عهدٌ كتبته بدمي

أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الأديبة: دورين نصر - لبنان  منذ زمن لم أمرّغ وجهي بحرفٍ خبّأتُهُ لأهربَ به من قيود العمر... منذ زمن لم أنتبه كيف نما البيلسان على حافّة الضّوء ولم أتعثّر بنبضة قلبي وأنا أقلّب صفحات الشّعر... منذ زمن أبحث عن أساطير البعث والقيامة لأشعلَ جمرةً أنهكها الصّقيع، وصارت ظلًّا بلا ضوء... منذ زمن أبحث عن دموع بيضاء،  وألملم النّدى من عبّ وردة لعلّني أسقي حروفي بقطرةٍ سقطت من عينِ اللّيل ذات مساء حزين... منذ زمن والاستعاراتُ ما عادت تُغريني،  ولا التّشابيه المركّبة... فأنا لا أحبّ اللّون الأحمر فوق شفاهٍ اصطناعيّة، ولا المفردات المُغرية التي أنتجها الذّكاء الاصطناعيّ... منذ زمن أبحث عن قصيدة عنوانها:  "امرأة بلّل السّرّ يدَيها"، لأخبّئ ثورة جامحة تغلغلت في ضلوعي حين تمرّد حلمي على اللّيل وعَبَرَ في مرآةٍ لم يلمحها أحد. منذ زمن أبحث عنّي في قصيدة مؤجَّلة  لا غُموض فيها، ولا انزياحات قصيدة بلا عقدٍ ومتاهات تتناسل من خلايا الزّمن حين يصير اللّيل أعمى، ويتيه الضّوء عند مفترق اللّحظات...

الأديبة: دورين نصر - لبنان

حينَ كتبتُ ذاكَ العهد
لم ألتفت إلى الأعراف والقوانين،
لُذتُ بأساطير الوجود،
حلمتُ حلمًا لم يتحدّث عنه علماء النّفس بعد.

رأيتُ نقطةَ ماء في قلب وردة،
خبّأتها كي لا تفاجئها شمسُ آب،
كي لا يخطفها ألمُ الصّلوات، ونسيم الكآبة،
هناك في منقلب الصّمت.

أنصتُ في اللّيل إلى صهيل الغابة...

أنا مَن اغتسلَ بضوء لم يلمحه أحد،
أنا مَن رأى القمر طريًّا كبرتقالة،
أنا مَن باغَتَ الظّلام قبل أن ينبثق،
أنا مَن جعل الحجر يغنّي

والشّجرة تتنهّد...

حينَ كتبتُ ذاك العهد،
أدركتُ أنّ الدّمعة حلوة كرعشة ينبوع،

فرأيتُ الماء يعود إلى رحم الأرض...

نزف دمي ليبقى العهد خالدًا،
لا يجرؤ عليه زمن،
ولا تجرؤ عليه ريح...

خفت عليه من دموعي،
خبّأته ليبقى شاهدًا على آخر نقطة دم

نزفت من عروقي...


تعليقات