الفاتنة والمتقاعد والقهر الوظيفي

عبد الله الجفري-الإمارات العربية المتحدة من اي بحر أبحرتي .. يا جميلتي ...؟ لترسي على شواطئ قلبي .. ملامح محياك الوضاء كان اقوى من حبال كل المراسي .. حبائل سحرك شدتني .. اوثقت شدي نحوك يا معبودتي .. لا تخالين ما يصيبني من دوار عشق .. حين انظر الى عينيك .. حينها اترنح كمخمور .. ارتشف اخر ثمالة كأس .. معبودتي رحمة بي .. فانا اضعف من الوقوف امام طوافان .. سهام جذبك الجارف .. فمحيا جمال وجهك وانكسار عينيك الذابلتين .. كفيلة بإيقاعي في حبائل اسرك .. ملامح وجهك الحزين .. يجرني الى اعماق أعماق دواخلك .. تجعلني تائها في سراديب غموضك وتمنعك .. اخالك حورية قادمة .. من اعتى جزر العشق والهيام .. جعلتني بنظراتك المكسورة .. اكثر انكسارا وضعفا في محراب حبك .. كلما نظرت لعينيك اصاب بدوار عشق .. لا اقوى الا ان اقع صريعا بين يديك .. معبودتي رفقا بي .. فعشقي لك في كبري ... لهو اقوى من هيام عشق في ريعان الشباب .. مررت بلحظات عشق وهيام .. لكن عشقك اوحى لي بانها مجرد ملهاة .. ماذا عملتي بي .. ؟ فانا لا اقوى على سحر امتلاكك لجوارحي وكياني .. فرفقا بي ... يا معشوفتي ... عبد الله الجفري-الإمارات العربية المتحدة بمناسبة مرور الاحتفالات بعيد الحب " Valentine’s Day"، والذي صادف الرابع عشر من شهر فبراير من العام الجاري 2017، لا شك بأنه يدور في خُلد كل منَا ما هي قصة هذه المناسبة ..؟ ، وكيف تم انتشار الاحتفال بها في أصقاع الكرة الأرضية بتفاوت من بلد إلى آخر ،وفقاً للنظرة الدينية والعقائدية لهذه البلد أو ذاك ..؟ وبهذا الصدد كُتبت العديد من الروايات عن هذه المناسبة ، ولعدم التوهان في تفنيد وسرد تلك الروايات ،يمكن التطرق إلى احدها ، وهي الاكثر شهرة وتداولا ،والتي تفيد بأن قسيساً يسمى "فالنتين" كان يعيش في روما ، وكان يحظى بأعجاب الإمبراطور الروماني كلوديس الثاني ، إلا ان الامبراطور حين علم بأنه اعتنق المسيحية ،وقام بمعارضة قراره الذي يلزم الشباب بالعزوف عن الزواج حتى يتمكنوا من الانخراط في جيشه ،ومحاربة الأعداء لشعور الامبراطور بأن الزواج سيشغلهم ويضعف عزيمتهم وكفاءتهم في قتال الأعداء ، وقيل بأن القسيس فالنتين عارض هذا التوجه بشده ،واباح للشباب الزواج كونه سنة من سنن الحياة للتكاثر والبقاء ، مما اغاض ذلك الإمبراطور فاستدعاه وحاول أن يقنعه بالتخلي عن المسيحية ، ويدخل الديانة الوثنية ، ويكف عن تحريض الشباب على الزواج ، إلا انه رفض ، وحاول هو اقناع الإمبراطور باعتناق المسيحية والعدول عن قراره الذي يتنافى والحاجة الانسانية للزواج والتكاثر ، فما كان من الإمبراطور إلا أن غضب منه غضباً شديداً ،وامر بسجنه ومن ثم اعدامه فأعدم في 14 فبراير عام269 ميلادي ، فاصبح هذا التاريخ هو يوم المناسبة التي يحتفل بها العالم بـ "عيد الحب" ،ويستكمل البعض الرواية بأن فالنتاين أحب وهو في سجنه ابنة السجان الكفيفة ،والتي ساهم في علاجها، وكتب لها أول بطاقة حب قبيل اعدامه. لذلك أطلق عليه لقب "قدّيس"، ومن يومها أصبح هذا اليوم مرتبطًا بمفهوم الحبّ والغرام والوفاء للقدّيس (فالنتاين) الذي فدى دينه ومبادئه في الحياة بروحه، وأصبح من الطّقوس المعتادة تبادل الورود الحمراء، والبطاقات الّتي تحوي