الكرامة .. معركة البطولة والشرف لقوات الثورة الفلسطينية

 الكرامة ..
معركة البطولة والشرف لقوات الثورة الفلسطينية

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).    أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام : " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي. ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الإسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.    أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).   نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني. صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني.  وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .  بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الإسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الإسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الإسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للإسرائيليين وجعل احتلالهم للأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف . وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائيين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.
قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة 

إعداد واستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم 

کانت اللحظة التاريخية الحاسمة لقوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية . 

فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967. 


لم يكن الهجوم الإسرائيلي في الكرامة مفاجئاً لحركة فتح 


وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).    أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام : " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي. ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الإسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.    أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).   نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني. صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني.  وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .  بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الإسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الإسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الإسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للإسرائيليين وجعل احتلالهم للأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف . وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائيين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

أسرار المعركة وتفاصيلها

 عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .

 لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :

( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). 

وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.

 وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي. 

وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:

  1.  رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.
  2.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.
  3.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .
  4.  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .
  5.  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.
  6.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :

" الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).    أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام : " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي. ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الإسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.    أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).   نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني. صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني.  وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .  بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الإسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الإسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الإسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للإسرائيليين وجعل احتلالهم للأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف . وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائيين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

خريطة سير المعركة

سير المعركة

 تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .

  1. محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي .
  2. محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط.
  3. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان .
  4. محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.

حشدت إسرائيل للمعركة أربعة ألوية تدعمها وحدات من المدفعية ووحدات هندسية وتغطية جوية 

ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الإسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .

 وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).    أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام : " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي. ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الإسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.    أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).   نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني. صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني.  وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .  بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الإسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الإسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الإسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للإسرائيليين وجعل احتلالهم للأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف . وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائيين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

 أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم 

من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كما كان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).

 وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : 

(إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).    أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام : " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي. ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الإسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.    أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).   نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني. صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني.  وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .  بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الإسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الإسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الإسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للإسرائيليين وجعل احتلالهم للأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف . وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائيين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.  الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

نقطة تحول

 كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح). 

وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .

نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .

لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة 

" الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد

" الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.
صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. 
وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).

هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :

  1. وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة.
  2. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات .
  3. وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة .
  4. تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة . 

بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب. 


وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .


 أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.

معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني 

معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.
التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة
كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الإسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الإسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الإسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للإسرائيليين وجعل احتلالهم للأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .

وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .

 في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.

وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة. 

بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.

 وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..


 أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائيين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

