الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا
رمضان كريم ، وكل عام وأنتم بخير ، أهلَّـه الله عليكم بالامن والايمان والسلامة والاسلام ، وجعله شهر خير ورشد ومغفرة وعتق من النار ..و" رمضان في لغة الجذور ينتمي الى الجذر الثلاثي ( ر م ض ) ، وهذا الجذر ينتمي بدوره الى عائلة " الراء والميم والضاد " ، هذه العائلة تضم حسب الجداء الجذوري تسعة جذور كاملة متداولة ، على افتراض عدم تكرار حرف واحد في جذر واحد ، أي باسقاط : ضـرّ ، رضَّ ، رمّ ، مرَّ ، مر مر ، رضرض ....الخ .
وفي الحديث: صلاةُ الأَوّابين إِذا رَمِضَتِ الفِصالُ؛ وهي الصلاةُ التي سنَّها سيدنا رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، في وقتِ الضُّحَى عند ارتفاعِ النهار. وسبب تسمية " رَمَـضـان \\ فَـعَلان " قالـه ابن دريد: لما نقلوا أَسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأَزمنة التي هي فيها فوافَقَ رمضانُ أَيامَ رَمَضِ الحرّ وشدّته فسمّي به ، مثلما وافق جمادى شدّة البرد ، وربيع وافق فصل الربيع .....
- ( رضم \ ر ض م ) : الرَّضَمُ والرِّضامُ صخور عظام يُرْضم بعضها فوق بعض في الأبنية، الواحدة رَضْمة، قال ابن بري: والجمع رَضَماتٌ؛ وهذا يذكرنا بالردم لتقارب المعنيين .
والرَّضَمانُ تَقارُبُ عَدْو الشيخ. وقال ابن الأعرابي واصفا أحد معاصريه : يقال إن عَدْوَكَ لرَضَمان أي بطيء، وإن أَكْلَكَ لَسَلَجان، وإن قضاءك لَلِيَّان.( السلجان : الأكل السريع ، والليان المماطلة ، وتأْويل ذلك أنه يحب أَن يأْخذ ويكره أَن يردَّ ويعيد ما أخذ ، أَي إِذا أَخذ الرجل الدَّين أَكله، فإِذا أَراد صاحب الدين حقه لواه به أَي مَطَلَهُ.) .
- (ضـرم \ ض ر م ) : ضرمت النار واضْطَرَمَت: اشْتَعَلَتْ والْتَهَبَتْ، واضْطَرَمَ مَشِيبهُ كما قالوا اشْتَعَلَ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأنشد:
- ( ضمر\ ض م ر ) : والتضمير تخسيس وتخييس من الوزن ، واخفاء للبدانة والسمنة ، والضمير ما خفي من فكر ومعتقدات ورسخ في النفس البشرية .والضمير يأخذ لون النفس ، كالماء يأخذ لون الاناء الذي يوضع فيه ، فقد يكون ضميرا طيبا وقد يكون خبيثا !
- (مرض \ م ر ض ) والمرض نقص وخلل : نفص في مكونات العافية ، أو خلل في تناسب مكونات الجسم .
- (مـضـر \ م ض ر ) : مَضَرَ اللَّبَنُ يَمْضُرُ مُضُوراً: حَمُضَ وابْيَضَّ، وكذلك النبيذ إِذا حَمُضَ. ، وسمي أحد أجداد العرب " مـضـرا " لولوعه بشرب اللبن الحامض ، والمَضِيرَة: مُرَيْقَة تطبخ بلبن وأَشياء، وقيل: هي طبيخ يتخذ من اللبن الماضر. قال أَبو منصور: المضيرة عند العرب أَن تطبخ اللحم باللبن البحث الصريح الذي قد حذى اللسانَ حتى يَنْضَجَ اللحمُ وتَخْثُرَ المضيرة، وربما خلطوا الحليب بالحَقِين وهو حينئذ أَطيب ما يكون.، وهكذا يُلاحظ القارئ الكريم أنَّ سـتة الجذور تراوح كلها في فلك السـلبيـة ( نقص وخسارة وخراب وخلل وسقم و....) .
هذا في نظرية البناء اللغوي أما في نظرية العبادة والقرب من الله تعالى ، فنذكَــر بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( لو علمت أمتي ما رمضان لتمنت أن تكون السنة كلّهـا رمضان )) ، نعم فرمضان شهر تصفد فيه الشياطين وتضاعف الأجـور وتُعتق فيه النفوس من النيران ، إضافة لعتقها من وَحَــرِ الدنيا ومتعها الزائفة الزائلة ..
قال تعالى : ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) سورة البقرة(185).. وكل عام وأنتم بخير ، راجيا ألا تنسوا أخاكم الراقد على السرير الأبيض في أحد مشافي سالزبورغ من الدعاء بالشفاء ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .
وكالة البيارق الإعلامية www.bayariq.net
bayariqmedia@gmail.com
المدير العام ورئيس التحرير
محمد توفيق أحمد كريزم