صور (كيوبيد) ،ويكون على هيئة طفل له جناحان يحمل قوساً ونشاباً. وكان كيوبد يعتبر إله الحب المعبود عند الرّومان حينها ..! ما هي دلالات هذه المناسبة والمناسبات الأخرى دون الانطلاق من نظرات دينية وعقائدية .. فمن وجهة نظري - قد يختلف معي الكثيرون فيها - هي مناسبات لتجديد أواصر الحب والشوق بين الأحبة من المتزوجين والعشاق .. هي مناسبات تجديد وانعاش للعلاقات الروتينية اليومية بين الناس والتي تتسم بالرتابة والملل .. يمكن للناس أن يحتفوا بها بطريقتهم دون التمسك بطقوسها العقدية ، وخاصة ممن يدينون بديانات تحرم أو لا تبيح بمثل هذه الاحتفاليات ، فلا ضير من اقتناص هذه المناسبة أو مناسبات أخرى خلال العام لتجديد الحب والألفة بين الازواج ، والأسر بما لا يمس عقيدتهم ، بأحياء حفلات اسرية يتم خلالها تبادل الهدايا المباحة . الاحتفال بهذه المناسبة سنويا ا أصبحت لها مردوداتها الاقتصادية والاجتماعية الملفتة حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن ما يتم تداوله من بطاقات عيد الحب في ذلك اليوم في كافّة أنحاء العالم يزيد عن مليار بطاقة ، ممّا يجعل عيد الحب يصنّف بالمرتبة الثّانية بالنسبة لعدد البطاقات الّتي يتم تداولها في العالم بعد عيد الميلاد، وإذا ما اضيفت أثمان بطاقتها المتداولة إلى تكاليف الاحتفالات المقامة ، والهديا المتبادلة ستقدر بمليارات الدولارات .. باختصار هي مناسبة لها مدلولاتها الاقتصادية والاجتماعية والعاطفية في آن معا ،،، عبد الله الجفري-الإمارات العربية المتحدة حباها الله من الجمال ما يفوق الوصف والتخيل ، كان ذلك نعمة من رب العالمين كما يراها معظم الناظرون إليها من غير الحاقدين والحاقدات ، إلا ان سارة ،وهذا اسم الجميلة التي فتنتنا ،وهي لا تراه كذلك .. كانت دوماًتردد بحسرة أن ما يراه الآخرون فيها جمالاً تراه هي نقمة لا نعمة في حياتها ، مع ذلك الشعور السائد إلا أن هناك لحظات عابرة تسيطر عليها مشاعر الزهو والغرور بجمالها وخاصة حين تنهال عليها كلمات المدح والإطراء من صديقاتها وقريباتها وزملاء وزميلات الدراسة .. فبعد تخرجها من كلية إدارة الأعمال التحقت بإحدى مؤسسات القطاعالخاص ، لم تجد صعوبة في اجتياز مقابلة التعيين الأمر الذي جعل وصفته بعض القريبات والصديقات الحاقدات الغيورات ،الذين أجمعوا على أن جمالها الأخاذ كان هو جواز مرورها في مقابلة التعيين ، دارت في هواجسهم أسئلة مثل : كيف لفتاة حديثة التخرج أن تجتاز المقابلة -في مؤسسة معروف عنها قلما يعبر جسرمقابلاتها إلا من هم جديرين بالعمل بها ،ولديهم خبرات متراكمة وذو كفاءة ..؟ كيف لفتاة حديثة التخرج أن تجتاز أعلى سقف في تحقيق مطالبها واشتراطاتها العالية في التعيين ...؟  كان أول يوم من دوام لسارة ،وهي مقبلة في بداية النهار بطلتها البهية ..حين قوبلت بترحيب كبير وتودد منقطع النظير من الجميع ، وخاصة معشر الرجال من شباب وشياب في المؤسسة ممن كانوا قابعين في بعض أركان المكاتب ، أحست ببعض الامتعاض والغيرة من بنات جنسها ، وإن كنا يبدين لها بعض المجاملات والترحاب ، إلا انها كأنثى شعرت بما يملأ دواخلهن من غيرة وحسد توجس من هذا المارد الانثوي القادم.  