَرْدُ الخَلَقُ من الثياب وأَثْوابٌ جُرُودٌ وشَمْلَةٌ جَرْدَةٌ كذلك قال أبو ذؤيب الهذلي :
وأَشْعَثَ بَوْشِيٍّ شَفَيْنا أُحاحَهُ ===غَدَاتَئِذٍ في جَرْدَةٍ مُتَماحِلِ

بَوْشِيٌّ كثير العيال متماحِلٌ طويل شفينا أُحاحَهُ أَي قَتَلْناه والجَرْدَةُ بالفتح البُرْدَةُ المُنْجَرِدَةُ الخَلَقُ وانْجَرَدَ الثوبُ أَي انسَحَق ولانَ وقد جَرِدَ وانْجَرَدَ وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه : " ليس عندنا من مال المسلمين إِلاَّ جَرْدُ هذه القَطِيفَةِ " أَي التي انجَرَدَ خَمَلُها وخَلَقَتْ ..وفي حديث عائشة رضوان الله عليها قالت لها امرأَة رأَيتُ أُمي في المنام وفي يدها شَحْمَةٌ وعلى فَرْجِها جُرَيْدَةٌ تصغير جَرْدَة وهي الخِرْقة البالية (1)والجَرَدُ من الأَرض ما لا يُنْبِتُ والجمع الأَجاردُ والجَرَدُ فضاءٌ لا نَبْتَ فيه ، وارض جرداء قاحلة لا نبت فيها أو أن نبتها قد انجرد عنها ، والجرد عرف تجاري في غالب البلاد يجريه التجار وارباب العمل في نهاية كل عام ، للتعرف عمليا وميدانيا على محتويات مصانعهم ومخازنهم ، قلت : ولعل تسمية الجراد آتية من هذا الباب ، فهو يجرِّدُ الارض مما فيها من نبات ويقشر الاغصان من ورقاتها ، ولا يبقي ولا يذر ....وهو من الحشرات التي اباح الاسلام تناولها ودونما ذبح كالسمك تماما اذ لا دم فيهما ، وبالتالي لا معنى لذبحهما ،،، جاء في الحديث الصحيح : (( أحلت لنا ميتتان ودمان : اما الدمان فالكبد والطحال ، والميتتان السمك والجراد )) . وفي حديث أَبي موسى الاشعري : وكانت فيها أَجارِدُ أَمْسَكَتِ الماءَ أَي مواضعُ منْجَرِدَة من النبات ومنه الحديث تُفْتَتحُ الأَريافُ فيخرج إِليها الناسُ ثم يَبْعَثُون إِلى أَهاليهم إِنكم في أَرض جَرَديَّة قيل هي منسوبة إِلى الجَرَدِ بالتحريك وهي كل أَرض لا نبات بها وفي حديث أَبي حَدْرَدٍ فرميته على جُرَيداءِ مَتْنِهِ أَي وسطه وهو موضع القفا المنْجَرِد عن اللحم تصغيرُ الجَرْداء وسنة جارودٌ مُقْحِطَةٌ شديدة المَحْلِ ورجلٌ جارُودٌ مَشْو ومٌ منه كأَنه يَقْشِر قَوْمَهُ وجَرَدَ القومَ يجرُدُهُم جَرْداً سأَلهم فمنعوه أَو أَعطَوْه كارهين ، واضيف هنا " الجيرود \ وجيرود " منطقة في ريف دمشق الشمالي ، أرضها شبه صحراوية وذلك سبب التسمية !!!

والجَرْدُ مخفف أَخذُك الشيءَ عن الشيءِ حَرْقاً وسَحْفاً ولذلك سمى العربُ المشؤوم جاروداً ، وفي عالم الاسماء أيضا يطالعنا الجارودُ العَبْدِيُّ رجلٌ من الصحابة واسمه بِشْرُ بنُ عمرو من عبد القيس وسمي الجارودَ لأَنه فَرَّ بِإِبِلِه إِلى أَخواله من بني شيبان وكان بإِبله داء ففشا ذلك الداء في إِبل أَخواله فأَهلكها ، وللجارود هذا حديث وقد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وقتل بفارس في عقبة الطين وأَرض جَرْداءُ فضاء واسعة مع قلة نبت ورجل أَجْرَدُ لا شعر على جسده وفي صفته صلى الله عليه وسلم أَنه أَجرَدُ ذو مَسْرَبةٍ قال ابن الأَثير الأَجرد الذي ليس على بدنه شعر ولم يكن صلى الله عليه وسلم كذلك وإِنما أَراد به أَن الشعر كان في أَماكن من بدنه ، فهو ليس بالأَجْرَد ولا الأَشعرُ وفي حديث صفة أَهل الجنة جُرْذ مُرْدٌ مُتَكَحِّلون ، وفي كتابنا " الصفات الخَلْـقيـة للنبي صلى الله عليه وسلم " مزيد بيان وايضاح لهذه الصفة من حلية النبي الاعظم ....وفي اسماء النساء يطالعنا ايضا " المتجردة " أي المتعرية . واسمها ماوية على الراجح !!!

