محمد محمود شباط - سوريا
أرواح الأحياء تتلاقى ببعضها وكذلك تتلاقى أرواح الأموات، وتتلاقى أرواح الأحياء مع أرواح الأموات، وقيل إن أرواح الأموات تلتقي بعضها وتتبادل الزيارات، وهناك الكثير من الأقوال التي قيلت في هذا الصدد، من بينها
قسم ابن القيم الأرواح قسمين قسم معذب وآخر منعم، فالأرواح المعذبة مشغولة بعذابها عن التلاقي أمّا الأرواح المنعمة: وهي المرسلة تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا فتكون كل روح مع من يشبهها، وتتلاقى الأرواح المتشابهة والمتآلفة في الدنيا وفي البرزخ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (يحشر المرء مع من أحب).
قدمت بذما ذكرت من أدلة علمية على تلاقي الأرواح لأدلل على مصداقية قصة سأذكرها حدثنيها صاحبها فقال لي وأقسم على ما قال: أن له صديق قريبا إلى قلبه كان يبثه همومه ويشاركه أفراحه، فكانا كشخص واحد يحب أحدهما الآخر في الله، فرّق القدر بينهما بسبب اذي حصل لأهل سوريا من التهجير والتنكيل والظلم، وعلى الرغم من التواصل عبر وسائل التواصل إلا أنهما يتوقان لأيام خلت كانا يدرسان فيها سويا أيام الجامعة، ويتعبدان الله الليالي كلها أو بعضها، ويروحان ويجيئان معا، حتى فرق بينهما الزمان، ومضت سنوات أربع على هذه الحال،وفجأة ودون سابق إنذار يقسم لمحدث أن صديقه زاره يقظة لا حلما، وأنه رآه وكلمه ، وتبادلا أطراف الحديث بعد لقاء حار جرى بينهما، وأنه أصابه ذهول من الموقف ، إذ كيف التقيا وصديقه في مكان آخر تحجزه المسافات الطوال عنه. بقي طيلة ساعات وهو في ذهول لا يحدث أحد، حتى كلم صديقه بما رأى، فذهل الآخر أشد مما ذهل صاحبه إذ إنه رأى الذي رأى. فقالا جميعا تلك رسالة ربانية كي ندوم على الود في الله ويحث بعضنا بعضا على حسن الأخوة والنصح للآخر والتوجيه له كلما رأى منه تقصيرا. وتعاهدا على تطبيق آية (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) سورة العصر. لم يرى أحدهما الآخر منذ سنوات لكنهما تزاورا بروحيهما فهنيئا لهما صدق الأخوة وعميق الود.
في الختام يقسم صاحب القصة أن رعشة جرت فيجسده وذهولا أصابه لساعات، ثم تمتع بهدوء وسكينة وسلام داخلي بقية يومه لم يشعر به منذ مدة طويلة. فاللهم ارزقنا أرواحا صادقة الود حافظة العهد تحبنا في الله فنبادلها حبا بحب وندعو الله أن يتصل نعيم الدنيا الفانية هذا بنعيم الفردوس الأعلى جنة الخد الباقية. آمين.
وكالة البيارق الإعلامية www.bayariq.net bayariqmedia@gmail.com