أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

السر في أن الحجاج والعُمار وفد الله جل وعلا وضيوفه

الدليل الشامل للحج والعمرة

قال «صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم» : (الحجاج والعُمار وفد الله، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم)(1).
والسر في ذلك أنه جل وعلا لما دعاهم إلى بيته على لسان خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أجابوا دعوته بقولهم: (لبيك اللهم لبيك)؛ فصاروا بذلك وفد الله وضيوفه.
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: (فلو لم يكن فيها من الحكم إلا أن حقيقة الحج استزارة الرب لأحبابه، وأنه أوفدهم إلى كرامته ودعاهم إلى فضله وإحسانه، ليسبغ عليهم من النعم والكرامات وأصناف الهبات ما لا تدركه العبارة، ولا يحيط به الوصف) (۲).

واستحضار وشعور الحاج والمعتمر أنه وفد الرحمن وضيفه له معان، منها:

1. عندما يستحضر ويستشعر الحاج والمعتمر أنه وفد الله جل وعلا وضيفه حقا حينها سيجد أن حلاوة الإيمان تغمر قلبه، والفرح والسرور يملآن صدره، وسيجد اللذة والأنس بمناجاته، ذلك أنه ضيف عند ملك الملوك الرحمن الرحيـم الجـواد الكريم.
فلله المثل الأعلى لو أن رجلاً معروفا بالكرم والجود، وحلّ به أضياف دون دعوة منه، فماذا يا ترى يصنع بأضيافه؟!
لا شك أنه سيكرمهم ، ويقدر مجيئهم، فكيف إذا كان هذا الرجل قد دعاهم لضيافته فأجابوه ، أليس إكرامه لهم سيكون أفضل وأجود؟!!
فالله جل وعلا أعظم وأكرم وأجود لضيوفه الذين دعاهم فأجابوه من هذا الرجل لضيوفه.
2. شعور الحاج والمعتمر بهذه الضيافة تجعله يحس بقربه من ربه إذ هو في ضيافته، فيقوى بذلك رجاؤه وحسن ظنه به أن يقيل عثرته ويغفر ذنبه ويستجيب دعوته.
3. شعور الحاج والمعتمر بهذه الضيافة يجعله يستحي من ربه وهو في ضيافته وفي كنفه أن يقصر فيما أمره به، أو يقترف ما نهاه عنه، وبهذا يحقق الحاج قوله تعالى: ﴿ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجَ   [البقرة: ١٩٧]، وينال المعتمر أجر عمرته.
ولله المثل الأعلى ألا ترى أن الرجل إذا كان ضيفا عند أحد من الناس، يكون محترما له، فلا يتكلم أو يفعل أمرًا يعرف أنه يكرهه؟! وهذا ولا شك من مكارم الأخلاق والصفات الطيبة والسجايا الحميدة إذا كانت في حق بشر مثله، فكيف إذا كانت في حق الله جل جلاله؟!!

والحياء من الله جل وعلا من أعمال القلوب، إذ (الحياء شعبة من الإيمان)(3)، وقد أمر النبي «صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم» بالحياء من الله جل جلاله فقال عليه الصلاة والسلام: (استحيوا من الله عز وجل حق الحياء) قال: قلنا يا رسول الله: إنا نستحي والحمد الله، قال: (ليس ذلكم، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى، وليحفظ البطن وما وعي، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله عز وجل حق الحياء) (4).

مراجع

  1. رواه البزار رقم (۱۱۵۳) وغيره، وحسنه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (۳۱۷۳).
  2. (مجموع الفوائد واقتناص الأوابد) ص (٢٦٣).
  3. رواه البخاري رقم (۹) ومسلم رقم (٣٥) 
  4. رواه الترمذي رقم (٢٤٥٨) وحسنه الألباني في (صحيح الجامع) رقم (970).
تعليقات