تم ترتيب عمل سارة لتكون في مكتب الشؤون الإدارية .. بعد مضي أيام من عملها شعرت بفارق بيئتها السابقة (الكلية) ، وبيئة العمل في المؤسسة .. انتقلت من ساحة أكاديمية بريئة تتسم بالبساطة والعفوية .. وتنعدم فيهاالمطبات الاصطناعية أوالحفر أوالمكائد .. فساحة العمل ساحة أخرى .. نمط آخر من الحياة .. تختلف تماما عن الحرم الجامعي .. بحاجة إلى حذر كبير في التعامل مع الآخرين خاصة .. تعاملها مع زميلات من بنات جنسها حيث تبين لهاأن جلهن يتمتعن بدرجة عالية من المكر والدهاء .. هذه تخفي بعض بيانات العمل لتوقعها في الخطأ ، وأخرى تزودها بمعلومات خاطئة لإنجاز العمل بأخطاء فادحة لتثير غضب المسؤولين عليها ، وثالثة تتعمد إلى تسجل نقاشها وحديثها عبر الهاتف بهدف بث الفرقة بينها وبين بعض زميلاتها أو للوشاية بها إلى ذوي الأمر والنهي في المؤسسة..نظرات المسؤولين والزملاء إليها نظرة تخفي ما وراءها الكثير ،فعبارات وكلمات المدح والثناء لجسدها ونظارة وجهها كانت تفوق اشادتهم بإنجازات عملها .. لم تسلم أيضا من نظرات ومغازلات مسؤولها المباشر .. رجل قارب العقد السادس من عمره .. تحاول أن تتخلص من مضايقاته واحراجاته بلباقة حفاظاً على وظيفتها ..  (2) الارشيف وابو صالح كان عملها يتطلب منها زيارة الأرشيف السري في الطابق السفلي بين فينة وأخرى ،فتقابل هناك دوماً مسئولا للأرشيف يدعى ابو صالح ، فهو كغيره من معشر الرجال فبمجرد رؤيتها ينثر عليها زخات من عبارات المديح والغزل ،وتتيح له الخلوة المخيفة في ذلك الدهليز المنعزل بالتمادي والجرأة أحيانا عند بحثها عن وثيقة مؤرشفة لديه فيفاجئها باقترابه منها محاولاً الاحتكاك ببعض نواحي جسدها البض .. بوجل وخوف تختلق الأعذار للابتعاد عنه وتحذره من التمادي .. في يوم من الايام صارحها بحبه لها وأنه يرغب في الزواج منها على سنة الله ورسوله .. وجهت له عتاب حاد وقالت له : استح على شيبتك .. أنا مثل واحدة من بناتك وبدأت تقول له كلام مثل هذه .. ما عم تستحي ..؟ قال وبكل برودة أعصاب : سأعطيك وقتاً كافياً للتفكير .. فكري في الامر .. ستنعمين برغد العيش معي .. طبعاً أبو صالح رجل تعدى العقد السادس من عمره .. علمت سارة من البنات أنه رجل متزوج نعم .. ومتزوج من ثلاث نساء ولديه العديد من الأبناء والبنات .. وترآى لها وعلمت لعلمها بأنه متقاعد من عمل حكومي سابق وعمله في هذه المؤسسة لمجرد قضاء الوقت والتسلية ليس الا ، وليس بحاجة لدخلها الشهري من عمله ،فهو من ملاك عقارات تدر له عائداً مجزياً .. ابو صالح لا يترك فرصة لنزولها الارشيف إلا ويكرر عروضه لها بالمزيد من الإغراءات والوعود ، إلا أن سارة كانت تصده وتستهزئ بعروضه .. فهي لم ولن تفكر في يوم من الايام بالارتباط بشخص في سن أبوها مهما كان فكيف إذا كان هذا الشخص يقارب عمر جدها ..  (3) مكياج القبح زادت حالات المكائد والمصائد .. تضايقت وتبرمت .. شكت لأمها وأخواتها .. الجميع نصحها بالصبر لأن الأعمال شحيحة ،فإذا ما تركت عملها سيطول انتظارها لعمل آخر .. قالت لها أمها ناصحة : يا بنيتي حقيقة لبسك ومكياجك سيثير غيرة البنات قبل اغراء الرجال .. عليك بتغيير مظهرك .. قالت لها وماذا تنصحيني أن أعمل يا أمي ..؟  ردت عليها أمها : خليني أعمل لك كل صباح مكياج القباحة .. ماما ما هذا الماكياج .. لأول مرة اسمع به ..؟ لا عليك لا دخل لك دعيني اعمله لك ، وكمان البسي لك عباية وثياب فضفاضة وواسعة قليلا لإن لباسك المشدود على جسدك .لافت ومغري . فعلا سارة سمعت نصائح أمها .. في اليوم التالي طلت لها امها وجهها بماكياج غير متناسق مثير للاشمئزاز .. ضحكت سارة حين رأت نفسها بالمرآة وقالت : ماما اذهب الدوام هكذا ..؟ قالت لها أمها : نعم هكذا .. هيك ..! لبست العباية وتحتها سروال فضفاض وبلوزة واسعة .. وصلت الدوام .. الكل تطلع عليها باستغراب .. انهالت عليها تعليقات زميلاتها استهزاء وسخرية ، بينما معشر الرجال والشباب كانت تعليقاتهم مغايرة لذلك بل زادوا من جرعات امتداحهم لها ،ومنهم من باح وقال : والله لو تلبس هذه المخلوقة جلد ثور فستظلين جميلة وفاتنة .."الحلو حلو حتى لو استيقظ من النوم" .. لم يشفع لها المظهر الجديد ولا مكياج القبح من مضايقات الغزل والتحرش بل زاد ذلك ، وزادت وتفاقمت مكائد الزميلات لإزاحتها عن طريقهن ..في خضم الصراعات النفسية التي اعتمرت بداخلها بحثت عن صدر وقلب قادر على تحمل واستيعاب همومها والتخفيف عنها ،فوجدت في طريقها ذلك الشاب الوسيم "عماد" استسلمت لمغازلاته الذكية والحذرة من بين كل المغازلات وشباك الاصطياد .. لا تدري لماذا مالت إلى عماد دون غيره .. هل هو الحب الأعمى ...؟ أم هو هروب من واقع كئيب .. لا تدري ..! بدأت تتجاوب مع تقربه اليها .. صارحها بحبه واعجابه .. ترددت في الاعتراف له بنفس المشاعر كمن تود التريث .. قاومت ذلك الامتناع لأيام محدودة .. استطاع بذكائه وحذقته من انتزاع اعترافها بحبه .. أرادها تصارحه بدلاً من الايماءات .. نطقت بكلمات مترددة ... انا كماااااااان ... مرت الايام بلقاءات خاطفة وحذرة بينها وبين عماد في دهاليز وممرات العمل .. لم يخفى ذلك عن الحساد والحاسدات .. شاع خبر علاقتهما حتى تجاوز حدود المؤسسة .. زادت المضايقات لها .. زاد عماد الطين بله في تأزيم حياتها .. بدلاً من التخفيف عنها أطال قائمة اشتراطاته وتحذيراته : عليها أن لا تتكلم مع هذا ، ولا تتمادى في النقاش مع ذاك .. شعرت بأن عماد بالرغم من حبها له زاد من متاعبها .. ترددت في دعوة عماد لخطبتها بناء على وصية أمها "يا ابنتي عماد شاب في بدايات تأسيسه لحياته ما ينفع إلك.. ووجه وجه نكد ما هوه وجه نعمة ... ابحثي عمن لديهم مقدرة مالية للصرف عليك وتأمين مستقبلك .. ابتعدي عن التعلق بالشباب فالزواج منهم تجلب المتاعب" .. زادت خلافاتها مع عماد بشكل لا يطاق .. زادت ضغوطات العمل .. انتقل الأمر إلى ممارسة القهر الوظيفي عليها من قبل المسئولين لإخضاعها ولتركيعها وخاصة من قبل بعض ضعاف النفوس .. لم تدري سارة إلى أين تتجه .. كل ما يحيط بها في العمل كوابيس وهموم حتى من سلمته قلبها بدأ يعبث بها ويزيد من همومها .. مع مرور الأيام زادت الضغوط عليها في عملها وبيتها ومحيطها ،وتطور القهر الوظيفي إلى أن أصبحت تحرم من علاواتها وترقياتها بالرغم من التزامها وتفانيها في عملها .. حتى عماد اصبح لا يطاق ...  في مطلع أحد اسابيع الشهر تفاجئ الجميع بسفرها إلى جزيرة سيشيل في المحيط الهندي لقضاء شهر العسل مع ابو صالح .لإنها أرادت أن تجد سندا لها وإنسان يحبها هو وينفق عليها لا أن يتلاعب بها وعاشت مثل باقي الناس .تحت مظلة الحكم الذكوري كغيرها من النساء..

