الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا
عدد من كلمات اللغة العربية مكونة من حرفين مثل (حب ، دم ، ود ، عز ... الخ) ، لكن هذه الكلمات ، حين ترد الى جذرها فجذرها ثلاثي ، أي حبب ، عزز ، ودد ، دمم . .... الخ .
والاختلاف هو هل أصل الكلمة من حرفين أم يجب أن تكون الكلمة مكوّنة من اكثر من حرفين أم أنها تتكون أصلا من ثلاثة حروف ، وليس هنا مربط فرسنا اليوم .
سننيخ ناقتنا اليوم في مضارب الجذر الثلاثي (( ح ب ب )) ، ونتحدث عن الحب . في لغة الجذور ، طبعا وليس في لغة قيس و عزة وعبلة وجميل و ..... رغم أنهما لغتان من معين واحد ومن مشكاة واحدة !!!
والحب هو الود والتجاذب العاطفي والميول القلبي تجاه طرف آخر مادي ومعنوي : حب الحياة وحب الذات وحب الحرية وحب الزوجة و حب الجمال حب الأم والذريّـة والمال .....
واذا ما نما الحب ووصـل مستوى الـ((عشق \ ع ش ق )) فقد علق حب المحب في شغاف القلب واستحكم ، وصار مستمسكا بحيثيات من يحب فعيناه عيناها وهواه هواها ، ويحب من الاسماء ما وافق اسمها ، وان كانت سوداء أحب لحبها ســودَ الكلاب رغم الاختلاف في الجنس أو الدين أو اللغة أو .... !
اقرأ معي مــــأجورا مشكـــورا ، لا مـأمـورا النماذج التالية :
وأحبـّـها وتحبني = = = ويحب ناقتها بعيري
سمراء من قوم عيسى من أحل لها = قتل امرئٍ مسلم قاسى بها ولها
قالوا تحبها ؟ قلت بهرا = = =عدد النجم والثرى والسحاب
ثم لاحظ الجذر ( ع ش ق ) ويشير الى اللصوق التام ، وضده الجذر ( ق ش ع ) ويشير الى الخروج والانفصام كما يقول شيخ العربية المعاصر " محمد عنبر " رحمه الله .
الناس - بعضهم – اليوم منهمكون في عيد الحب المنسوب لزيــــــــــر نساء ، متعهر ، يسمى " فالنتاين " ، وهم ممن يصدق فيهم القول ، لو أن مَنْ فُتنوا بهم دخلوا جحر ضب لدخلوا فيه معطلين عقولهم وقناعاتهم ، لكن فاتهم شيء مهم جدا وهو أن قبركة عيد لقيمة مثلـــى انما هو ابتذال لها وتمييع ....
قال أحدهم لما زار بلدا يجعلون فيه اشارة خاصّــة لآل البيت ( عليهم السلام ) :
جعلوا على آل النبي علامــة إن العلامة شـأنُ من لا يُـعـرف
وهنا جعلوا عيدا لقيمة أخلاقية ذُكرت في القرآن الكريم والسنة المشرفة وأدبيات العرب ، وقصصهم ومقومات حياتهم العاطفية ، فابتذلوا الحب وميّعـوا الموضوع ، واختزلوا حب الآباء والامهات والأزواج والاولاد و....... بوردة حمــــــــــراء !!! ولنختم بما جاء في لسان العرب :
الحب نقيض البغض والحب الوداد والمحبة قال ابن السكيت وهذا جابر بن حبة اسم للخبز وهو معرفة
وحبة اسم امرأة قال :
أعينيَّ ســاء الله مَنْ كان سره ... بكاؤكما أو من يحب أذاكما
ولو أن منظورا وحبة أسلما ... لنزع القذى لم يبرئا لي قذاكما
قال ابن جني حبة امرأة علقها رجل من الجن يقال له منظور فكانت حبة تتطبب بما يعلمها منظور والحبة بزور البقول والرياحين واحدها حبـــة ( 1 )