الكرامة .. معركة البطولة والشرف   قائد معركة الكرامة ياسر عرفات " أبو عمار " ومجموعة من مقاتلي الثورة الفلسطينية في الخطوط الأمامية من المعركة  إعداد وإستطلاع : محمد توفيق أحمد كريزم   کانت اللحظة التاريخية الحاسمة القوات ثورتنا الفلسطينية تقترب بسرعة هائلة مع بدايات عام ۱۹۹۸ ، وكان على قائدنا الرمز ياسر عرفات وطلائع القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني أن يتخذوا قرارهم التاريخي بمواجهة الغزاة على أرض المعركة، ليعيدوا الى العرب كرامتهم التي أهدرت ، وكان منطق فتح وأبطال العاصفة يؤكد دائما على مبادئ الفداء والتضحية .   فطريق تحرير فلسطين مفروش بأرواح الشهداء ودماء المناضلين، ولم يكن منطق مغاوير وأبطال العاصفة مؤسسا على بلاغة لفظية، بل كان تجسيدا حقيقيا لروحية الفداء التي تملكت جيلا كاملا تربي في أحضان فتح وتشرب كل مبادئها ، وتمثل مسلكية قيادتها التاريخية في البدايات . فقد شهدت الثورة الفلسطينية أكبر لحظات الشرف والمجد في هذه المعركة التي تلت الهزيمة في حزيران 1967.   وتناهى لمسامع مجموعات رصد فتح أن الإسرائيليين يعدون الهجوم كبير ضد مواقع الثورة الفلسطينية في مخيم الكرامة وبعد مشاروات جرت في القيادة حول الطريقة التي سيتم فيها الرد على ذلك قال القائد الشهيد صلاح خلف (أبو إياد ) عبارته المشهورة (إن الفلسطينيين والعرب عموما لن يفهمونا بعد اليوم ، إذا ما أخلينا الساحة مرة ثانية للإسرائيليين ، وإن واجبنا أن نكون قدوة لنثبت للعرب أننا جديرون بالشجاعة والشرف ).     أسرار المعركة وتفاصيلها  عندما قامت القوات الإسرائيلية بالإغارة في فجر ۱۹۹۸/۳/۲۱ ، على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد شمالا حتى جنوب البحر الميت والذي كان الهدف منه كما أعلن الإسرائيليون رسميا هو القضاء على مواقع الفدائيين من أبطال فتح في مخيم الكرامة الواقع على بعد 5 كيلو مترات من جسر الملك حسين ( الآن جسر الكرامة) وفي مناطق أخرى الى الجنوب من البحر الميت .   لم يكن هذا الهجوم مفاجئا الحركة فتح ولا للقوات الفلسطينية الأخرى في المنطقة ، حيث شوهد تحركات للقوات الإسرائيلية قبل العملية بيومين ، وأذاع ناطق باسم حركة فتح يوم ۱۹ أيار أن الجانب الإسرائيلي حشد خلال اليومين السابقين قوات كبيرة على طول نهر الأردن وفي اليوم نفسه أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن الإسرائيليين يعدون العدة لشن هجوم كبير على قوات الثورة الفلسطينية ، وقد رافقت هذه الحشودات تصريحات تهديدية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فقال "ليفي أشكول " رئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الكنيست :( أن الأردن لا يفعل شيئا لوضع حد لأعمال المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من أراضيه ، وسنضطر نحن لحماية أمننا ). وذلك خلال تعليقه على حادث انفجار لغم تحت عربة نقل ركاب كبيرة جنوبي النقب ، وكرر وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات الإسرائيلية أقوالا مماثلة.   وقد حشد الإسرائيليون لتنفيذ هذه العملية أربعة ألوية ضمت لواءين موزعين ولواء المظليين ۳۰ ، ولواء المشاة ۸۰ تدعمها وحدات من المدفعية الميدانية (خمس كتائب مدفعية من عیار ۱۰۰ مم و 155مم) ووحدات هندسية عسكرية وتغطية جوية بأربعة أسراب نفاثة بالاضافة الى عدد من الحوامات كاف لنقل كتيبتي مشاة مع معداتهما وقد بلغ عدد هذه القوات خمسة عشر ألف جندي.   وفي الجانب العربي كانت وحدات رصد فتح وابطال - العاصفة تراقب تحركات وحشودات القوات المعادية الأهداف المتوخاة وتدارست قيادة فتح التدابير الواجب اتخاذها سواء بالمجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة من قبل العدو لتأتي ضربته في الفراغ - وفقا المبادىء قتال الحرب الشعبية ، وبعد مناقشة الموضوع بعمق قررت القيادة (الصمود الواعي) تحقيقا للأهداف التالية:   رفع معنويات الجماهير الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967.  تحطيم معنويات العدو وإنزال اکبر الخسائر في صفوفه.  تحقيق الإلتحام الثوري مع الجماهير حتى يصبح الشعب قوة منيعة .  زيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية ورجال الجيش الأردني .  تنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي.  