عبد الله الجفري-الإمارات العربية المتحدة

حباها الله من الجمال ما يفوق الوصف والتخيل ، كان ذلك نعمة من رب العالمين كما يراها معظم الناظرون إليها من غير الحاقدين والحاقدات ، إلا ان سارة ،وهذا اسم الجميلة التي فتنتنا ،وهي لا تراه كذلك .. كانت دوماًتردد بحسرة أن ما يراه الآخرون فيها جمالاً تراه هي نقمة لا نعمة في حياتها ، مع ذلك الشعور السائد إلا أن هناك لحظات عابرة تسيطر عليها مشاعر الزهو والغرور بجمالها وخاصة حين تنهال عليها كلمات المدح والإطراء من صديقاتها وقريباتها وزملاء وزميلات الدراسة .. فبعد تخرجها من كلية إدارة الأعمال التحقت بإحدى مؤسسات القطاعالخاص ، لم تجد صعوبة في اجتياز مقابلة التعيين الأمر الذي جعل وصفته بعض القريبات والصديقات الحاقدات الغيورات ،الذين أجمعوا على أن جمالها الأخاذ كان هو جواز مرورها في مقابلة التعيين ، دارت في هواجسهم أسئلة مثل : كيف لفتاة حديثة التخرج أن تجتاز المقابلة -في مؤسسة معروف عنها قلما يعبر جسرمقابلاتها إلا من هم جديرين بالعمل بها ،ولديهم خبرات متراكمة وذو كفاءة ..؟ كيف لفتاة حديثة التخرج أن تجتاز أعلى سقف في تحقيق مطالبها واشتراطاتها العالية في التعيين ...؟

كان أول يوم من دوام لسارة ،وهي مقبلة في بداية النهار بطلتها البهية ..حين قوبلت بترحيب كبير وتودد منقطع النظير من الجميع ، وخاصة معشر الرجال من شباب وشياب في المؤسسة ممن كانوا قابعين في بعض أركان المكاتب ، أحست ببعض الامتعاض والغيرة من بنات جنسها ، وإن كنا يبدين لها بعض المجاملات والترحاب ، إلا انها كأنثى شعرت بما يملأ دواخلهن من غيرة وحسد توجس من هذا المارد الانثوي القادم.