(1)قيل ما كان له [ ص 294 ] حب من النبات فاسم ذلك الحب الحبة وقال أبو حنيفة الحِـبـَّة بالكسر جميع بزور النبات واحدتها حبة بالفتح عن الكسائي قال فأما الحَب فليس إلا الحنطة والشعير واحدتها حبة بالفتح وإنما افترقا في الجمع الجوهري الحبة واحدة حب الحنطة ونحوها من الحبوب والحبة بزر كل نبات ينبت وحده من غير أن يبذر وكل ما بذر فبزره حبة بالفتح وقال ابن دريد الحبة بالكسر ما كان من بزر العشب قال أبو زياد إذا تكسر اليبيس وتراكم فذلك الحبة رواه عنه أبو حنيفة قال وأنشد قول أبي النجم ووصف إبله :
تبقلت من أول التبقل ... في حبة جرف وحمض هيكل
قال الأزهري ويقال لحب الرياحين حبة وللواحدة منها حبة والحبة حب البقل الذي ينتثر والحبة حبة الطعام حبة من بر وشعير وعدس وأرز وكل ما يأكله الناس قال الأزهري وسمعت العرب تقول رعينا الحبة وذلك في آخر الصيف إذا هاجت الأرض ويبس البقل والعشب وتناثرت بزورها وورقها فإذا رعتها النعم سمنت عليها قال ورأيتهم يسمون الحبة بعد الانتثار القميم والقف وتمام سمن النعم بعد التبقل ورعي العشب يكون بسف الحبة والقميم قال ولا يقع اسم الحبة إلا على بزور العشب والبقول البرية وما تناثر من ورقها فاختلط بها مثل القلقلان والبسباس والذرق والنفل والملاح وأصناف أحرار البقول كلها وذكورها وحبة القلب ثمرته وسويداؤه وهي هنة سوداء فيه وقيل هي زنمة في جوفه قال الأعشى فأصبت حبة قلبها وطحالها الأزهري حبة القلب هي العلقة السوداء التي تكون داخل القلب وهي حماطة القلب أيضا يقال أصابت فلانة حبة قلب فلان إذا شغف قلبه حبها وقال أبو عمرو الحبة وسط القلب وحبب الأسنان تنضدها ، قال طرفة بن العبد :
وإذا تضحكُ تُـبـدي حببـــــــــــــا ... كرضاب المسك بالماء الخصر
قال ابن بري وقال غير الجوهري الحبب طرائق من ريقها لأن قلة الريق تكون عند تغير الفم( فساد رائحته) ورضاب المسك قطعه والحبب ما جرى على الأسنان من الماء كقطع القوارير وكذلك هو من الخمر حكاه أبو حنيفة وأنشد قول ابن أحمر :
لها حبب يرى الراؤون منها ... كما أدميت في القرو الغزالا
أراد يرى الراؤون منها في القرو كما أدميت الغزالا الأزهري حبب الفم ما يتحبب من بياض الريق على الأسنان وحبب الماء وحببه وحبابه بالفتح طرائقه وقيل حبابه نفاخاته وفقاقيعه التي تطفو كأنها القوارير وهي اليعاليل وقيل حباب الماء معظمه قال [ ص 295 ] طرفة :
يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفايل باليد
فدل على انه المعظم وقال ابن دريد الحبب حبب الماء وهو تكسره وهو الحباب وأنشد الليث
كأن صلا جهيزة حين قامت ... حباب الماء يتبع الحبابا
( والصلا كما أطن الظهر ومكان انحناء الصلب في الصلاة ) .... وأخيـــــــــــــــــــــــــــــــــرا :
يا قوم : عودوا الى جذوركم ، عودوا الى تراثكم وهويّتكم ، فالعيد هوية وانتماء وحضارة وليس غوغاء وميوعة وتقليداً أعمى .... ((( وسلامتكـــــم ))) .
أكتب تعليقك هتا