اختبار ثقة المقاتلين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة مع قوات العدو. وجرى تقسيم قوات المقاومة الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام :  " الأول يوزع إلى عدة مراكز في الكرامة نفسها وحولها ويوزع الثاني بشكل كمائن على امتداد الطرق المحتمل سلوكها من قبل العدو ، وينسحب الثالث الى المرتفعات المشرفة على المنطقة ليكون دعما واحتياطا ".    خريطة سير المعركة  سير المعركة  تحركت القوات الإسرائيلية في الساعة الخامسة والنصف من صباح ۲۱ آذار ۱۹۹۸ علی أربعة محاور .  محور العارضة من جسر الأمير الى مثلث المصري فطريق العارضة - السلط الرئيسي . محور وادي شعيب من جسر الملك حسين الى الشونة الجنوبية - فالطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب السلط. محور سويمة من جسر الأمير عبد الله الى غور الرامة - ناعور فعمان . محور الصافي من جنوب البحر الميت الى غور الصافي فطريق الكرك الرئيسي.  ولكن المعارك الرئيسية دارت فعلا على المحاور الثلاثة الأولى، حيث عبرت القوات الإسرائيلية الغازية النهر تحت تغطية نيران المدفعية ، ولكنها ما كادت تتقدم مسافة ۲۰۰ متر حتى اصطدمت بمقاومة عنيفة أعاقت تحركها فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات أنزلت بعضها في غور الصافي للتمويه والتضليل ومعظمها في الكرامة، فتصدت لها قوات الثورة الفلسطينية وكبدتها خسائر فادحة كثيرة ، مما اضطر القيادة الإسرائيلية الى زج قواتها الجوية بكثافة كبيرة مركزة قصفها على مرابض المدفعية الفلسطينية ومواقع قوات العاصفة ومدفعيتها المضادة للطائرات ، وتابعت من خلال الحوامات الإسرائيلية نقل عناصر إضافية والعودة بالجرحی وجثث القتلى ، واستثمرت القوات المدرعة الاسرائيلية نتائج القصف الجوي والمدفعي المركز لمتابعة تقدمها، فأمكنها في الساعة العاشرة تقريبا الاتصال بالقوات المنزلة جوا في الكرامة ، ودارت بينها وبين سرية من قوات العاصفة معارك دامية ، بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية ثم بالسلاح الأبيض .   وفي الساعة 14.00 ، كانت خسائر الإسرائيليين قد تزايدت واتضح لهم مدى الثمن الذي سيدفعونه لقاء كل تقدم - وأمام ضربات أبطالنا من قوات الثورة الفلسطينية المتلاحقة والخاطفة ، ادعوا بأنهم قد أتموا تنفيذ المهمة الموكولة اليهم وبدأوا بالإنسحاب ، وكانت فلول الجيش الإسرائيلي الهاربة قد طلبت وقف إطلاق النار في الساعة ۱۱,۳۰ بواسطة الجنرال أدبول كبير المراقبين الدوليين ولكن القيادة الفلسطينية رفضت الطلب حتى انسحاب القوات المعادية الإسرائيلية بكاملها ،وقد تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 20.30، وتكبدت القوات الإسرائيلية خلال انسحابها أيضا خسائر كبيرة إذا تعرضت لها الكمائن التي بثتها قيادة الثورة الفلسطينية قبل المعركة.     أرادوها درسا لنا ولكنها كانت درسا لهم  من الجدير ذكره أنها المرة الأولى التي تتخطى فيها القوات الإسرائيلية نهر الأردن ، فقد توغلت مسافة عشرة كيلومترات على جبهة امتدت نحو 50 كيلو متر من الشمال الى الجنوب، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد آنذاك حاييم بارليف وقد حشد الجانب الإسرائيلي قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا القوات فتح ولأبطال العاصفة ، وأن يحقق بواسطتها نصرا سريعا يستغله في رفع معنويات الإسرائيليين التي بدأت تنهار تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولم تكن النتائج كماكان يتمناها الطرف الإسرائيلي فقد اعترف رئيس حكومته أمام الكنيست يوم ۲۰ أذار (أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة الإرهاب ).   وقال ناثان بيليد ممثل حزب المابام : (إن على قواتنا أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقا الأساليب القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة وطالب شموئيل تامیر عضو الكنيست بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للبحث في التعقيدات السياسية الناجمة عن عملية الكرامة ، وأضاف أن تخطيط العملية وتنفيذها يثيران أسئلة كثيرة تتطلب الإجابة وقد عبر يوري أفنيري عن فشل العملية بقوله : ( أن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئا من الأساس ، وأن النتائج أدت الى  نصر سيكولوجي للفدائيين الذين كبدونا خسائر فادحة في الأرواح والمعدات).    