تواصل موجة الحر القاسية ضرب جنوب أوروبا الإثنين ما دفع السلطات لإصدار تحذيرات صحية وإنذارات من اندلاع حرائق غابات وسط توقعات بارتفاع جديد في درجات الحرارة.
وتعاني فرنسا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا من موجة حر منذ عدة أيام وصلت فيها مستويات الحرارة إلى 46 درجة مئوية في بعض المناطق.
وقالت وزيرة التحول البيئي في فرنسا أنييس بانييه روناشيه إن “هذا أمر غير مسبوق” وذلك فيما أُعلنت حالت الإنذار البرتقالي، ثاني أعلى مستوى تحذير من موجات الحر، في 84 من أصل 86 منطقة إدارية في فرنسا القارية.
وفقط مساحة صغيرة في شمال غرب البلاد لم تعاني من الحر الشديد، وفق هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية التي حذرت من أن الحرارة ستسجل درجات قياسية جديدة يومي الثلاثاء والأربعاء.
ومع موجة الحر الأولى هذا الصيف، دعت سلطات الدولة الواقعة على الساحل الشمالي للبحر المتوسط، السكان للبحث عن ملاجئ.
ووُضعت سيارات إسعاف على أهبة الاستعداد قرب مواقع سياحية.
ويحذّر خبراء من أن موجات الحرّ تشتدّ بفعل تغيّر المناخ، وستزداد تواترا.
وتمت تعبئة عناصر إطفاء عقب اندلاع حرائق الأحد في فرنسا وتركيا، أججتها الحرارة والرياح القوية.
والأسبوع الماضي كافحت فرق الإطفاء اليونانية حريق غابات على الساحل الجنوبي لأثينا ما اضطر السلطات إلى إجلاء عدد من السكان.
– غير طبيعية –
وأفادت الوكالة الوطنية الإسبانية للأرصاد الجوية الإثنين إن الحرارة بلغت 46 درجة مئوية السبت في ولبة بجنوب إسبانيا بالقرب من الحدود مع البرتغال، وهي درجة قياسية لحزيران/يونيو.
وقالت الوكالة إنّ الحرارة بلغت 46 درجة في محطة إل غرانادو عند الساعة 16,40 السبت 28 حزيران/يونيو، مشيرة إلى أنّ آخر رقم قياسي تمّ تسجيله لشهر حزيران/يونيو يعود إلى العام 1965 في إشبيلية، عندما بلغت الحرارة 45,2 درجة مئوية.
وقالت الهيئة إن مستويات الحرارة في إكستريمادورا والأندلس، في الجنوب والجنوب الغربي من البلاد، بلغت 44 درجة الأحد.
وفي مدريد حيث اقتربت الحرارة من 40 درجة، قال المصور دييغو راداميس (32 عاما) لوكالة فرانس برس “أشعر بأن الحرارة التي نشهدها حاليا غير طبيعية لهذا الوقت من العام”.
أضاف “مع مرور السنين أشعر أن الحرارة في مدريد ترتفع أكثر وأكثر خاصة في وسط المدينة”.
في إيطاليا أُعلنت في 21 مدينة من شمال البلاد إلى جنوبها حالة إنذار من الحر الشديد، من بينها ميلانو ونابولي والبندقية وفلورنسا وروما وكاتانيا.
وقالت السائحة البريطانية آنا بيكر التي جاءت من فيرونا “الخانقة والكئيبة” إلى روما “كان من المفترض أن نزور الكولوسيوم لكن والدتي كادت أن تصاب بالإغماء”.
وأفادت أقسام الطوارئ في مستشفيات إيطاليا بتسجيل زيادة بنسبة 10 % في حالات ضربات الشمس، بحسب نائب رئيس الجمعية الإيطالية لطب الطوارئ ماريو غوارينو.
وقال لوكالة فرانس برس إن “معظم الحالات هي لكبار السن أو مرضى السرطان أو المشرّدين، الذين يعانون من الجفاف أو ضربة شمس أو الإرهاق”.
– أكثر تواترا وشدة –
أعلن المعهد البرتغالي للبحار والغلاف الجوي أن تحذيرا من الحر باللون الأحمر أُعلن في عدة مناطق في النصف الجنوبي من البرتغال بما يشمل لشبونة، حتى مساء الاثنين.
كما أعلنت حالة إنذار قصوى في ثلثي البرتغال تحسبا لارتفاع شديد في درجات الحرارة واندلاع حرائق غابات، وكذلك الأمر في جزيرة صقلية الإيطالية، حيث كافح عناصر الإطفاء 15 حريقا السبت.
ويؤكد علماء أن تغير المناخ يفاقم موجات الحرّ الشديدة لا سيما في المدن حيث تزداد درجات الحرارة جراء العدد الكبير من المباني.
وقالت الباحثة في المعهد الإيطالي لحماية البيئة والبحوث إيمانويلا بيرفيتالي إن “موجات الحر في منطقة البحر الأبيض المتوسط أصبحت أكثر تواترا وشدة في السنوات الأخيرة”.
وأضافت لوكالة فرانس برس “يتوقع أن تزداد الحرارة والظواهر الجوية القاسية في المستقبل، لذلك سيتعين علينا الاعتياد على درجات تصل ذروتها إلى مستويات أعلى من التي نشهدها حاليا”.
– أسماك غازية –
تجذب هذه الحرارة أنواع أسماك غازية تعيش عادة في مناخ استوائي.
وأطلق معهد حماية البيئة والبحوث في ايطاليا حملة هذا الأسبوع تستهدف الصيادين والسياح لإبلاغهم عن أربعة أنواع بحرية سامة “يحتمل أن تكون خطرة”، وهي سمكة الأسد، وسمكة الضفدع الفضية الخدين، وسمكة الأرنب الداكنة، وسمكة الأرنب الرخامية التي بدأت تظهر في المياه قبالة سواحل جنوب إيطاليا مع ارتفاع الحرارة في البحر الأبيض المتوسط.
وفي فرنسا، حذّر خبراء من أن الحرارة تؤثر بشدة أيضا على التنوع البيولوجي.
أكتب تعليقك هتا