قال تعالى (( ورتل القرآن ترتيلا )).....ووردت أحاديث كثيرة تحث على قراءة القرآن وتذكر ما أعدّه الله من أجرٍ للقارئ بكل حرف من حروفه .
فتجد أحدهم يقرأ القرآن في رمضان ويكثر من قراءته، والغرض من ذلك هو أن يختم القرآن أكثر من ختمة، وهذا خير كبير وأجره عظيم، ولكن تجد أن البعض يختم أكثر من ختمة ولا يتدبر في آية من آيات المصحف، وهذا خطأ كبير مخالف لقول رب العالمين:
يجب على القارئ إحضار قلبه، والتفكر عند قراءته، لأنه يقرأ خطاب الله الذي خاطب به عباده، فمَن قرأ ولم يتفكر فيه - وهو من أهل أن يدركه بالتذكر والتفكر - كان كمن لم يقرأه، ولم يصل إلى غرض القراءة من قراءته، فإن القرآن يشتمل على آيات مختلفة الحقوق، فإذا ترك التفكر والتدبر فيما يقرأه استوت الآيات كلها عنده، فلم يدع لواحدة منها حقها، فثبت أن التفكر شرط في القراءة، يتوصل به إلى إدراك أغراضه ومعانيه، وما يحتوى عليه من عجائبه. وهنا نسوق ما يقوله الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله - في كتابه الموسوعة الرائعة والنافعة لكل مسلم "إحياء علوم الدين" (3/516):
فتأثر العبد بالتلاوة أن يصير بصفة الآية المتلوة، فعند الوعيد وتقييد المغفرة بالشروط، يتضاءل من خيفته كأنه يكاد يموت، وعند التوسع ووعد المغفرة يستبشر كأنه يطير من الفرح، وعند ذكر الله وصفاته وأسمائه يتطأطأ خضوعًا لجلاله، واستشعارًا لعظمته، وعند ذكر الكفار ما يستحيل على الله - عز وجل - ، كذكرهم لله - عز وجل - ولدًا وصاحبة يغض صوته، وينكسر في باطنه حياء من قبح مقالتهم، وعند وصف الجنة ينبعث بباطنه شوقًا إليها، وعند وصف النار ترتعد فرائصه خوفًا منها.
ونؤكد في هذه العجالة هنا أنه على الإنسان أن يحدد له وقتاً زمنيّاً يقرأ فيه ورده الذي تعوّده من القرآن، بغض النظر عن الكم الذي قرأه، لكن عليه أن يتفكر فيما يقرأ، ولو لم يخرج من هذه الجلسة إلا بجزء بسيط من القرآن ، قرأَهُ قراءة تفكر وتدبر، وفهم فيكون هذا أفضل وأنفع له. وكان السلف الصالح يكرهون ختم القرآن الكريم في أقل من ثلاثة أيام ، فما بالك بمن يختمه في اقل من يوم واحد ، صحيح أن هذا الامر جائز للقارئ كتاب الله تعهّـداً كي لا يتفلّـت منه فينساه ، أما القارئ تعبدا وتخشعا وتبتلا فلا ..
أكتب تعليقك هتا