نقطة تحول  كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبرى بالنسبة لحركة فتح ولأبطال العاصفة خاصة والثورة الفلسطينية عامة ، وقد تجلى ذلك في سيل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، كما تجلی في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالثورة الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة ، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديدا للمقاومة الشعبية الفلسطينية مما شجع الشبان الأجانب على التطوع في صفوف قوات الثورة ، وتجلي ذلك أيضا في التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والهتافات المعادية التي أطلقت في وجه وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان أثناء جولته يوم ۱۹۹۸/۰/۷ في النرويج والسويد فقد سمعت ألوف الأصوات تهتف (عاشت فتح).   وعلى الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من إسترداد جزء من الكرامة التي فقدتها القوات العربية في حزيران ۱۹۹۷ والتي لم تتح لها فرصة شرف القتال ، ففي معركة الكرامة أخفق الجانب الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية والاستراتيجية لرفع معنويات الإسرائيليين بل ساهمت هذه المعركة في زيادة خوفهم وانعزالهم .  نتائج المعركة بلغت خسائر الإسرائيليين ۱۰۰ قتيل وأكثر من 150 جريحا وتدمير 45 دبابة و۲۵ عربة مجنزرة و ۲۷ آلية مختلفة وإسقاط 5 طائرات ، وخسر أبطال العاصفة ۱۷ شهيدا ، وقد دمر الإسرائيليون عددا كبيرا من المنازل وأخذوا معهم 147 عربيا من الفلاحين بحجة انهم من مغاوير العاصفة .  لو لم يكن اسمها الكرامة لأسميتها الكرامة  " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد " الساحل الفلسطيني " التقت أحد الضباط الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة الفعلية في هذه المعركة الخالدة ..وهو العميد   صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.  صائب العاجز قائد المنطقة الشمالية لقوات الأمن الوطني في السلطة الوطنية .. ليعيد شريط ذكرياته عن هذه المعركة فيقول : معركة الكرامة هي معركة فلسطينية بكل معنى الكلمة بين فتح والجيش الإسرائيلي وهی معركة تاريخية بالنسبة لثورتنا الفلسطينية وكان الهدف منها كما حدد لها من قبل الإسرائيليين هو القضاء على الثورة الفلسطينية في مهدها وتحطيم أمال وأحلام شعبنا في حق تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على ترابه الوطني. وانا أطلق اسم الكرامة على هذه المعركة حتى لولم يكن إسم الموقع الذي دارت فيه المعركة يحمل نفس الاسم وهو اسم علی مسمى (الكرامة).  هذه المعركة مميزة بالنسبة لنا، وكانت العناصر الأساسية التي اعتمدنا عليها في مواجهة الإسرائيليين كالآتي :  وضوح الهدف حيث أننا عرفنا مسبقا بأن الجيش الاسرائيلي ينوي القيام بعملية واسعة لاجتثاث قواعدنا العسكرية في منطقة الأغوار ، وكان مركز الهجوم الرئيسي لهم منطقة الكرامة. توفر الإرادة القتالية لتحقيق الدفاع عن الكرامة، وقد تدارسنا كيفية تحقيق ذلك ، هل وهناك قدرة لدى الفدائي على التصدي لجيش منظم ومزود بأحدث الأسلحة ، فالمهام الدفاعية معقدة جدا وتحتاج الى أسلوب ونظام في القتال يختلف عن أسلوب ونظام العمل الفدائي الثوري ، حيث أن نظام الدفاع يحتاج الى تجهيز هندسي عسكري ضخم بجانب تأمين دفاعي ضد الطيران وكذلك تأمين إداري ، فكل هذه الاحتياجات غير متوفرة لدينا ، فكان السؤال هل يمكننا مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية ، أو العمل بنظرية عدم المواجهة والهروب من أمام هذه الآلة ؟ فكان خيارناهو التحدي والمواجهة، وقررت القيادة برئاسة أبو عمار أن نقوم بواجبنا لكي نثبت لأنفسنا وللشعوب العربية أننا قادرون على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس ، ورفع معنويات القدرة القتالية العربية إثر نكدية ۱۹۹۷ ، ومن هنا توفرت الإرادة القتالية لمقاتلينا ، وبالتالي قررنا أن نواجه هذه الآله مهما كانت التضحيات . وضع خطة دفاعية مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي كان أمرا لابد منه تعتمد على الإمكانيات المتواضعة جدا على مواجهة هذا الوضع خلال 48 ساعة . تم اختيار مجموعة من القادة لوضع خطة عسكرية وتنظيم القوات المتواجدة في المنطقة لتتمكن من الدفاع عن هذه المنطقة، وكنت أحد المشاركين في وضع هذه الخطة، وكنا ندرك تماما مدى التفوق العسكري الإسرائيلي ، وللتغلب على ذلك كان أمام القيادة السياسية أن تربط بين الوسيلة العسكرية والوسيلة السياسية ، أو أن تقوم بإحكام الربط عن طريق التنسيق المسبق مع قوى الشعب الفلسطيني المختلفة وقوی عالمية خارجية لدعم فكرة الدفاع عن الكرامة .   