تم ترتيب عمل سارة لتكون في مكتب الشؤون الإدارية .. بعد مضي أيام من عملها شعرت بفارق بيئتها السابقة (الكلية) ، وبيئة العمل في المؤسسة .. انتقلت من ساحة أكاديمية بريئة تتسم بالبساطة والعفوية .. وتنعدم فيهاالمطبات الاصطناعية أوالحفر أوالمكائد .. فساحة العمل ساحة أخرى .. نمط آخر من الحياة .. تختلف تماما عن الحرم الجامعي .. بحاجة إلى حذر كبير في التعامل مع الآخرين خاصة .. تعاملها مع زميلات من بنات جنسها حيث تبين لهاأن جلهن يتمتعن بدرجة عالية من المكر والدهاء .. هذه تخفي بعض بيانات العمل لتوقعها في الخطأ ، وأخرى تزودها بمعلومات خاطئة لإنجاز العمل بأخطاء فادحة لتثير غضب المسؤولين عليها ، وثالثة تتعمد إلى تسجل نقاشها وحديثها عبر الهاتف بهدف بث الفرقة بينها وبين بعض زميلاتها أو للوشاية بها إلى ذوي الأمر والنهي في المؤسسة..نظرات المسؤولين والزملاء إليها نظرة تخفي ما وراءها الكثير ،فعبارات وكلمات المدح والثناء لجسدها ونظارة وجهها كانت تفوق اشادتهم بإنجازات عملها .. لم تسلم أيضا من نظرات ومغازلات مسؤولها المباشر .. رجل قارب العقد السادس من عمره .. تحاول أن تتخلص من مضايقاته واحراجاته بلباقة حفاظاً على وظيفتها ..

(2) الارشيف وابو صالح

كان عملها يتطلب منها زيارة الأرشيف السري في الطابق السفلي بين فينة وأخرى ،فتقابل هناك دوماً مسئولا للأرشيف يدعى ابو صالح ، فهو كغيره من معشر الرجال فبمجرد رؤيتها ينثر عليها زخات من عبارات المديح والغزل ،وتتيح له الخلوة المخيفة في ذلك الدهليز المنعزل بالتمادي والجرأة أحيانا عند بحثها عن وثيقة مؤرشفة لديه فيفاجئها باقترابه منها محاولاً الاحتكاك ببعض نواحي جسدها البض .. بوجل وخوف تختلق الأعذار للابتعاد عنه وتحذره من التمادي .. في يوم من الايام صارحها بحبه لها وأنه يرغب في الزواج منها على سنة الله ورسوله .. وجهت له عتاب حاد وقالت له : استح على شيبتك .. أنا مثل واحدة من بناتك وبدأت تقول له كلام مثل هذه .. ما عم تستحي ..؟ قال وبكل برودة أعصاب : سأعطيك وقتاً كافياً للتفكير .. فكري في الامر .. ستنعمين برغد العيش معي .. طبعاً أبو صالح رجل تعدى العقد السادس من عمره .. علمت سارة من البنات أنه رجل متزوج نعم .. ومتزوج من ثلاث نساء ولديه العديد من الأبناء والبنات .. وترآى لها وعلمت لعلمها بأنه متقاعد من عمل حكومي سابق وعمله في هذه المؤسسة لمجرد قضاء الوقت والتسلية ليس الا ، وليس بحاجة لدخلها الشهري من عمله ،فهو من ملاك عقارات تدر له عائداً مجزياً .. ابو صالح لا يترك فرصة لنزولها الارشيف إلا ويكرر عروضه لها بالمزيد من الإغراءات والوعود ، إلا أن سارة كانت تصده وتستهزئ بعروضه .. فهي لم ولن تفكر في يوم من الايام بالارتباط بشخص في سن أبوها مهما كان فكيف إذا كان هذا الشخص يقارب عمر جدها ..

