الإنسان بين الرضى والسخط

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا

يقول أحد الحكماء : ( لو أن أحدا ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد ، و ما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم ، فما الفرق بينه وبين الفلاح الذي يحفر الأرض ؟ لعل الفلاح أشد استغراقا في النوم ، وأكثر استمتاعا بطعامه من رجل الأعمال صاحب الجاه والسلطان ) فأحذروا القلق والهموم فهي تفتك بالجسم وتنهك الفكر وتعدم الاستقرار العائلي وتضــرُّ بالاسرة توازنا وسعادةً وهدوء بال وتربيــــة أولاد ، بل ان الزوجين المهمومين أعجز عن العيش بوئام وعطاء ، والهمُّ يهرمهما ، كما قال الشاعر المتنبي :

ويهدف هذا التوجيه النبوي إلى بث السكينة في الأفئدة ، و استئصال هذا الطمع و التكالب على الدنيا وان الأرزاق مقسومة مقضية لا محالة فيها ، والزوج من الرزق الذي يجب الرضاء به ، وعدم الرضا يورث الهموم والغمّ ،
وإنّ علاج الهموم هو في الرضى بما قدر الله ، والصبر على الابتلاء واحتسابه عند الله ، فإن الفرج لا بد آتٍ !
كلمات جميلة كتبها منْ أرسل لي الايميل ختم بها مقالته في محاربة عدم الرضا :
"الساخطون والشاكون لا يذوقون للسرور طعما . فحياتهم كلها مكفهرة سواد دامس ، وليل حالك .. قال تعالى : ((ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ))

ورسولنا الاعظم قال : "اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا يشيء قد كتبه الله لك ....... رفعت الأقلام وجَـفَّت الصُّـحُـف " . والمؤمن الصادق أيضــا يؤمن تمام اليقين أن تدبير الله له أفضل من تدبيره لنفسه ، فيناجي ربه و يقول ...( بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) ويتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ) رواه أحمد .. وعلى الزوجةالمسلمة الرضاء بقضاء الله والرضا بالرزق والزوج والأولاد حتى تشعر بالراحة والطمأنينة .. فالله أعلم واحكم وهو علام الغيوب وهو من خلق الخلق ويعلم ماهو الأصلح لهم ..والزوجة الساخطة أدعوها للتمعن في ما حولها ، لتعرف انها في نعمة قد تحسها عليها كثيرات ، وهي لا تدري ، وحبيبنا الاعظم يدعونا ألايفرك مؤمن زوجه ولا مؤمنة زوجها فان كرهت منه خُـلـُقـا ما فقد يكون لديه طائفة من الاخلاق العالية التي تعجبها وتسرها ، وما اروع من قال أن القناعة كنز لا يفنــى !!! فلنقنع بما قسم الله ولنعدْ الى جذورنا ولننظر الى من هو دوننا فهو أحرى ألا نزدري نعمة الله علينا ...