بدأنا القيام بحرب نفسية ضد العدو في المنطقة المواجهة التي كان الاسرائيليون يقومون بحشد قواتهم فيها حيث شنت قواتنا عملیات مبكرة على طول و عرض خط المواجهة خاصة وأن لدينا معلومات عن هجوم اسرائيلي مرتقب.   وأود أن أشير هنا إلى أن القائد الفعلي في هذه المعركة هو القائد الرمز / أبو عمار الذي أجاد بحسه الوطني وبعد نظره قيادتها حتى النصر المظفر .   أما أنا فقد كنت حينئذ ضابطا برتبة ملازم أول ، وقد نزلت في المنطقة التي كنت أشرف عليها قوات المظليين بحواماتهم في الجانب الشمالي للكرامة حيث استطعنا القضاء عليهم ، وملاحقة فلول الهاربين منهم.  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني  معركة الكرامة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني   التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة. التقينا العميد ركن حسن أبو البدة حيث تحدث عن أبعاد هذه المعركة فقال: في هذا اليوم جرت على أرض الأغوار معركة حربية كبيرة كان لها أبعاد سياسية وقومية وشعبية وضعت بصمات واضحة على المسيرة الثورية الفلسطينية ، وفي ذلك اليوم هاجمت جحافل مدرعة من الجيش الاسرائيلي عبرت نهر الأردن شرقا الى قواعد الفدائيين الفلسطينيين مستهدفة تدميرها بحجة أن هذه القواعد تستخدم كمركز لانطلاق مقاتلينا ضد الغازي الاسرائيلي عبر نهر الأردن غربا.. وقد ألقي الجيش الاسرائيلي في المعركة بثقله القتالي مستخدما الطائرات والمظليين والمدرعات التوجيه ضربة اجهاضية للفدائيين في المنطقة ، مبيتا النية لتدمير البنية القتالية الثورية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر استنزاف للاسرائيليين وجعل احتلالهم للاراضي الفلسطينية في الضفة وغزة باهظ التكاليف .   وفي مواجهة هذه القوة الجبارة من جيش حديث لم يمض على انتصاره المدوي في يونية 67 ، غير أشهر معدودة .   في المقابل كان ينتشر في المنطقة المستهدفة بضع مئات من الفدائيين يتمركز ثقلهم الرئيسي في بلدة الكرامة حيث قيادة فتح وعلى رأسها القائد أبو عمار.  وبينما كان الجيش الاسرائيلي واثقا من النتيجة عندما دفع بخيرة قواته إلى أرض المعركة ضاربا طوقا محكما من الشمال والجنوب والشرق ، فقد كانت في انتظاره مفاجأة قاسية غيرت مجری المعركة لغير صالحه من ناحية تصميم الفدائيين - خصوصا فتح على التصدي للغزاة في كل مكان من أرض المعركة دون هوادة . وبدلا من تمشيط المنطقة وتنظيفها من الفدائيين وجد الجيش الغازي نفسه في ورطة  حقيقية طيلة نهار وليل الغزو والاجتياح ، وأجبر على انتظار ظلام الليل للهروب من المعركة والانسحاب الى غربي النهر، مخلفا وراءه عشرات الدبابات والمدرعات والعربات المصفحة على أرض المعركة.   بينما نزلت معركة الكرامة كضربة صاعقة وموجعة على أنف الغزو الاسرائيلي كانت نفحة معنوية عالية القيمة الفدائيين والشعب الفلسطيني ، وبلسما الجراح الأمة العربية النازف بعد هزيمة حزيران (يونيو) ۱۹۹۷ وبالتالي شكلت نقطة تحول أيجابي على مستقبل النضال الفلسطيني.   وكانت أصداء تلك المعركة العظيمة على مستوى التنظيمات الفلسطينية ، إذ برزت فتح كقائدة فتية للنضال الفلسطيني الصاعد وعلى المستوى الفلسطيني أن اندفع الشباب للالتحاق بالفدائيين أفواجا ..   أما على المستوى العربي، فقد احتضنت قلوب العرب في كل مكان الفدائيين وباتوا موضع التقدير والاحترام ، واستحقوا الدعم المادي والمعنوي بلا حدود مما حدا بجمال عبد الناصر أن يقول بحق (أن الفدائييين هم أشرف ظاهرة في العالم العربي). وجاءت التيجة المنطقية بعد أشهر قلائل، ففي شباط (فبراير) ۱۹۹۹ ، انتقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح ، وأصبح ياسر عرفات (زعيم فتح ) رئيسا للمنظمة وقائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية، وباتت تلك المعركة الجليلة علامة بارزة في تاريخنا الفلسطيني وعلى طريق نضالنا الطويل ودعامة أساسية من دعائم الوطن الفلسطيني ودولتنا المستقلة.

نشر - بتاريخ  - 10/إبريل /1996 - مجلة الساحل الفلسطيني  - عدد 13




 






تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -
    news-releaseswoman