(3) مكياج القبح

زادت حالات المكائد والمصائد .. تضايقت وتبرمت .. شكت لأمها وأخواتها .. الجميع نصحها بالصبر لأن الأعمال شحيحة ،فإذا ما تركت عملها سيطول انتظارها لعمل آخر .. قالت لها أمها ناصحة : يا بنيتي حقيقة لبسك ومكياجك سيثير غيرة البنات قبل اغراء الرجال .. عليك بتغيير مظهرك .. قالت لها وماذا تنصحيني أن أعمل يا أمي ..؟

ردت عليها أمها : خليني أعمل لك كل صباح مكياج القباحة .. ماما ما هذا الماكياج .. لأول مرة اسمع به ..؟ لا عليك لا دخل لك دعيني اعمله لك ، وكمان البسي لك عباية وثياب فضفاضة وواسعة قليلا لإن لباسك المشدود على جسدك .لافت ومغري . فعلا سارة سمعت نصائح أمها .. في اليوم التالي طلت لها امها وجهها بماكياج غير متناسق مثير للاشمئزاز .. ضحكت سارة حين رأت نفسها بالمرآة وقالت : ماما اذهب الدوام هكذا ..؟ قالت لها أمها : نعم هكذا .. هيك ..! لبست العباية وتحتها سروال فضفاض وبلوزة واسعة .. وصلت الدوام .. الكل تطلع عليها باستغراب .. انهالت عليها تعليقات زميلاتها استهزاء وسخرية ، بينما معشر الرجال والشباب كانت تعليقاتهم مغايرة لذلك بل زادوا من جرعات امتداحهم لها ،ومنهم من باح وقال : والله لو تلبس هذه المخلوقة جلد ثور فستظلين جميلة وفاتنة .."الحلو حلو حتى لو استيقظ من النوم" .. لم يشفع لها المظهر الجديد ولا مكياج القبح من مضايقات الغزل والتحرش بل زاد ذلك ، وزادت وتفاقمت مكائد الزميلات لإزاحتها عن طريقهن ..في خضم الصراعات النفسية التي اعتمرت بداخلها بحثت عن صدر وقلب قادر على تحمل واستيعاب همومها والتخفيف عنها ،فوجدت في طريقها ذلك الشاب الوسيم "عماد" استسلمت لمغازلاته الذكية والحذرة من بين كل المغازلات وشباك الاصطياد .. لا تدري لماذا مالت إلى عماد دون غيره .. هل هو الحب الأعمى ...؟ أم هو هروب من واقع كئيب .. لا تدري ..! بدأت تتجاوب مع تقربه اليها .. صارحها بحبه واعجابه .. ترددت في الاعتراف له بنفس المشاعر كمن تود التريث .. قاومت ذلك الامتناع لأيام محدودة .. استطاع بذكائه وحذقته من انتزاع اعترافها بحبه .. أرادها تصارحه بدلاً من الايماءات .. نطقت بكلمات مترددة ... انا كماااااااان ... مرت الايام بلقاءات خاطفة وحذرة بينها وبين عماد في دهاليز وممرات العمل .. لم يخفى ذلك عن الحساد والحاسدات .. شاع خبر علاقتهما حتى تجاوز حدود المؤسسة .. زادت المضايقات لها .. زاد عماد الطين بله في تأزيم حياتها .. بدلاً من التخفيف عنها أطال قائمة اشتراطاته وتحذيراته : عليها أن لا تتكلم مع هذا ، ولا تتمادى في النقاش مع ذاك .. شعرت بأن عماد بالرغم من حبها له زاد من متاعبها .. ترددت في دعوة عماد لخطبتها بناء على وصية أمها "يا ابنتي عماد شاب في بدايات تأسيسه لحياته ما ينفع إلك.. ووجه وجه نكد ما هوه وجه نعمة ... ابحثي عمن لديهم مقدرة مالية للصرف عليك وتأمين مستقبلك .. ابتعدي عن التعلق بالشباب فالزواج منهم تجلب المتاعب" .. زادت خلافاتها مع عماد بشكل لا يطاق .. زادت ضغوطات العمل .. انتقل الأمر إلى ممارسة القهر الوظيفي عليها من قبل المسئولين لإخضاعها ولتركيعها وخاصة من قبل بعض ضعاف النفوس .. لم تدري سارة إلى أين تتجه .. كل ما يحيط بها في العمل كوابيس وهموم حتى من سلمته قلبها بدأ يعبث بها ويزيد من همومها .. مع مرور الأيام زادت الضغوط عليها في عملها وبيتها ومحيطها ،وتطور القهر الوظيفي إلى أن أصبحت تحرم من علاواتها وترقياتها بالرغم من التزامها وتفانيها في عملها .. حتى عماد اصبح لا يطاق ...

في مطلع أحد اسابيع الشهر تفاجئ الجميع بسفرها إلى جزيرة سيشيل في المحيط الهندي لقضاء شهر العسل مع ابو صالح .لإنها أرادت أن تجد سندا لها وإنسان يحبها هو وينفق عليها لا أن يتلاعب بها وعاشت مثل باقي الناس .تحت مظلة الحكم الذكوري كغيرها من النساء..
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman