التسامح تفاعل من الثلاثي (س م ح) ، بمعنى العفو والتجاوز، والعـفـو من صفات الله تعالى فهو العفوّ الغفور والرؤوف الرحيم، واتصف الرسول الأعظم بصفــــــــة العـفـو والسماح، فلقد كان يعفو عمن ظلمه ويسامح من يجهل عليه ويعطي من حرمه، وكان يحثُّ على ذلك، فلقد كان غافياً مرة فأفاق ، فبكى ثم ضحك فسُئل عن ذلك ، فقال : (رَجُلانِ مِنْ أُمَّتِي جَثَيَا بَيْنَ يَدَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلَمَتِـي مِنْ أَخِي ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَـــى : أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَهُ ، فَقَـــالَ : يَا رَبِّ مَا بَقِيَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ فَلْيَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِي ) ، وَفَاضَتْ عَيْنَـا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : ( وَإِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ يَوْمٌ يَحْتَاجُ فِيهِ النَّاسُ إِلَى أَنْ تُحْمَلَ عَنْهُمْ أَوْزَارُهُمْ ) ، ثُمَّ قَالَ : ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ بِحَقِّهِ : ارْفَعْ رَأْسَكَ فَانْظُرْ إِلَى الْجِنَـــانِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَى مَا أَعْجَبَهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ ، فَقَال : لِمَنْ هَذَا يَا رَبِّ ؟ قَــــالَ : لِمَنْ أَعْطَانِي ثَمَنَهُ ، قَالَ : وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ يَا رَبِّ ؟ قَالَ : أَنْتَ ، قَالَ : بِمَاذَا ؟ قَالَ : بِعَفْـــوِكَ عَنْ أَخِيكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ ، قَالَ : خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَادْخُلا الْجَنَّةَ ) ، ثُمَّ قَالَ : وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) سورة الأنفال – 1، والحديث صححه الحاكم وله شواهد ، ويعمل به في فضائل الأعمال، كما هو معلوم في قواعد التحديث .وتسمية هذا العام 2019 بعام التسامح في دولة الأمارات العربية المتحدة ليس أمـــراً مبتدعا، وإنما هو تعبير عن حقيقة هذه الدولة المتحضّـرة التي بنـاهـا صــاحب السموّ الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله على أسس التعاون الإنساني الأثيـل ، ومواقفه الخالدة تشهد بالعفو والتسامح ، وقد أقام صرحاً يُحتذى في التسامح والتعاون، سداتُهُ القيم الإسلامية ولُحمته القيم العربية الأصيلة .
كان يدعو رحمه الله إلى التعامل مع الناس حسب أعمالهم بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية(ولنتذكر الأعراق المتعددة والجنسيات المختلفة التي تعيش على ثرى الدولة)،كما يلزم أن نتذكرأننا دولة تطمح لجلب الخير الى جميع القاطنين على أرضها ، دولة تؤسس للنماء والقيم الإنسانية المتمدنة وتشيد لذلك وزارتين هامّتين همــا وزارة السعادة ووزارة التسامح وهي دولة نموذجية مثلى غير مسبوقة بهذا المنحى.
يليه حرف (الميـم) وهو متوسط في الشدة والرخاوة، وتوسطه يعبّـر عن مكانــــــة التسامح في التعامل مع الناس أفراداً وجماعاتٍ ، ويؤكد هذا مجيء الميم في وسط اللفظة (س م ح)، ثم الحرف الحلقي (الحاء) الذي يضفي على اللفظة سحابــــة من الدفء والحنان .
وفي الحديث : يقول الله عز وجل: "أَسْمِحُوا لعبدي كإِسماحه إِلى عبادي"؛ الإِسماح: لغة في السَّماحِ ؛ يقال: سَمَحَ وأَسْمَحَ إِذا جاد وأَعطى عن كَرَمٍ وسَخاءٍ ؛ وقيل : إِنّمـــــا يقال في السَّخاء سَمَح ، وأَما أَسْمَح فإِنما يقال في المتابعة والانقياد ؛ ويقال: أَسْمَحَتْ نَفْسُه إِذا انقادت ، والصحيح الأَول ؛ وسَمَح لي فلان أَي أَعطاني ؛ وسَمَــح لي بذلك يَسْمَحُ سَماحة
وكالة البيارق الإعلامية www.bayariq.net
bayariqmedia@gmail.com
المدير العام ورئيس التحرير
محمد توفيق أحمد كريزم