والمتجردة ملكة جمال العصر الجاهلي،لا يوجد لها صور و لا لوحات و لكن يوجد شعر يصفها بشكل تفصيلي، تزوجت أربعة حسب ابن حبيب في المحبر و زوجها الأخير ملك شهير من سلالة المناذرة يدعى النعمان بن المنذر،يبدو أن السيدة المتجردة كانت جريئة و ترغب أن تكون محط الإعجاب، و قد ارتبط اسمها بعدة اسماء شهيرة غير أزواجها أولهم شاعر جاهلي وسيم يدعى المنخل و شاعر شهير يدعى النابغة الذبياني و سيد من سادات فزارة يدعى حذيفة بن بدر وكانا يتبادلان الهدايا..
والملك النعمان المعجب بجمال زوجته طلب مرة من النابغة ان يصفها بشعره، وكان الشاعر رآها يوما و قد سقط شيء من ثيابها، و يبدو أن "الكلفة" كانت مرفوعة بين هذا الملك و ضيوفه فدبج النابغة قصيدة مشهورة تتحدث عن أدق ثتايا هذه السيدة جسديا . فقال للملك النعمان أحدهم : هذا وصف حسي مباشر لو لم يعاين "أخونا المنخّـل" عمليا لما دبج هذا الشعر، وكلام المنخل يكشف عن ناقد ذي خبرة فالوصف وصف مجرب. وبالنتيجة غضب النعمان على الشاعر النابغة الذبياني فهرب هذا الأخير و أختفى عن أنظار الملك غريب الأطوار.

ويُقال بأن نهاية النعمان كانت في منتهى السوء ، حيث غضب كسرى عليه فترك عرش المملكة و هام مع متجردته و أمواله في الصحراء، الى أن اقنعته بمواجهة كسرى فلا يجوز و هو الملك العظيم أن يتشرد كالصعاليك ، والله أعلم ...

ومن المفيد المبهج ان نذكر طرفا من قصيدة المنخل اليشكري في المتجردة ، معتذرا عن ورود بعض العبارات المقذعة فيها ، وابتعدنا عن كلمات مقذعة أكثر :

سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ
فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنـــــــــــــــا بِاليَدِ
بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ بَنانَـــــــهُ
عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَـــــــةِ يُعـقـَدِ
نَظَرَت إِلَيكَ بِحاجَةٍ لَم تَقضِهـــا
نَظَرَ السَقيمِ إِلى وُجـــوهِ العُـوَّدِ
تَجلو بِقادِمَتَي حَمامَةِ أَيكَـــــــةٍ
بَرَداً أُسِفَّ لِثاتُـــــــــهُ بِالإِثمــــِدِ
كَالأُقحُوانِ غَداةَ غِبَّ سَـمائِــــهِ
جَفَّت أَعاليهِ وَأَســــــفَلُــــهُ نَدي
زَعَمَ الهُمامُ بِأَنَّ فــاهــــــا بارِدٌ
عَذبٌ مُقَبَّلُـــهُ شَـــهِــــيُّ المَورِدِ
زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّـــــــــــهُ
يُشفى بِرَيّا ريقِهـا العَطِشُ الصَدي
أَخَذَ العَـذارى عِقـدَهـــــا فَنَظَمنَهُ
مِن لـــُؤلُـؤٍ مُتَتابِــــعٍ مُتَسَـــــــرِّدِ
لَو أَنَّهــا عَرَضَت لِأَشمَطَ راهِــبٍ
عَبَدَ الإِلَـــــــهِ صَرورَةٍ مُتَعَـبّــــــِدِ
لَرَنا لِبَهجَتِها وَحُسنِ حَديثِهـــــــا
وَلَخالَهُ رُشـــداً وَإِن لَم يَرشُـــــــدِ
بِتَكَلُّمٍ لَو تَستَطيعُ سَـــماعَـــــــــهُ
لَدَنَت لَهُ أَروى الهِضابِ الصُخَّـــدِ
وَبِفاحِــمٍ رَجــلٍ أَثيثٍ نَبتُـــــــــــهُ
كَالكَرمِ مالَ عَلى الدِعامِ المُســنَـدِ
فَإِذا لَمَستَ لَمَستَ أَجثَمـَ جاثِمــــاً
مُتَحَيِّـــزاً بِمَكـــانِـــــــهِ مِـلءَ اليـَدِ
وَإِذا طَعَنتَ طَـعـَنـتَ في مُسْتهدفٍ
رابي المَجَسَّــةِ بِالعَــبيـــرِ مُقَرمَـــدِ
وَإِذا نَزَعتَ نَزَعتَ عَن مُستَحصِفٍ
نَزعَ الحَزَوَّرِ بِالرَشــــاءِ المُحصَــدِ

ويستوقفني – كرجل في قصة وقصيدة المتجردة ، أن نصيفها قد سقط رغما عنها وهي لم ترد اسقاطه عمدا كما تفعل نساء اليوم !!!

=========================

(1) الحديث موقوف وهو عند الخطابي في معالم السنن ، رقم الحديث: 1153
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيه وَقَالَ ذ " أَنَّهَا رَأَتِ امْرَأَةً شَلاءً ، فَقَالَتْ : رَأَيْتُ أُمِّي فِي الْمَنَامِ وَفِي يَدِهَا شَحْمَةٌ وَعَلَى فَرْجِهَا جُرَيْدَةٌ ، وَهِيَ تَشْكُو الْعَطَشَ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْقِيهَا فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي : أَلا مَنْ سَقَاهَا شُلَّتْ يَمِينُهَا ، فَأَصْبَحْتُ كَمَا تَرَيْنَ " . قال حَدَّثَنِيهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ ، ثنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ اللَّيْثِ ، نا عَهْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ، نا الْحَكَمُ ، عَنْ مُنَيْفَةَ بِنْتِ زَرْبِيٍّ ...
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman